زفرة من قفص صدر ما فقه من الحياة معنى وسخط على دنيا ما استنزفت منها قطرة ندى بعد، "اشحال مملة الدنيا"! آية من عند الهر سبحانه وتعالى وهبه ارتضيتها وعزت علي تنهيدتها وما أتمة الربيع الثامن. لا أذكر بداية المصيبة ولكن أذكر ما تلاها، أذكر دوار المرابيح والصبية وئام، وجه البراءة المرتق ومنجلا يحصد قسمات غفلتها الطفولة وبكرة مغصوبة. يا ألله بأي وزن شكل إبليس قلب الغادر وما مدى حجم العين التي جعلت تقلم الصبا. وأذكر ما تلاها كما أذكر فطومة الغندور رضيعة أتمة الفطام بأصبعها ترسم على تراب الحارة، "ليت دام وأد البنات"؟!. ومادام لم يدم فهناك المجند لرد الجاهلية الأولى. وكأنه يقول "ما فيديكوم…وفين احكامكم…" "اشحال مملة الدنيا" قالتها (آية) بعدما أذيع رسميا اختطاف الطفلة (سليمة). سليمة لم تسلم من لحظة سهو وذرة ثقة هي البقية الباقية بيننا. شكون سبب البلا شكون سبب المحنة ياك ما فالوسم غير احنا وما سرقنا غير اللي منا سليمة. شدتنا، رمت بنا من أسفل سافلين إلى أعلى عليين، قذفت بنا من الأرض إلى الشمس نحو القطب. سليمة لبست صور أطفالنا واحتذأت وجوه أبنائنا، ترتاد المدرسة، ولا تلعب في الطريق، ترتاب من كلمة طيبة وتشك في هدية حلوة. تهرب من همسة وتختفي من نظرة. سليمة تتعثر وتحذر السقوط، تغفو وتذر النوم، تلعب وليس مع الكبار، تبتسم و تسر الضحك، سليمة شبح طفولة. "بين الجمال ما يعيشو دجاج" دسها سارق بين جموعنا، وجعل سليمة من أكباش الفداء، سرقت، غابت، اختطفت، مقصود فينا التشتيت، وما التأم جمعنا، محبوكة فينا الفتنة، وما جبر طبعنا. هم الشررة ونحن الطيبون، ومن طيبتنا وحسن نيتنا استسلمنا لسذاجتنا: "دير النية ونعس مع الحية" هو الخبل والغفلة بعينها لم نحسن القراءة منذ بداية الصفحة فكانت لنا الصفعة: "دير النية وقطع راس الحية". فات عنا الأوان، وما عاد ينفع قطع رأس الحية، لأنها تناسلت وعددت جحورها؛ في وقت استراحة اتخذناه مناقشة للمساطر القضائية، وإعادة نظر في مواد حكمية، وتجادل حول تطبيقات ما أنجزت. وفي النهاية كان كل شخص يلوم شخصا ما عندما لا أحد عمل عملا من المفروض أن أي شخص هو الذي يعمله. حلقة مفرغة بدايتها ونهايتها هو شخص. مسيرة لأجل سليمة في كل بقعة من هذا الوطن، مع أننا نسير نفس المسيرة كل يوم ذهابا وإيابا مع أطفالنا نحو المدرسة. لم يعد ينقصنا إلا وضع أبنائنا ذكورا وإناثا ما من فرق، في أقفاص حديدية وجرها نحو قاعة الدرس، وما يكفينا، بل جعلنا نفكر في تلبيسهم سراويل داخلية من فولاذ تلتحم. وعن قضاء الحاجة؟