كثرة المحلات الصغيرة " سناك" التي تقدم لزبنائها ساندويتشات تزعم أنها من نوع الرخويات التي تسمى بالسيبيا، دفعتني إلى التحري عن هذا النوع من الرخويات التي كسحت بشكل ملفت للانتباه مدينة الدشيرة في السنوات القليلة الأخيرة. مع أنني ،بحكم درايتي المتواضعة بأنواع المنتجات البحرية، لا أظن أن ما يقدم في هذه السندويتشات مكون من السيبيا بل من الأرجح أن يكون ما يطلق عليه " البوطا"، و هي أحد أنواع الحبار الأقل جودة و الأقل نفعا على صحة المستهلك، بل ممكن أن يشكل خطرا على صحة المواطن. و لأجل توضيح هذا المعطى، فقد نورد لكم المعلومات التالية. تعتبر الرخويات من أجود أنواع المنتجات البحرية و المفضلة لدى الإنسان لفوائدها الجمة على الصحة. و من بينها الإخطبوط و الحبار(الكلامار)، اللذان يتهافت عليهما المستهلك المغربي بشكل كبير و له الحق كله في ذلك. و إذا ما اقتصر حديثنا على نوع الحبار، فإنه يوجد أكثر من 300 نوع من هذا النوع من الرخويات في أنحاء العالم. إلا أن نوع الحبار الأكثر جودة و نفعا من الناحية الغذائية هو ما يعرف بإسم الكلامار. و لعلمكم، فإنه توجد كذلك أشكال و أنواع متعددة و مختلفة من شبه الحبار و التي تعيش في مجموعات كبيرة في البحار البيروفية و الشيلية، و يتراوح وزنها عادة ما بين 30 و 40 كلغ، و يمكن أن تصل إلى 100 كلغ. و على سبيل المثال، نذكر هنا بعض الأنواع من شبه الحبار كالبوطا، و البوطون و الجيبيا. إلا أن هذه الأنواع تكون أقل جودة من ناحية القيمة الغذائية مقارنة مع الحبار الحقيقي (الكلامار) و بالتالي أقل ثمنا في الأسواق. و يتكاثر خصوصا نوع "البوطا" و هو شبه حبار عملاق من شهر يناير إلى شهر مارس و كذلك خلال شهري غشت و شتنبر. و يعرف هذا النوع من شبه الحبار بعدم اتسامه بنفس المذاق الطيب الذي يمتاز به الحبار المعروف بالكلامار الحقيقي، كما أنه يكون مضغه صلبا نوعا ما. و إذا ما عدنا إلى وجود هذه الرخويات الرديئة الجودة بالأسواق المغربية، فقد استورد منها المغرب خلال سنة 2017 ما يناهز 5.515.000 كلغ أي ما قيمته 135.000.000.00 درهم. أما مصدرها فيمكن أن نسرد لكم ثلاثة دول رئيسية حسب ترتيبها : الصين: ب 3.382.000 كلغ بقيمة 94.000.000.00 درهم البيرو: 1.878.000 كلغ بقيمة 37.000.000.00 درهم والشيلي: 255.000 كلغ بقيمة 4.000.000.00 درهم. و نستنتج من خلال هذه الأرقام أن المصدر الرئيسي لهذا النوع من الرخويات هو الصين، و ما أدراك ما الصين. و حقيقة، ما يثير مخاوف المستهلك المغربي هو السمعة السيئة للصين في مجال تربية الأحياء المائية، بحيث سبق أن نشرت إحدى الصحف الأمريكية قبل أربع سنوات تقارير تفيد بأن تربية الأسماك بالصين تعج بمخاطر كبيرة على صحة المستهلك. و أردفت الأخبار بأن تغذية الأسماك البيضاء أمثال "البانغا"، "الكارب" و خاصة نوع "تيلابيا" في الصين تعتمد كثيرا على فضلات الخنزير و الإوز. وللإشارة، تعتبر الصين أول مصدر لنوع "تيلابيا" الذي يعتبر من الأسماك الأكثر مبيعا في العالم. و هنا يكمن الخطر الكبير، بحيث أن فضلات الحيوانات تحمل أنواعا كثيرة و خطيرة من البكتيريا و التي يمكن أن تمثل تهديدا بارزا لصحة المستهلك المحتمل لهذه الأسماك. وقس على ذلك، ما يمكن أن يقع لنوع البوطا أو الأنواع الأخرى من الرخويات و الأسماك القادمة من الصين. و ليس سرا أن احترام المعايير الصحية الدولية في مجال تربية الأسماك يبقى بعيد المنال في الصين. و رغم هول هذا الواقع، فإن كميات كبيرة من الأسماك الصينية ما زالت تغزو الأسواق المغربية دون أن يفطن المواطن لمصدرها و لكيفية تربيتها و مدى سلامتها وجاهلا لما تقتاته من فضلات الخنزير و الإوز . و لهذا يجب أن نعلم أن ما يتناوله الزبون عند المحلات الصغيرة المختصة في تقديم وجبات خفيفة وتزعم أنها مكونة أساسا من السيبيا، لا تعدو أن تكون إلا أنواعا أخرى من الرخويات ذات جودة أقل و ذات نفع ضئيل إن لم تكن مضرة بصحة المستهلك بفعل المواد الخبيثة والملوثة التي تقتات منها في الصين. وإليكم أسماء بعض هذه المنتجات البحرية باللغة الفرنسية: Pota, Paton, Jibia, Sepia, Squid Giant, Tilapia, Carpe, Panga.