تشهد العديد من جهات المملكة تطورات مقلقة فيما يخص الوضع الوبائي لمرض الحصبة (بوحمرون)، حيث تم تسجيل 3 آلاف و355 إصابة جديدة بين 10 و16 فبراير الجاري، بالإضافة إلى 6 حالات وفاة. وعلى الرغم من تسجيل انخفاض طفيف بنسبة 3.4 في المائة مقارنة بالأسبوعين السابقين، إلا أن الأرقام المسجلة تعكس استمرار انتشار الفيروس في عدد من المناطق، وهو ما يستدعي تكثيف الجهود للحد من تفشيه واتخاذ تدابير أخرى جديدة لمقاومة هذا المرض. في هذا السياق، كشف الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات الصحية، أن العدد الإجمالي للإصابات بالحصبة منذ نهاية عام 2023 وحتى بداية 2025 بلغ 25 ألف حالة، فيما تسجل حاليا أكثر من 3 آلاف و300 إصابة أسبوعيا، ما يعكس خطورة الوضع، مبرزا أن تسجيل 6 وفيات خلال أسبوع واحد يعد مؤشرا مقلقا، خاصة أن مجموع الوفيات خلال ال 15 شهرا الماضية بلغ 120 حالة فقط. أوضح حمضي أن الأسبوع الذي تم فيه تسجيل هذه الأرقام هو الثاني بعد العطلة المدرسية، وهي فترة تعرف بارتفاع معدل انتشار الفيروسات بسبب عودة الأطفال إلى المدارس، موردا أن المناطق التي كانت تعرف تفشيا كبيرا ل "بوحمرون" شهدت تراجعا طفيفا، بينما المناطق التي لم تكن تعرف انتشارا واسعا للمرض بدأت تشهد ارتفاعا في الإصابات، مثل جهة كلميم واد نون وجهة الشرق، وهو ما يعزى إلى التنقلات الكثيفة خلال العطلة. وحذر ذات الطبيب من أن الأسابيع المقبلة قد تشهد ارتفاعا في الإصابات والوفيات، خصوصا مع دخول فصل الربيع الذي يعد فترة خصبة لانتشار المرض، مشددا على أن التلقيح يعد السلاح الأساسي لمواجهة هذا الوباء. وصلة بعملية التلقيح، أورد الطبيب أن 52 في المائة من الأطفال المستهدفين بالتلقيح قد حصلوا على اللقاح، وهو ما يعتبر رقما جيدا لكنه غير كاف للحد من انتشار الفيروس، داعيا إلى ضرورة استكمال تلقيح باقي الأطفال من أجل كبح انتشار الفيروس ومنع تحوله إلى وباء واسع النطاق. أما فيما يخص مستجدات مواجهة "بوحمرون" في المغرب، قال مولاي سعيد عفيف، اختصاصي طب الأطفال وعضو اللجنة العلمية للتلقيح ضد كوفيد 19، أنه يتم حاليا تسريع وتيرة الحملة الاستدراكية للتلقيح، بتعاون بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزارة الداخلية. وأكد عفيف أن هذه الحملة التي تهدف إلى تعزيز معدلات التغطية التلقيحية للأطفال دون سن 18 عاما في جميع أنحاء المملكة، تشمل مراجعة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي للتأكد من استكمال الجرعات الموصى بها، خاصة أن لقاح الحصبة يتطلب جرعتين لضمان الفعالية الكاملة. وتحدث ذات الطبيب المختص عن إمكانية تلقي جرعة ثالثة من اللقاح في حالة الشك، مؤكدا أن هذا الأمر لا يشكل أي خطر، بل على العكس، يساهم في تعزيز المناعة، خاصة في ظل الأوبئة الحالية، موضحا أن اللقاح المستخدم ليس جديدا، بل تم اعتماده منذ أكثر من أربعة عقود، وهو ناجع وآمن. ونبه عفيف إلى إعلان الجمعية العالمية لطب الأطفال عودة بعض الأمراض عبر العالم، مثل شلل الأطفال، مما يدق ناقوس الخطر، داعيا الأسر إلى الإلتزام بجدول التلقيحات الذي يحمي من 13 مرضا معديا، بما في ذلك الدفتيريا والسعال الديكي والحصبة والكزاز. وفي ظل انتشار بعض الشائعات التي تلاحق اللقاحات، شدد عفيف على أن مروجي هذه المعلومات المغلوطة يتحملون مسؤولية كبيرة في انتشار الأمراض، داعيا الأسر إلى الإلتزام بجدول التلقيحات وضمان حماية أطفالهم والمجتمع من الأمراض المعدية.