تواصل الدبلوماسية المغربية تحقيق انتصارات متتالية داخل القارة الأفريقية، في وقت تتزايد فيه عزلة الكيان الوهمي "البوليساريو" رغم الحملات الإعلامية المكثفة التي تقودها الجزائر لدعمه. وقد بات واضحًا للمجتمع الدولي أن هذا الكيان ليس سوى أداة سياسية من صنع النظام الجزائري، الذي يستخدمه كوسيلة لتعطيل استقرار المنطقة وتعزيز نفوذه الإقليمي. ومع التحولات المتسارعة التي تشهدها القارة الأفريقية، تتضح ملامح التغيير في موازين القوى داخل الاتحاد الأفريقي، حيث يتسع نطاق الدول التي تسحب اعترافها بالبوليساريو، مقابل تنامي الشراكات الاستراتيجية للمغرب، التي تعزز دوره كقوة اقتصادية وسياسية في القارة. الكيان الوهمي في طريقه إلى العزلة والزوال تشير المعطيات الحالية إلى أن عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الانفصالي بلغ 37 دولة، أي أكثر من ثلثي أعضاء الاتحاد الأفريقي، وهو ما يمثل نسبة كافية لتجميد عضويته وفقًا لأنظمة المنظمة. في المقابل، لم يتبقَ لهذا الكيان سوى 17 دولة تدعمه، ومعظمها تربطها علاقات استراتيجية متزايدة مع المغرب، ما يجعل مواقفها عرضة للمراجعة. في ظل هذا التراجع الكبير، تجد الجزائر نفسها أمام معضلة دبلوماسية حقيقية، حيث تواجه سياساتها الخارجية معارضة متزايدة داخل القارة وخارجها. ورغم استمرارها في تقديم الدعم المالي والسياسي للبوليساريو، إلا أن هذا النهج يواجه تحديات متزايدة نتيجة الضغوط الدولية والإقليمية. تحولات في مواقف الدول الأفريقية: بوادر تغيير استراتيجي رغم أن بعض الدول الأفريقية ما زالت تحتفظ بمواقف داعمة للبوليساريو، إلا أن التغيرات السياسية والاقتصادية الأخيرة في القارة تدفع نحو إعادة النظر في هذه المواقف. ففي ظل تطور المشهد الجيوسياسي، بدأت العديد من الدول تدرك أن دعم كيان غير معترف به دوليًا لا يخدم مصالحها الاستراتيجية. بالمقابل، تقدم المملكة المغربية فرصًا واعدة من خلال استثماراتها الضخمة ومبادراتها التنموية في أفريقيا، مما يجعلها شريكًا موثوقًا وقادرًا على تقديم حلول ملموسة في مجالات البنية التحتية، والتجارة، والأمن، والتنمية المستدامة. وبفضل هذه الدينامية، تزايدت المطالبات داخل أروقة الاتحاد الأفريقي بضرورة مراجعة وضع البوليساريو داخل المنظمة، باعتبار أن استمرار عضويته يتناقض مع القوانين الدولية، ومع حقيقة أن هذه "الجبهة" ليست سوى كيان مصطنع يخدم أجندة الجزائر. الدعوات إلى تجميد عضوية البوليساريو: نحو إعادة رسم موازين القوى تزايدت الأصوات داخل الاتحاد الأفريقي الداعية إلى تجميد عضوية البوليساريو، وهو ما يمثل تحولًا استراتيجيًا في مواقف العديد من الدول الأفريقية. ومع تراجع الدعم لهذا الكيان، يبرز المغرب كقوة فاعلة ومؤثرة داخل القارة، خصوصًا بعد عودته القوية إلى الاتحاد الأفريقي سنة 2017. ويُعد هذا التحول نتيجة مباشرة لجهود المغرب الدبلوماسية، التي ركزت على بناء شراكات قوية مبنية على المصالح المشتركة والتنمية المستدامة، بدلًا من الشعارات الأيديولوجية التي لم تعد تجد صدى لدى معظم الدول الأفريقية. طموحات المغرب في القارة: استثمار في الاستقرار والتنمية منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي، تبنّى المغرب مقاربة شاملة تقوم على تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة. فبالإضافة إلى استثماراته الاقتصادية، يشارك المغرب بشكل فعال في جهود مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والتغير المناخي، وهي تحديات رئيسية تواجه القارة. كما أصبحت المملكة شريكًا أساسيًا في العديد من المبادرات الأفريقية، حيث تقدم مشاريع بنية تحتية كبرى، وتسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، وهو ما يعزز مكانتها كفاعل رئيسي داخل القارة. نهاية وشيكة للكيان الوهمي مع تزايد العزلة الدولية والإقليمية التي تواجهها البوليساريو، يبدو أن أيامها داخل الاتحاد الأفريقي أصبحت معدودة. فالمغرب، بدبلوماسيته الحكيمة، نجح في إعادة تشكيل المشهد السياسي داخل المنظمة، ودفع العديد من الدول الأفريقية إلى مراجعة مواقفها التاريخية، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية الحالية. أما الجزائر، ورغم محاولاتها الحثيثة لإنقاذ البوليساريو عبر حملات البروباغاندا والدعاية المغرضة، فإنها تجد نفسها في مواجهة واقع جديد، حيث أصبح المغرب لاعبًا أساسيًا في رسم مستقبل القارة الأفريقية. إن التطورات الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق المزيد من المكاسب الدبلوماسية داخل الاتحاد الأفريقي، بينما يزداد الكيان الانفصالي عزلةً، وهو ما يمهد الطريق لإعادة ترتيب موازين القوى في القارة، لصالح الاستقرار والتنمية الحقيقية التي يسعى المغرب إلى تحقيقها.