لا شك أنكم تتذكرون أقوال بنكيران الرجل البارز داخل حزب العدالة والتنمية قبل الفوز في الإنتخابات الإستحقاقية الإستثنائية يوم 25 نونبر 2011 الداعية إلى محاربة الفساد والإستبداد والزبونية والمحسوبية والقضاء على اقتصاد الريع والموظفين الأشباح وتوفير مناصب الشغل للمعطلين حملة الشواهد العليا وهلم وجر من الإصلاحات التي ضلت حبيسة اللسان,فهذه الشخصية إستقطبت الرأي العام بتدخلاتها وأفكارها المناهضة للحكومة السابقة حتى ظن جميع المغاربة بل حتى فئة الشباب التي لطالما مارست العزوف السياسي بمنح صوتها وثقتها لهذا الشخص ,إذ توهموا بأنه” السياسي المنتظر ” الذي سينصفهم من تعسفات الحكومات السابقة وتوفير مناصب العمل لأبناء الشعب والتي كان قد توعد بها أثناء جولاته وخطاباته الرنانة وسط شوارع المدن وداخل الأحياء الشعبية, ” للأسف اللسان ما فيه عظم “. فهؤلاء العامة والشباب المثقف الذين منحوه الثقة صدموا بعد تكون الحكومة الجديدة المتناقضة,متناقضة لأنها تجمع بين حزب إسلامي كان دائما في المعارضة فيما مضى وآخر إشتراكي لم يندمج مع الحزب الإستقلالي إلا في حكومة بنكيران وهذا يبقى من إحدى العجائب التي ينتجها المغرب كل سنة وكما يقال ” مادمت في المغرب فلا تستغرب “., فقد إنقلب أمين عام العدالة والتنمية من صوت الشعب إلى صوت الإنتهازيين الكبار ودسترة قوانينهم, إذ أصبح يجابه المسيرات الشعبية والمظاهرات السلمية بالقمع “الزرواطة” ويرفض هاجس الحوار والإصغاء لمتطلبات الشعب المغربي الذي كان هو في الأصل ممن يدعون إليه وصرح به في العديد من اللقاءات التلفزية والإذاعية وكذا بالصحافة المكتوبة,.الآن لم ثعد هناك مناصب بالملايين بل هي محدودة بدريعة الأزمات التي اخترعها وأكثر من هذا يدعو إلى ضرورة إجراء مباراة وينسى أن المباراة ليست معيارا للحكم على الممتحنين نظرا للضروف التي تجرى فيها ومتجاهلا سنوات التحصيل الدراسي.ومن جانب آخر يريد تسريح بعض الأساتذة من وظائفهم كأساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية,هؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم في مناطق ومداشر نائية لاتتوفر حتى على أبسط شروط الحياة وأقسام مشتركة تجمع المستوى الأول الإبتدائي إلى المستوى السادس الإبتدائي مزدوج (عربي فرسي) مقابل أجر شهري لايتعدى 2000 درهم ولايسلم في آوانه, كل هذا في سبيل نشر رسالة التعليم بالوسط القروي الجبلي وسد الفراغ الحاصل في المنظومة التربوية ببلادنا مع العلم أن الحد الأدنى للأجور الذي نص عليه الدستور الجديد هو 3000 درهم' فأين هؤلاء من هذا؟ فعلا إنها بلاد العجائب, فكيف يعقل لأستاذ يزاول مهنته داخل القسم لديه وثائقه التربوية كباقي الأساتذة أن يخضع لمباراة التوظيف في التعليم وهوفي نظر التلاميذ وآباءهم وأوليائهم مدرس يعمل بشكل قانوني ومنظم.