فجأة ودون سابق إعلان نقل التلفزيون المغربي خبر تعيين عاملين في حركة فريدة من نوعها،فقد تم تعيين السيد بنذهيبة واليا على أسفي،ثم تلاه تعيين السيد صمصم على إقليمإفران، بينما تم تعيين السيد مولاي فؤاد المحمدي عاملا على إقليم تارودانت خلفا لبنذهيبة . في تلك الأمسية من يوم الخميس 16 نونبر2010 استقبل جلالة الملك هؤلاء المسؤولين ومدهما بظهائر تعينهما،حيث تابع المواطنون، والمواطنات بإقليمتارودانت بشغف شديد طلعة المسؤول الجديد على الإقليم،وهو يخطو للسلام على ملك البلاد ويؤدي القسم بين يديه،كانت قامته الهيفاء، وطلعته البهية توحي بأن الرجل الذي ترعرع في الشرق من الوطن والمعروف بجدية واستقامة أبنائه، سيكون فأل خير على ربوع الإقليم الذي توافد عليه سبعة عمال منذ إحداثه،وهم السادة البواب الذي أحيل على التقاعد، والسيد الطيبي الشعيرة الذي عمر بالإقليم لمدة عشر سنوات،وعاد مؤخرا لمهنة المحاماة، ثم السيد ماء العينين الذي أصبح كاتبا عاما للمجلس الإستشاري الصحراوي، ثم السيد عبد الفتاح البجيوي الذي رقي إلى درجة والي بجهة كلميم ثم السيد طريبة الذي أحيل على المعاش، ثم السيد بنذهيبة الذي عين واليا على جهة أسفي. في يوم السبت 18 نونبر2010 على الساعة الرابعة بعد الزوال، كان الجو ممطرا وغزيرا وقطرات الرحمة تتهاطل بازدياد على أرجاء مدينة تارودانت، في هذه الأجواء التي تعلوها الرحمة ،تم تنصيب السيد فؤاد المحمدي على إقليمتارودانت من طرف وزير التشغيل وقتها السيد جمال أغماني،فمن يكون هذا المسؤول الجديد الذي حضي بالثقة المولوية، وعين على رأس أكبر إقليم بالمملكة الشريفة. السيد فؤاد المحمدي هو من خريجي الفوج24 من المعهد الملكي للإدارة التربية وتعاقب على العديد من المسؤوليات بكل من فاس،وأسفي والبيضاء،فبل تعيينه كاتبا عاما بولاية مكناس،كان مختصا في تدبيرأقسام الشؤون العامة في أغلب المحطات التي زاول فيها مهامه،لم يدم الرجل في مسؤوليته الأخيرة بمكناس إلا لبضعة أشهر،وكان آخر عمل قام به هو التفاتة اجتماعية رائعة اتجاه فريف النادي المكناسي لحل مشاكله المالية حيث شرع في ربط اتصالات مع بعض الفعاليات الإقتصادية قصد المساهمة في إنقاذ فريق النادي المكناسي من أزماته،لكن خبر تعيينه عاملا على تارودانت نزل كالصاعقة على الجماهير المكناسية التي عقدت عليه آمالها لإعادة أمجاد حميدوش إلى سماء مكناس. يوم الإثنين الماضي18 نونبر الذي يصادف ذكرى عيد الإستقلال،مرت ثلات سنوات على تنصيب السيد فؤاد المحمدي على إقليمتارودانت، فما هي الإضافة التي قدمها للإقليم؟ ما هي أهم إنجازاته؟وأين تكمن بعض هوامش الخلل والتقصير؟ أول ما أدهش المواطنين والمواطنات بالإقليم هي طريقة التواصل التي اعتمدها الرجل مع كل مكونات المنطقة،حتى أنه كان يتنازل على الصورة النمطية التي ترسخت في الأذهان عن رجال السلطة السابقين، كان مكتبه مفتوحا على مصراعيه للقضايا، والشكايات ،سواء تعلق الأمر بالمواطنين البسطاء،أو هيآت المجتمع المدني أو المنظمات الحقوقية،والنقابية والهيآت السياسية،التي استحسنت طريقته في الإستماع،والحوار وتتبع القضايا ثم إيجاد الحلول المستعجلة و الملائمة للقضايا المطروحة، بالإضافة إلى جولاته العملية المستمرة في كل أرجاء الإقليم للتعرف عن كثب على المشاكل التي تعاني منها الساكنة ، حيث يباشر عمله بالإنصات المباشر، سواء في الإجتماعات المفتوحة أو الأسواق أو حتى في الطرقات . من فلسفة التواصل الجيد والإيجابي،انتقل السيد العامل إلى رسم خريطة بعيدة المدى تتعلق بتنمية الإقليم،عبر تفعيل الرؤية الإستراتيجية ومخطط التنمية لإقليمتارودانت في أفق سنة 2030 لاستشراف آفاق الإقليم ولصياغة إطار استراتيجي لفائدة التنمية في شتى القطاعات، من تخطيط حضري،، واقتصاد وإسكان،، وبيئة وفلاحة، ومرافق عامة، إضافة إلى وضع خطط لتنفيذها،مسألة أخرى طرحها الرجل في اجتماعات رسمية وهو ملف التدبير المفوض لبعض القطاعات،خصوصا منها قطاع الواد الحار، الشيء الذي استجابت مع فكرته العديد من الجماعات والبلديات، باستثناء بلدية تارودانت التي لها مبرراتها الخاصة،موضوع آخر لقي اهتماما