، الأفضل عندنا غسل قذاراتهم ورشهم بريح المسك على تنظيف دمائهم ورشهم بماء الورد، قلوبنا هشت وما عاد منا من بطل يحتمل. مسيرة لأجل عذراواتنا المغصوبات. ومن تسائل بعد عشر سنوات: كم سيقام من عرس وكم ستقدر ميزانية الأفراح ومن الخيام المنصوبة للتضامن مع سليمة كم منها سينصب لزفاف "وئام". بعد عشر سنوات فقط، وهي ليست تاريخا، من سيضع فصلا في الدستور يرفع العار عن طفلة ذبح صبحها غدرا. أم انه ستكون استباحة البكرة الصناعية والتي منها اغتنى عدد من الأطباء ولو أدو القسم، المهم كم تأذي والعذرية كنز. أقول هل سيباح إضافة البكرة الصناعية إلى فصل من الفصول؟ ويمكن أن يعوض فصلا آخر لم يعد معمولا به؟ الفرصة مواتية والغفلة حضرت ما دام " الزمزمي" أباح ترقيع البكرة وجعلها بمثابة ترميم أسنان المرأة، وكأن المرأة واجهة محل تجاري راق ملزوم علينا مسحه ولو بكم أقمشتنا. " الزمزمي" فتح المزاد و…"أمن يشري". منذ زمن ونحن مرتابين من عزوف شبابنا عن الزواج، ارتأينا عذرهم ورجحنا قلة العمل سببا لهذا العزوف، فخلقة الأوراش ونمت البادرة، وحال أخي لم يتغير ويتبدل، ظل عزوفا زاهدا يصوم الدهر. وهمس لأمي يوما من إلحاحها؛ الأصل في بعض الأسباب هو الريبة من صحة العذرية. طلسم لم نعد نفقه له معنى. و…"خلي داك الجمل راكد"!. شهامة منا أن نندد ونتعاطف ونتضامن، و هل فينا مروة نشتد بها ونقود "الهدية" بالزغاريد والطبول والرقص بين قطع "الدفوع" نعلن دون خجل خطبة الصبية التي قبل زمن كانت ضحية. أم أنه سيصبح خيارها بين شيخ أفنى عمره ولزمته يد رطبة تقلبه في مرقده، وبين شاب مخبول غائب العقل لا يفهم نوع الشيء المرأة. كما يمكننا تحليل الحرام ولو لليلة واحدة، فندس المخدر للعريس حتى تمر الليلة على خير، ومن اجتهد ف" تحراميات " التدليسات علم قائم بذاته. أظن أنه منذ الآن علينا أن نعيد رسم لون الفرح وصيغة دعوة العرس. فابن العم لا يغفر العار والأخ أمام أقرانه لا يقبل التدليس والأب بين الجيران لا يسعده إلا: "… راه درت لباك مزية". ولأجل سليمة عميدة الناشئة ستحبل العجائز وتلد الإناث والذكر ولن نخشى على بناتنا البور، فالنكاح بالمثنى والثلاث والربع. المهم أن زمن الغصب والوأد اضمحل. ولأجل زكرياء الصبي المغضوب على غاصبه، سنمنع انبعاث " سدوم وعمورة "، وبعد كل صلاة سنخزي قوم لوط وندعو لهم بعذاب السعير وبيننا وبين نسلهم المشتت كالدود يزحف مذلولا سنشعل خنادق حامية يصلى فيها من عذاب الدنيا. قصاصنا ل "زكريا وأحمد وعمر" ولكل جنس الرجل، يشتعل فينا العزم على أن نواصل الدرب وتزغرد الأم وتردد النسيبة "… وهيا مولاي السلطان هز عينك…" تماما مثلما نهيأ لعرس "وئام". هم أولادنا من أصلابنا ولأجلهم محيانا. نحن لا نملك إلا الدعاء من أجل سليمة وزكرياء، كل بناتنا من رضيعة إلى عروس ما أدركها الدخول بعد هي سليمة، وكل أبنائنا من صبي ما شهده الختان إلى بطل لم يشق بكرة هو زكرياء. وحتى تبتسم آية راضية عن الدنيا سأحبس غيضي وأكتم كرهي ولن أجعلها تسمع المتشرد المتربص في طريق المدرسة يسخط: "الله ينعلها حياة".