لم تسمح الداخلية لرؤساء جماعات وردت أسماؤهم في تحقيقات إدارية وقضائية بسبب تلاعبات تفوح منها رائحة الفساد من المشاركة في الترتيبات الجارية من أجل تدشين مشاريع في دوائر نفوذهم بمناسبة عيد العرش. وكشفت مصادر جريدة «الصباح» أن العمالات، التي بدأت فيها عملية إطلاق التدشينات تحت إشراف الولاة والعمال، غيبت عددا من المنتخبين، خاصة من سلك رؤساء الجماعات، في إشارة مسبقة إلى قرب أوان عزلهم، وأن المحاكم الإدارية بدأت تتوصل بملتمسات في الموضوع من الإدارة الترابية في شخص الولاة التابعين لدوائر اختصاصهم. ولم تجد الداخلية بدا من توجيه استفسارات إلى رؤساء جماعات تطلب فيها توضيحات عن اختلالات مسجلة في التسيير والخرق السافر للقانون، خاصة مقتضيات القانون رقم 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية، وذلك في أفق الإجراءات التي تتيحها سلطة الوصاية، كما فتحت النيابات العامة ملفات شكايات تتهم بعض الرؤساء بجناية الغدر والتلاعب في فرض ضرائب وتبديد أموال عمومية والابتزاز والشطط في استعمال السلطة. وشملت لائحة الخروقات المسجلة اختلالات في تدبير مناطق صناعية ولوجستيكية من قبل رؤساء المجالس الجماعة، وذلك بعد اتهامهم بفرض إتاوات على المستثمرين، مقابل السماح ببدء العمل، واعتماد أساليب ملتوية لعرقلة قرارات لجنان الموافقة، من خلال التطاول على صلاحيات باقي الشركاء، خاصة الشركات المكلفة بتوزيع الماء والتطهير الصحي والمكتب الوطني للكهرباء، وتجاهل اختصاصات الموظفين المكلفين بشؤون التعمير. ووصل شطط الرؤساء الممنوعين من حضور احتفالات عيد العرش حد استعمال صلاحياتهم لحسابات انتخابية، بعد أن كشفت ملفات معروضة أمام القضاء الإداري استصدار شكايات مفبركة ضد مشاريع خصومهم، إبان حملة الانتخابات الجماعية السابقة، إذ ورط رؤساء القضاء في قرارات إغلاق محلات ومشاريع. كما أجرت لجان من الداخلية تحقيقات بشأن تجزئات فاخرة يملكها منتخبون، شيدت بشكل عشوائي وورطت رجال سلطة وشركات ومقاولات شبه عمومية مكلفة بالتجهيز في السطو على عقارات مغاربة مقيمين في الخارج. ويواجه الرؤساء ملفات خطيرة من قبيل «بونات الكازوال»، الذي فتحه إدريس جطو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، وخلصت تقارير إلى أنها استعملت من أجل تمتين تحالفاتهم وإسكات النواب والمصوتين لصالحهم في تصويت الناخبين الكبار، إذ حملت شكايات توصلت المجالس الجهوية للحسابات تهما لرؤساء يوزعون «كعكة» السيارات والمحروقات على ذويهم بلا حسيب ولا رقيب. وتوصلت المحاكم المالية إلى حقائق تؤكد اتهامات المعارضين في المجالس بوجود صفقات مشبوهة تنجز مع محطات بنزين ومحلات ميكانيك و إصلاح الهياكل يقوم أصحابها بتعويض المنتخبين أصحاب البونات نقدا، على أن يقتطعوا من المبالغ عمولة نسبتها 10 في المائة.وينتظر أن تتسع دائرة «بارونات الكازوال» في الجماعات المعنية إثر نشوب خلافات بين أعضاء الأغلبيات الحاكمة، خاصة في ظل تسريبات تشير إلى أن عددا من الرؤساء تنازلوا عن سيارات جماعاتهم لأعضاء نافذين في مكاتبهم، لضمان عدم الانقلاب عليهم.