أعلم أنه سيخرج علينا الرفقاء والثوار المباركون ليعزفوا على “ڭنبري" المخزن.. كما نعزف نحن في كل مرة على قيتارة المؤامرة! المخزن هو الذي أنجح حزب العدالة والتنمية، والمخزن هو الذي أدخل الأزمة الاقتصادية، والمخزن هو الذي قال للمينورسو أن يزيد من صلاحياته، حتى يظهر المخزن أنه عبقري في دبلوماسيته وسياساته، والمخزن هو الذي نجح شباط على رأس الاستقلال، والمخزن هو الذي قال “لشباط" انسحب فاستقال.. الذين يتحدثون بهذا المنطق يجعلونني أشك أن المخزن سلطهم علينا ليظهروا بمظهر “عيشة الدويبة" التي تفطن لكل شيء قبل أوانه، والحقيقة أنها لا تطمح إلا لحب السلطان وسلطانه! و الحقيقة أن خلال استجواب “لشباط" في بداية هذه السنة، صرح أن كل المناصب التي شغر ابتداء بنضالاته النقابية إلى ترأس أقدم حزب مغربي كانت بطريقة الانقلاب على سابقيه. يعني أن سعيه ليس أبدا سعي جهد وأحقية، إنما سعي الخديعة والاحتيال وقلب الطاولة بعد أن يأمن له الغير. صعود “شباط" إلى الأمانة العامة لحزب الاستقلال كان بسبب تردي سمعة الحزب الذي جعلت منه عائلة “الفاسي الفهري" أداة استعمار وطني علني للمؤسسات الحكومية واستغلال للنفوذ والسلطة لأجل تركيم الثروة والتمكن من القطاعات الخاصة، وقد كان حنق المغاربة جميعا اتجاه هذا الاحتكار الآسن لعائلة “الفاسي الفهري" الدافع الأول لانسياق العديد من الناس وراء فكرة الثورة، بغض النظر عن المنحى الذي تتخذه البلاد بعدها، فأمام الطغيان والتجبر لا يبقى الخيار. واختيار “شباط" كان فسحة للحزب من تسلط نسب إلى تمكين ولد الشعب، أي نوع من الثورة، أدى بالحزب إلى تجبر من نوع آخر، لا بالأرستقراطي، ولا بالبرجوازي الليبرالي اللاهث وراء المال، وإنما تجبر إنسان مريض مهووس بالكرسي. لهث “شباط" وراء منصب رئيس الحكومة ولعابه السائلة على السلطة لا يمكن أن يكون بالحب العادي، بل إنه داء، جعله يتخذ من وزراء “بنكيران" أعداء ويشن عليهم الحرب وينشر بين الناس نحوهم العداء. وحتى وقت قريب لم يكن الأمر يبدو غريبا، إذ المرض مرض شخص أبى إلا أن يتخذ من كل هفوة تقع فيها الحكومة دعوة للانقلاب عليها، لكن المصيبة اليوم، حين نرى الطامعين المتسلقين المغمورين اجتمعوا وتجمهروا على هذا المريض يدعون لما يدعوا إليه، متخذين الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أوصلتنا إليها سياسة حزب “الاستقلال" نفسه ذريعة لشن الهجوم على “العدالة والتنمية"، ليأتي “شباط" ويقترح حلولا لهاته الأزمة، حلولا قرر لوحده أنه الأنجع والأنجح، وقرر أيضا أن الحكومة الحالية ليست أهلا لتطبيقها، وزاد على القرار قرارا بأن الحكومة إلى زوال وأنه هو الذي سينقل البلد من تطرف الإسلامية إلى شباطية الاعتدال! لا هم ثوار رؤوا في النظام حاجزا عن العدل في البلد، ولا هم مسلمون رؤوا في الحكومة تهاونا في تطبيق الدين، ولا هم علمانيون يحاربون الإسلاميين... هم جماعة طامعون في السلطة التفوا على أطمعهم وأجشعهم ليمهد لهم الطريق إليها. ويسمون أنفسهم مناضلين! لأنهم سينسحبون من حكومة تحارب بكل ما أوتيت من قوة الجشع الرأسمالي الذي يخنق الاقتصاد المغربي ويوجه الفرد المغربي سلوكيا إلى الاستهلاك والتنصل عن دينه وهويته عبر الإعلام . يسمون أنفسهم مناضلين! لأنهم من أول يوم خطا حزب “العدالة والتنمية" خطوته الأولى في الحكومة قعدوا له بالمرصاد ينتقدون ويعرقلون ويزايدون ويبيعون ويشترون و"يقمّرون" على فشله. يسمون أنفسهم في حزب “الاستقلال" اليوم مناضلين! لأنهم يحدثون الفتنة ويدمرون حاضر بلد بالطمع والجشع للكراسي والرئاسة، ولا أحد يقف لهم بالمرصاد. أستغرب أن “المخزن"، الذي طالما لعب دور السلطة الرادعة للتمرد الموقفة للشغب لا يحرك ساكنا، ولا يوقف طامعا، ولا يضع شباط عند حده! فلو كانت اللعبة لعبة “مخزن" كما يفهم البعض لكان الأولى منع هذا المدعي من كيد المكائد للحكومة كلما بادرت إلى مخطط إصلاحي أو ترقيعي في ظل الأزمة العالمية الخانقة، فليس في مصلحة المخزن حاليا أن يتم عرقلة مسيرة حكومة هي آخر أمل لهذا الشعب في النظام الحالي. أستغرب أن بعض أفراد الشعب المغربي يؤيدون الفساد الذي تجلى اليوم في شخص “شباط" نفسه باسم محاربة الفساد، وكيف يستطيعون مواجهة شعب بأكمله بدعمهم لرجل الكل حكم عليه بالسفاهة قبل أن يبدء السفه.. أستغرب من كره البعض للحكومة إن حاولت وإن لم تحاول، كره يربطونه بعملها تحت النظام الملكي، كره يجعلهم يتحالفون مع الشيطان لإسقاطها.. فإن سقطت.. لا يستطيعون أن يتموا جملة ماذا بعد؟ أين هي أجنداتكم .. أين هي خططكم.. بماذا تعدون هذا الشعب؟ يجب أن يعلم ذاك “الشباط" أن الأمر ليس بيده ، وأنه ليس إله المغرب ولا ربه، وأنه ليس ملك المغرب ولا حاكمه، وأنه حتى وإن سقطت الحكومة ، وغاب بنكيران عن المشهد السياسي، لا أحد سيقبل بك على رأس هذا الشعب الأبي. فافعل الآن ما شئت، لا أحد سيسقط غيرك يا شباط.