ربما تقصد وزارة التعليم بمصطلح ” منشط ” أنه مهرج أرسل فقط لامتصاص غضب سكان القرى النائية الذين كانوا يتقدمون بعدة شكايات إلى نواب التعليم لإرسال مدرس كباقي المناطق الأخرى.,فهذا الذي يقوم به المعنيون بالأمر يعني السخرية من أبناء وبنات الشعب المغربي وتناسوا أن الأستاذ الذي منحوه قسما وليس سركا يقوم بعمل عظيم وجبار من أجل تدريس عادل ومتساو فهو يمنح كامل وقته لهؤلاء التلاميذ المحرومين من عدة أشياء حتى لايشعروا بالنقص من جميع الجوانب المتعلقة بالتعليم.فهذه الفئات كانت تضع الثقة في الحكومة الجديدة لأنها كانت ترى فيها المراكب التي ستنقدها من الغرق ووقف زحف هجرة الأدمغة لكن و للأسف كان المراد هو العكس والعودة إلى الخلف بشكل كبير. فالطبقات الفقيرة والمسحوقة من مجازين وأطر عليا وعمال الإنعاش الوطني إلخ يجمعهم هاجس واحد الخوف من المستقبل الذي أصبح غامضا ولا شيء على لسان الشارع المغربي سوى أن الحكومة الحالية هي الأسوأ في تاريخ الحكومات المغربية لأنها ضربت في الصميم القوت اليومي للمواطن البسيط,من زيادة في المحروقات الذي واكبه إرتفاع في الأسعار وتضرر المستهلك تحت مبرر تغطية إزدياد التكاليف,فكل هذا يزيد من تدهور القدرة الشرائية والمتدنية أصلا..إضافة إلى اقتطاع أجور العمال المضربين وعدم منح فرصة للشعب المغربي ليقول كلمته.وحسب الآراء التي يتداولها عمق الشارع المغربي فإن حزب العدالة و التنمية كشر عن أنيابه وأظهر وجهه الحقيقي في كره الطبقات الفقيرة التي وثقت به ومنحته أصواتها.ويؤكد آخرون أن الحكومات السابقة رغم زلاتها إلا أنها ظلت تحمي القدرة الشرائية للمواطن العادي كما تخضع لطاولة الحوار المنطقي. فابنكيران لم يعد ذلك الشعبي المحبوب من طرف الجماهير بل أصبح منبودا داخل الأحياء والأسواق الشعبية التي كان يزورها قبل وأثناء حملته الدعائية لرئاسة الحكومة,البعض منهم أطلق علية أسماء فيها نوع من الحقد والسخرية,فمختلف الشعارات التي رفعت في العديد من المسيرات السلمية الغاضبة ضد السياسة التقشفية للحكومة الجديدة التي أوصلت البلاد إلى عنق الزجاجة واللعب على أوثار الفساد والإستبداد,عكست شعور المغاربة الذين أحسوا بأنهم كانوا ضحية احتيال كبير من طرف حزب العدالة والتنمية الذي وظف أصواتهم لتحقيق مشروعه الكبير. كل هذا دليل على سخط المجتمع المغربي لسياسة عبد الإله بنكيران التي اتضح منها إلى أي حد يكره الطبقات الفقيرة بل تعدى هذا إلى كرهه من طرف الجالية المقيمة بالخارج ولعل أبرز دليل على هذا عند زيارته للديار الإسبانية في ماي من السنة الحالية إذ انهال عليه المحتجون بإقلبم كتالونيا بوابل من العبارات القدحية وتطور الإحتجاج بشكل كبير وسخط عارم ضد بنكيران إلى أن تدخل الأمن الإسباني وقام بتهريبه خوفا على سلامته.ومع ذلك لازال يتبجح حسب الآراء ويقول عبارته المشهورة ” حنا درنا كدا وكدا..واش فهمتني ولا لا “وتجاهل أن الشعب يريد برنامجا ومشروعا ولا يريد كلاما,شعب يريد منجزات ملموسة لاكلاما تدوره الرياح, شعب يتنفس حكومة فاعلة لامنفعلة, إذ أن كل ممارساته كانت فقط محاباة للوبيات الفساد.دون أن ننسى عبارة أحد الشباب العاطل ” أنا أحب لكن لا أستطيع الزواج لأنني عاطل والسبب في ذلك الحكومة “. هذا هو الإنقلاب الخطير إنقلاب في الأفكار والممارسات.. إنقلاب من صوت الشعب إلى صوت السوط.