منذ غرس الكيان الصهيوني جدوره في ارض فلسطين سنة 1948 من طرف الغرب بشكل عام و امريكا وبريطانيا بشكل خاص و هو يبحث عن نقط صعف الانظمة العربية والاسلامية ليفرض نفسه و ينزع الاعتراف به بطريقة او بأخرى. في الفترة الاولى اي ابتداءا من سنة 1948 مرورا بحربي 1956و 1967 و 1974 تميزت تلك الفترات بالمواجهات المباشرة . و في تلك الفترة لم نكن في صراع مع اسرائيل فقط بل كنا في مواجهة غير مباشرة ومباشرة احيانا اخرى مع امريكا و بريطانيا و حلافائهما . و بعد 74 و بالرغم من الانتصار في حرب البترول بدأت الكفة تميل شيئا فشيئا نحو فرض المصالح الغربية و استقرار ما يسمى ب إسرائيل . بفعل نهج سياسة فرق تسد اتجاه دول العالم الاسلامي في الشرق الاوسط و كان اجبار النظام المصري انذاك بزعامة الرئيس انور السادات للاعتراف بدولة*إسرائيل* مقابل صحراء سيناء بداية تحول الصراع من الصراع العربي الاسرائيلي الى الصراع العربي العربي . و غابت مصر عن التحالف العربي لسنوات . تأجج الصراع بين مصر و باقي الدول العربية و كانت إحدى ثمرات سياسة فرق تسد قد قطفها الغرب في هذه الفترة . و بدأ الاحساس بالضعف و الهزيمة والتبعية يسيطر على الانظمة ليتسرب معها الى فئات شعبية عريضة . وبقعل المصالح السياسية والاقتصادية للغرب في الشرق الاوسط فقد عملت في وقت واحد على تأجيج الصراع و توسيع صلحيات * إسرائيل* . وبفعل الضغط الديبلوماسي والاقتصادي تم اغراق الانظمة العربية في نوع من التبعية الاقتصادية و السياسية . و محاولة القضاء على كل من يهدد استقرار *اسرائيل * الى ان وصلت مستوى تتسابق فيه تلك الدول لاعتناق رضى الغرب و التطبيع مع *إسرائيل*…. بعد هذه اللمحة التاريخية نخلص الى الحقيقة استفقنا عليها اليوم , تناقض صارخ بين الانظمة العربية المستسلمة و التابعة والمنهزمة و بين شعوبها . وظلنا نشاهد تطبيع حكومي و صمت إتجاه القضية الفلسطينية و إعتبار اسرائيل حليفا جديدا لنا . وبين مظاهرات مليونية وسخط شعبي واسع في كل أرجاء العالم الاسلامي هذا التناقض ظل يتراوح بين مد وجزر و لعل الحرب على غزة في كانون الثاني /يناير 2008 كانت من بين اهم الفترات التاريخية التي توسعت فيها الهوة. هذه الروح التي ظلت الشعوب تملكها و هذا العداء المستمر اتجاه أنظمتها واتجاه اسرائيل . نابع من إيمان قوي بان لا استسلام و لا تبعية و لا رضوخ للإملاءات الاجنبية . هذا الايمان ظل يخيف اسرائيل وابويها . منذ مدة وظنت انها تمكنت من التغلب عليه . اليوم اكتشف العالم الغربي مفاجأة لم يكن ينتظرها اكتشف عمق الزيف التي الذي كانت تحمله الانظمة العربية التقليدية , أنظمة لم تكن تمثل تلك(الملايين من الجبناء والاغبياء و الأميون والظلاميون كما يعتقد الغرب) , بل اكتشفت ان اغبى من في الشعوب هم من يمثلونهم , إكتشفت ما قال أحدهم : خراف تقود قطعان اسود . اليوم ولاول مرة والمشهد نادر ان يتكرر العالم العربي و الاسلامي ينزع ملابسه الرثة امام العالم . الصورة تتغير ملامحها شيئا فشيئا . قطعة اولى (تونس) ثانية (مصر) ثالثة (ليبيا) والرابعة والخامسة والسادسة ….. في الطريق. كل هذه التحولات والثورات المباركة جعلت كل ما بنته الغرب و حلمت به في مهب الريح . هذه الزوبعات اخرجت نفسها من عصر الظلمات وادخلت الغرب في نفق مظلم ستتطح ملامحه مع الايام . الان فقط ستسمع هذه الشعوب صوتها لمن لم يشئ سماعها . بعدما نزعت و تنزع اللثام عن فمها . أكاد اجزم اننا قد وصلنا مستوى العقدة في القصة . حزب الله(لبنان) – حماس(فلسطين) –الثورة الاسلامية (ايران) – الاخوان المسلمين ( مصر) كل هذه القوى ظلت منذ مدة الاشباح التي تفسد على اسرائيل و الغرب التقاء كؤوسهم . وإذا كانت تلك القوى و غيرها قد حرصت على الصمود في وجه بعض الانظمة و في وجه الغرب وإن كانت درجات هذا الصمود يختلف من واحدة الى اخرى . فقد أتت امواج شعبية لا خلفية سياسية لها ولا اديولوجيا ولا يحركها غير التخلص من القمع و الفقر والتبعية والرضوخ للاخر . نهاية عصر الانحطاط و التبعية للغرب و كذا ذبول *إسرائيل* و تلاشي التعصب والظلامية و البيروقراطية . لم يعد يفصلنا عنه سوى فترة سقوط جميع الانظمة الديكتاتورية في العالم الاسلامي و نهوض كل قوى الشعب وسيادة الديموقراطية .(غمض عينيك….و افتحها). عفوا الامر ليس بهذه السهولة فقبل ذلك (لا تنسى نحن في مرحلة العقدة) انتظر مكر الغرب بالاطنان .