خاصا هو ملف التنمية البشرية وتدبيرها حيث كان جيدا على العموم بل أن منظمات خارجية أشادت بالجهد المبذول بالمنطقة، وصنفت الإقليم في المراتب الأولى على الصعيد الوطني،بالنسبة للمشاريع كان عنوانها الأبرز هو فك العزلة على العالم القروي،وإنجاز العديد من الطرق، والقناطر بالإقليم، ومد قنوات الماء والكهرباء لأقصى الدواوير، والربط الطرقي مع العديد من الجماعات،كما يحسب للرجل في قطاع التعليم أنه كان وراء إحداث نواة لكلية الشريعة بتارودانت، وكذا تأسيس مؤسسة المدارس العتيقة بسوس، التي أعطت توهجا للإقليم وانفتاحا كبيرا لهذه المدارس على محيطها الخارجي. بالنسبة للأنشطة الإشعاعية ساهم السيد فؤاد المحمدي في إعطاء حجم أكبر لسباق الطريق في ميدان ألعاب القوى،ثم المعرض الدولي الذي احتضنته عاصمة الإقليم،ثم حضوره الشخصي أخيرا وراء نجاح ملتقى تربية الأبقار ذو البعد الفلاحي الذي أشاد به الكثير من الخبراء الأجانب والمغاربة المختصين في الميدان. على مستوى علاقاته بالموظفين ورجال السلطة، والمصالح الخارجية اتسمت بالجدية والصرامة والإنسانية تجلت في تكريم الكثير من الموظفين ورجال السلطة سواء المحالون على المعاش أو الذين انتقلوا إلى مناطق أخرى أو حتى المرضى منهم، كما لابد أن نشير إلى وقوفه وراء بعض التغييرات الطفيفة على مستوى رؤساء الأقسام بالعمالة،إلا أن هناك ملاحظة على مستوى رئيس قسم المالية التي يوجد على رأسه حاليا رجل سلطة عكس ما هو مطلوب من أن يتحمل هذه المسؤولية إطار من الموظفين يخضع لمراسيم وشروط المباريات حسب مذكرة الوزير الأول في هذا الشأن. إلا أن النقطة الأبرز في مسيرة السيد العامل بالإقليم هو انفتاحه الكبير على أسرة الإعلام والصحافة، ومدعم بالمعلومات الوافية والتصريحات وحضور أنشطتهم،وتخصيص قسم للصحافة والإعلام بالعمالة يتواصل باستمرار مع المراسلين والصحافيين على المستوى الجهوي والوطني بالإضافة إلى الجمعيات الصحافية بالمنطقة. بالنسبة للإجتماعات التي يترأسها يتبين أن الرجل يكتسب مهارات فريدة وروعة جميلة في فن الخطابة و الإستماع بل أنه كان يشارك أبسط الحاضرين في المناقشة والتدخلات ويستمع لآرائهم ويدونها ثم يعود إليها في الحلول المطروحة ويعطي الأوامر للمسؤولين المباشرين لكل قضية لمعالجتها في حينها وتتبع ملفاتها،وحتى غضباته الناذرة يتعامل معها بشكل سيكولوجي تبلغ أهدافها بدون أن يظهر على المحيى أية علامات للغضب أو التشنج. كانت هذه بصفة عامة هي إيجابية الرجل المسؤول عن أكبر إقليم بالمملكة بحجم دولة لبنان، أو بلجيكا ب89 جماعة وشساعة أطراف إقليم كان الأولى به أن يستوعب ثلاثة أقاليم.فما هي سلبياته أو الخلل الذي رافق مسيرته؟ يرى بعض المتتبعين،أن عاصمة الإقليم لم تحضى باهتمام كبير من طرف العامل أو جلب مشاريع لبنيتها التحتية أو إضافة أي شيء لها لحد الساعة عكس سابقه الذي جلب بعض المشاريع اعتبارا لعلاقاته المتشعبة مع أصحاب القرار . وهنا يتساءل الملاحظون عن الميزانيات المرصودة سابقا وهل تم صرفها بنوع من الشفافية المطلقة؟ أم أن المدينة كانت ضحية لمزانية أوراش ومشاريع لم تستفيد منها إلا بشكل جزئي وغير شفاف و واضح.كما أن ملفات أخرى كالسياحة و التراث المحلي والرياضة والملك العمومي والأمن والملفات النقابية وقضايا الشغل والنظافة والبيئة لم تصل بعد إلى مستوى تطلعات الساكنة وإن كان جانب منها تتحمله الجماعات والبلديات ومصالح أخرى. في اعتقادنا المتواضع تبقى هذه الثلاث سنوات من عمل السيد فؤاد المحمدي إيجابية بكل المقاييس خصوصا إذا استحضرنا حصيلة من سبقوه لهذه المسؤولية الجسيمة بالإقليم، دون أن ننسى أن دور العامل هو تمثيل السلطة المركزية في الجماعات الترابية والعمل باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها وممارسة المراقبة الإدارية . وتبقى التساؤلات المطروحة هل المجلس الإقليمي والجماعات المحلية والبلدية و المصالح الخارجية وكل مكونات الإقليم ساهمت في إنجاح مهمة السيد العامل بنفس الحماس والمنهجية والشفافية التي ابتغاها؟ أسئلة ستبقى مطروحة لكن ستجيب عليها الأيام القادمة إن كان في العمر بقية.