زار الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني المغرب مؤخرًا، في خطوة تؤكد مرة أخرى عمق العلاقات بين الرباطونواكشوط، وتجدد الثقة المتبادلة بين البلدين. خلال هذه الزيارة، عبّر الرئيس الموريتاني عن دعمه القوي لمشروع الأنبوب الأطلسي المغرب-نيجيريا، وهو مشروع استراتيجي يهدف إلى تعزيز الأمن الطاقي وربط دول القارة الإفريقية عبر بنية تحتية حديثة. كما أعرب عن دعمه للمبادرة الملكية المغربية التي تسعى لتسهيل ولوج دول الساحل الإفريقي إلى المحيط الأطلسي، وهي مبادرة تعكس التزام المغرب بتعزيز التكامل الإقليمي وخدمة المصالح المشتركة لدول المنطقة. في المقابل، لم تتأخر الجزائر عن محاولة عرقلة هذه المبادرات المغربية، الأسبوع الماضي، حيث قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بزيارة مفاجئة إلى نواكشوط، في محاولة تبدو يائسة للتأثير على الموقف الموريتاني وإبعاده عن دعم المشاريع المغربية. لكن هذه المحاولات اصطدمت بحقيقة واضحة، العلاقات المغربية-الموريتانية أعمق وأقوى من أن تهتز بمثل هذه التحرشات الدبلوماسية. إن التاريخ والجغرافيا يلعبان دورًا كبيرًا في رسم معالم هذه العلاقة، فالمغرب وموريتانيا تربطهما علاقات تاريخية وثقافية ممتدة، تعززها المصالح المشتركة والرؤية الموحدة لمستقبل المنطقة. المغرب يضع موريتانيا دائمًا في قلب استراتيجياته الإقليمية، ليس فقط كشريك اقتصادي وسياسي، ولكن أيضًا كحليف استراتيجي يشارك نفس الطموحات. أما حكام الجزائر، فيبدو أنهم يرفضون قراءة هذا الواقع، هم يتعاملون مع الدبلوماسية كأنها لعبة شد الحبل، متناسين أن الحبل قصير جدًا، وأن موريتانيا، برؤيتها الحكيمة، تختار دائمًا الابتعاد عن هذه المناورات العقيمة. زيارة تبون إلى نواكشوط لم تغير شيئًا؛ الابتسامات الرسمية لم تخفِ الحقيقة، موريتانيا عادت بسرعة إلى تعزيز تعاونها مع المغرب، وتركت الجزائر تتساءل عن جدوى الأموال والجهود التي صرفتها على رحلة بلا أثر يُذكر. مشروع الأنبوب الأطلسي والمبادرة المغربية لدعم دول الساحل ليست مجرد أفكار على الورق؛ هي مشاريع استراتيجية تحمل رؤية بعيدة المدى لخدمة القارة الإفريقية بأسرها. دعم موريتانيا لهذه المشاريع يثبت وعيها بأهمية الانخراط في سياسات تخدم التنمية والتكامل الإقليمي، بدلًا من الانجرار خلف محاولات التشويش التي لا تقدم شيئًا للمنطقة. إن تحركات الجزائر في الساحة الإفريقية باتت مكشوفة، سياسة قائمة على ردود الفعل ومحاولات التشويش بدلًا من البناء. في المقابل، يظل المغرب يقدم نموذجًا مختلفًا، دبلوماسية هادئة قائمة على الشراكة والتنمية المستدامة، ويد ممدودة لجميع الدول الأفريقية لتحقيق مستقبل مشترك. العلاقات المغربية-الموريتانية أثبتت أنها قادرة على الصمود في وجه محاولات العبث، التاريخ والجغرافيا، والثقة المتبادلة بين القيادتين، أكبر من أي "زيارات طارئة" أو مناورات بلا جدوى. حكام الجزائر قد يعتقدون أن بإمكانهم تحريك هذه العلاقة، لكنهم يجدون أنفسهم في النهاية أمام حقيقة مرة، الأواصر المغربية-الموريتانية لا تهتز، وموريتانيا، كما فعلت دائمًا، تختار الوقوف إلى جانب من يبني، لا من يهدم.