كانت عاجزة عن مشاهدة الركلة الترجيحية الأخيرة والحاسمة لفريقنا الوطني كرة القدم – سيدات.. وخبّأت وجهها بعلم بلدها منتظراً سماع صياح الفرحة من 45 الف متفرج لا بمدرجات ملعب الأمير مولى عبد الله بالرباط فحسب بل وفي كل أرجاء الوطن.. في المقاهي والساحات.. في المنازل والتجمعات.. لا حديث الا عن توقيت مقابلة سيحمل فيها العلم المغربي على صدور لبؤات الأطلس هذه المرّة نحو التتويج.. كانت الأرقام تخيفنا.. و الالقاب في خزانة الخصم ترعبنا.. ليرتفع منسوب الضغط بعد النزول إلى أرضية العراك... طويلات القامة.. بنيات جسدية صلبة.. وملامح صارمة.. وتذكّرنا بعد توالى الدقائق ان اللبؤات ملكات التحدّي والصّمود والعنفوان.. لنعيش معكن يا زهرات بلادى لوحات إبداعيّة بعناوين مختلفة عنوان الانضباط والوعي بمسؤولية حمل راية البلد.. بين الدفاع الشرس عن العرين.. والهجوم المحكم والمبدع في مربع الخصم. بين تحمل الخنوشة والصّمود امام ضربات الخصم.. وبين دموع لاعبة دفاع لحظة تسجيل هدف السبق ضدنا والتدخلات حد الانتحار لحارسة شباكن ا ستجعل من 120 دقيقة صفحة مشرقة من تاريخنا الجماعي كأمة ومجتمع ودولة... فبقدر ما نسجل هذا الحضور للمرأة المغربية في المحافل الرياضية الدولية بقدر ما علينا أن نفتخر بمجتمعنا الذي احتضن الكرة النسوية واستوعب ان كرة القدم لا نوع فيها ولا جنس.. وان الفتاة المغربية اليوم تقود ثورة ثقافية على المستوى العربي والإسلامي.. هي القيم التي تتأسس اللحظة عبر كرة القدم بردح النزعة الذكورية وتراجعها نحو مجتمع المناصفة والمساواة.. وإذا كان ابن عربي قد ترك لنا قولته المشهورة ( المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه أبدا) وإنّ هذه العبارة الآتية من أعماق زمن مضى لا تزال تطمح إلى تفعيلها في أزمنتنا الحاضرة وفي كل الأزمنة الانسانيّة، التي تسعى نحو قيم الحقّ والخير والجمال. وعطفا عليها فإنّ تأنيث المكان في فضاءاتنا المختلفة يكتسب أهميّته في إشاعة قيم التسامح والاختلاف والتعايش والمساواة بين الجنسين، وفي النهوض بمجتمعاتنا وترسيخ قيم الديمقراطية والحريّة فيها للانخراط في التاريخ المحلي والكوني نعم المكان الذي لا يؤنث، قد يبقى مكانا لكن حين نضيف إليه تاء التأنيث، فحينذاك يغدو مكانا ومكانة. لكنّ مكانة خاصّة في قلوبنا يا زهرات بلادى.. وكم كان العلم الوطني جميلا بين أياديكن.. والنجمة الخضراء تنافس بهاؤكنّ.. وزئير النشيد الوطني يخترق أصداء إفريقيا نحو العالم. أنتن السيدات والرائدات.. فخر الوطن والإنتماء.. شكراً سيداتي.. فقد كنتنّ في الموعد مع التاريخ.