أجمع العديد من الخبراء في علم الأوبئة حول العالم على أن العارض المرتبط بالإصابة بفيروس كوفيد-19 والمتمثل في فقدان حاستي الشم والذوق قد يظل مرافقا للمرضى حتى بعد تعافيهم من الفيروس التاجي. وفي هذا السياق، أوضحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بأن عددا من الأطباء أكدوا أن هناك من المرضى من يستمر في فقدان الحواس المذكورة، دون استطاعة الأطباء تحديد متى يسترجع هؤلاء حواسهم، أو ما إذا كانوا سيسترجعونها فعلا أم لا. وأضافت ذات الصحيفة أن العلماء يخشون من أن يخلِّف الوباء أعدادًا كبيرة من الناس الفاقدين لحاستي الشم والتذوق، خاصة وأنهم لا يعرفون على وجه التحديد كيف تتسبب الإصابة بالفيروس في استمرار فقدان الشم والذوق أو كيفية علاج ذلك. هذا، أفاد الدكتور سانديب روبرت داتا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد، بأن "كثيرين يعتبرون أن الإحساس بالشم والذوق أمرا كمالي غير ذي أهمية بالغة، ولكنه بالنسبة للمحرومين منه إحساس فظيع، مزعج ومربك إلى حد كبير"، وأضاف بأن ذلك يغير من طريقة عيش الإنسان ويؤثر على جانب مهم من حياته اليومية. ومن جهة أخرى، درس علماء بريطانيون تجارب 9000 مريض بفيروس كورونا جرى تجميع معطياتهم من مجموعة على موقع فيسبوك، أنشأتها الجمعية الخيرية "AbScen"، حيث أكد معظم هؤلاء بأن فقدان حاسة الشم والذوق أفقدهم الرغبة في التواصل، وأدى إلى إضعاف روابطهم العاطفية مع الآخرين، كما أثر على علاقاتهم الحميمية بالآخرين، كما جعلهم أكثر عزلة وانطواء على الذات. وعلاوة على ذلك، عبر مشاركون آخرون في هذه الدراسة عن تنامي إحساسهم بالقلق والاكتئاب بعد تعافيهم من فيروس كورونا دون استردادهم الحواس المذكورة، فضلا عن انفصالهم عن الآخرين وانسحابهم من التفاعل داخل المجتمع شيئا فشيئا. ولعل الغريب في الأمر هو أن بعضا من المشاركين في الدراسة أعربوا عن إحساسهم بانتشار الروائح الكريهة في محيطهم دون أن يكون لذلك أي وجود على أرض الواقع، وذلك من قبيل إشتمامهم روائح حرق البلاستيك أو الأمونيا أو البراز، وهو الأمر الذي أوضح العلماء أنه مجرد حالة وهمية ناتجة عن فقدان حاسة الشم، الأمر الذي يخلق تشويها على مستوى هذه الحاسة يسمى علميا ب"الباروسميا".