قد لا أجد تعريفاً أبلغ لمفهوم الإنسان / الإنسانية غير هذا التعاطف العالمي المدهش مع حادثة فقيذنا الملاك ريّان.. ومن قامات واعتبارات رمزية وعقائدية... من جنسات وأعراق وديانات.. مشاهير ومؤثرين.. فرق و منظمات.. الإنسانية هي من جعلت صلاة الغائب على طفلنا ريان ببيت المقدس تلتقي مع القدّاس الأخير للبابا فرانسييس.. وتمتزج مع دعوات الحاخامات.. هي من أردفت دموع الملايين بعد إعلان خبر وفاته.. هي نفسها من كانت تتمنّى له الحياة وبهذه الدعوات والتضرع إلى الله.. الإنسانية ليست منصباً أوجاهاً أوشهادة جامعية.. هي رتبة مفصلية بين الإنسان وبقية الدّواب.. هي من جعل تلك الأم الجزائرية تقف أمام الشاشة ولساعات تتابع عملية ألإنقاذ.. تتقاسم معنا أمل الحياة هي من جعلت طفل من مدينة بلعباس الجزائرية يترك لنا وثيقة تاريخية تعلن فشل المشروع العدائي للطغمة العسكرية هناك.. تقول الوثيقة ( أنا خليل وأخي أحمد من الجزائر.. نحن نتابع قناة الجزيرة المباشر لنر إنقاذك.. لأن تابع برنامجنا المفضل لأنك في البئر.. عندما تخرج سالماً تعال والعب معنا في بلعباس وتكون أخانا) هذا الطفل وأخاه وآخرون من عموم الشعب الجزائري الشقيق الذين تفاعلوا مع حادثة ريّان بالدعوات وواجب التعزية وبمختلف الوسائل وأساليب التعبير هذا الشعب الجار أنضج بكثير من حكامه ومسؤولية وعلى مستوى رئاسة الدولة التي لم يستطع رئيسها للأسف الشديد أن يرتقي إلى رتبة الإنسان نعم أيها الرئيس الجزائري المعيّن هي الإنسانية من جعلت جلالة الملك قبل أشهر فقط يبعث برقية تعزية ومواساة لأسر ضحايا حرائق الغابات.. بل أكد العاهل المغربي تضامن المملكة المطلق مع الجزائر في هذا الظرف العصيب ووضع طائرات الإخماد رهن الإشارة.. هي الخلفية الإنسانية العظمى وراء هذه التعزية جعلتها تسموا على هذا الكم من السعار والعداء.. وليس الأمر وليد اليوم.. ففي الأمس البعيد.وقتها بلغنا النبأ الحزين لسقوط الطائرة العسكرية، وحتى مع علمنا بنبأ وجود انفصاليين ضمن العسكر الذين قضوا في ظروف غريبة وغير مفهومةإلا أننا امتلكنا مايكفي من المروءة المغربية، تلك التي نشترك فيها مع الشعب الجزائري لكي نترحم على من ماتوا، ولكي يرسل عاهل البلاد تعزية صادقة وإنسانية مؤثرة إلى بوتفليقة آنذاك هو التفوق الأخلاقي بين دولة ونظام عصابة لذلك أتساءل مع الجميع هل بمثلكم ايها الرئيس وه يبحث بكل السبل عن عقد قمة بعنوان جمع الشمل العربي.. وجمع، الفلسطينية.. هل مثلك وعصابتك وبهذه السقطة الأخلاقية تناصرون القضايا العادلة للشعوب كما تدّعون.. ولو كان الأمر منحصراً في قلة المروءة لتجاوزنا الأمر لكن أن تعطى الأوامر الأبواق الإعلامية المعروفة هناك بشيطنة وفبركة إشاعات حول حادثة الملاك ريان فقيذ الإنسانية.. دون أدنى احترام لمشاعرنا وحزننا كمغاربة.. ودون أدنى اعتباروتقدير لهذا الالتفاف الإنساني العالمي طيلة مدة الإنقاذ.. ففي الأمر ما يدعوا إلى الشفقة عليكم والتأسف على هذا المستوى من السفالة والضحالة التي وصلتم إليها.. وجعلت الجزائر الدولة منبوذة مدمومة بين الأمم لأن قيمة الدول بقيمة ومكانة ومواقف رؤسائها لاغير فبقدر ما انخرط الشعب الجزائري وبمشاهيره ومدونيه في التفاعل الايجابي تطلع علينا جريدة شنقريحة الجزائر الأولى بعنوان يكرس حجم الحقد والضغينة والحسد منها مثلا ( المغرب يكذب على العالم في قضية ريّان) أما الشروق فلم تجد إلا تذكير قرائتها بحادثة سقوط عجوز منذ عشر سنوات في بئر عاد وتمت إنقاذ ها في أقل من ساعتين.. وكأن الافتخار التسابق بمآسي الناس أصبح إمتيازاً.. ليطل علينا الناطق الرسمي باسم السفاح نزار المسمى بن سديرة ليلة الحزن الكبير بالقول بأن قضية ريان هي فقط التغطية عن إخفاق فريقنا الوطني الأخير.. وخوفا من ثورة شعبية عارمة.. وووو هو نفس الصراخ والسعار بنفس الحقد والحسد والغيرة على بلد أبهر العالم وهو يحفر الجبل بيديه من أجل ابنه.. كما قالت البايس الإسبانية.. لكن هو أيضا وبهذا الموقف اللإنساني جعل العصابة تعيش أسوأ لحظات الانعزال والتموقع على هامش العالم لا قيمة لها.. وبالتوصيف الدقيق يكفي أن نذكر كل هذه الأبواق ومن وراءها أن الرئيس المصري السيسي غادر مصر في اليوم الموالي تاركا رئيسكم ينتظر وحيدا طائرة العودة كأي زائر عادي.. ونحن هنا تكفى شهادة بابا الفاتيكان وهو خارج ملتنا حين قال شكرا أيها الشعب المغربي العظيم.. هو الفرق بين أمة ودولة وبين نظام العصابة فشكرأ للشعب الجزائري الشقيق فأنتم أنضج إنسانية وبكثير من هذه العصابة الجاثمة على دواليب دولتكم. فهناك بعض من البشر قد يموتون دون أن يبلغوا رتبة الإنسان.. ولو ألبسوه قبّعة رئيس دولة