لفت انتباه في محطة القطار حوار رجلين تبين لي في ما بعد أنهما فلاحين يتبادل طرفي الحديث حول الموسم الفلاحي لهذه السنة ،"سبحان الله الأرض ناشفة هذ العام ، لا قطرة ولا رحمة …….." ويختمون الحوار بعد طول تأفف من تأخر الأمطار بالقولة المغربية الشهيرة "نقو لوا العام زين " تفاؤل وثقة وطمع في كرم الله في إنزال أمطار الغيث ،وكيف لا والتفاؤل سمة طاغية على الموسم البرلماني الحالي بفضل بركات حكومتنا النصف ملتحية ،التي تجزم بموسم مطير في كنف أحضانها الباردة … وحسب مخيلتي الطفولية المثخنة بأحلام السرمدية فهذه السنة ستكون سنة سعد وبركة عليا وعلى كل المغاربة بتزكية برلمانية ،بمعنى المطر سيهطل على قدر الحاجة ، والموسم الفلاحي سيغطي الحاجيات الداخلية ويحقق الاكتفاء الذاتي ،بل سيحصل تضخم إنتاجي تتهافت على إستراده كل الدول طبعا وكيف لا ونحن أهل الجودة والخبرة ،وبذلك يحقق الميزان التجاري فائض ،ويستثمر هذا الفائض في القطاع الصناعي وتنتعش الصناعات الثقيلة والخفيفة، وبتالي تتاح فرص الشغل التي سوف تبتلع كل البطالة المغربية ،بل سوف نضطر إلى جلب العمالة الأجنبية من الخارج. وننافس القوى الشريرة العظمى في النووي ،والصعود إلى الفضاء ،وننتج أفلام كرتون بصبغة مغربية تحقق شهرة تتجاوز "توم وجيري"،ومحلات ومطاعم "للخليع والطنجية" تنافس ماكدونالز… ونحقق الرفاهة و"النشاط حتى شاط "،وتلغى كل المشاكل الماضية والحاضرة والمستقبلية ،وكل المطالب الشعبية لأن الكل سيكون سواسية ،ونصبح في أفق مغني لكل مواطن ،وحمام بلدي بطوله وعرضه لكل أسرة إلخ . والأهم أن الشرعية ستطبق ،والعدل سيسود ،والإجماع الوطني لكل النوازل سيكون سيد المواقف ،المهم حتى لا تغرقوا مثلي في وحلي طين أحلامي البوكيمونية ،أرفعوا أيدي الذارعة لله بأن يلطف بعقول ممثلينا ليس الدارمين ولا كوميدين بل البرلمانيين وحصول القول "قولوا العام زين".