وجهت جمعية تيماتارين الثقافية والإجتماعية مراسلة إلى المجلس البلدي بيوكرى بخصوص إعتماد اللغة الأمازيغية في علامات التشوير وأسماء الأماكن، وكذا العلامات المميزة للمؤسسات ذات الصبغة العمومية، ولم تستقبل الجمعية أي مراسلة جوابية حول الموضوع، وفي غياب أي تعاطي إيجابي مع المراسلة قدمت الجمعية طلب مقابلة مع رئيس المجلس البلدي قصد تقديم إستفسار حول ملابسات غياب أي ردود، غير أن سياسة الآذان الصماء والتسويف وتمطيط الوقت شكلت أبجديات الرد المؤسساتي . تستمد الجمعية خطابها من عمق الحقائق التاريخية وكذا من حتمية بناء الوعي بالهوية البصرية دعامة أساسية في ضوء ثقافة الصورة السائدة، كما يشكل حرف تيفيناغ المكون البنيوي المحوري لملامح الهوية البصرية. والحرف الأمازيغي يحسس الإنسان بإنتماءه الهوياتي للأرض وبحضوره الآني في السيرورة التاريخية، بدل تعميق إحساسه بالإغتراب وإنفصاله عن الواقع والشرط التاريخي. بالنسبة للمغرب متعدد اللغات يفرض بالأساس سياسة ثقافية تراعي خصوصيات المجتمع المغربي ثقافيا ولغويا، والإقتناع بين الذاتية واللغوية هي أساس كل حوار ديمقراطي منفتح، أو يقبل الإختلاف . وتنطلق الجمعية وعيا منها بالهوية الأمازيغية كمكون دينامي محوري للمغاربة، ودرءا للتوجه الإيديولوجي الملتبس الذي يقصي البعد الأمازيغي من المشاريع الثقافية، وفي غمار التطاول المكشوف على ذاكرة المغرب وتراثه المادي واللامادي مما يطرح جملة من الإشكالات حول تعاطي الجهات المسؤولة مع هذا الإقصاء الممنهج للهوية الأمازيغية . يقول الفيلسوف شاتوبرمان “إن أمة معاقة تظل في السرير زمنا طويلا قبل أن تموت “. كما أنه بعد استئصال الرموز الثقافية لمنطقة أشتوكن أيت باها فضاء ثقافي متجذر في التاريخ ، صارت تعيش بين سندان التهميش ومطرقة النسيان وتقاوم زحف الإجتثات نحو الزوال. وبعد إزالة الأبراج بالمنطقة التي تؤرخ لذاكرة أشتوكن أيت باها وتخريب قصر القايد إرعا، كمعلمة تاريخية، تعمقت جراح الإنسان “الأمازيغي” بنقل فرع مندوبية وزارة الثقافة وإبعادها إلى منطقة أخرى، كأن بيوكرى تفتقد للفعل والدينامكية اللازمة. وإن كان ذلك هو التبرير فالأمر راجح بالأساس لإرادة عاجزة. فخطاب الصورة كخطاب ملازم للإنسان ومرتبط به في الحياة اليومية، من شأن تحريره من الإيديولوجية الشمولية، التي لا تؤمن بمبدأ الاختلاف وتنهج مقاربة البعد الوحيد كسمة تكرس الإقصاء الممنهج، الرقي بالمدينة وربط حاضرها بماضيها التليد، في أفق تشكيل معالم الغد. فالجاذبية البصرية الكتابية أساسا، لها دورها في الدلالة على التنوع الألسني/اللغوي وتحديد الإنسان الأمازيغي في وجوده بدل تفجير أحاسيس الاغتراب. وثمنت جمعية تيماتارين جهود الكثير من الفعاليات الجمعوية الذين قدموا نفس الرؤية وسهروا على بلورتها على أرض الواقع. وإذ تقدم رؤيتها هاته فهي تهدف إلى ربط الواقع النظري “دسترة اللغة الأمازيغية نموذجا” بواقع ممارساتي عملي يتجاوز سياسة الحبر على الورق وسياسة التسويف. وتمطيط الوقت . إن المقاربات التنموية التي يغيب عنها الهاجس الثقافي تتحول إلى مقاربات غير ناجحة وهي مقاربات مستعارة بأدوات إجرائية غير نابعة من الواقع السوسيوثقافي. فالبديل يكمن في مقاربات تعي سؤال الثقافة وعيا تاما لا وعيا شقيا. فجمعية تيماتارين ترفض الاستيلاء على ذاكرة المكان تحث يافطة التحضر والتمدن، مؤمنة أن لا تنمية بدون إستراتجية تعي أمازيغية المكان الرمز والمكون الهوياتي ، هذا إن كانت هناك تنمية أصلا في ضوء التهميش المفروض على ساكنة الإقليم . وتواجه جهود جمعية “تيماتارين” بصمت غير مبرر وبآذان صماء، وفي ما نذر أجوبة يتيمة تكرس الفكر الشمولي الذي يعتبر الفعل الثقافي ترفا كما يعتبر الحرف الأمازيغي حرفا مستعارا، مما يؤكد غياب إجابة علمية أكاديمية لأن حرف تيفيناغ نابع من ذاكرة الأرض ومنها يستمد وجوده واستمراريته وتجلّ من تجلّيات استمرار الإنسان الأمازيغي على أرضه فكرا ولغة وهوية وثقافة وتراثا . إن جمعية تيماتارين تدعو إلى بلورة سياسة لغوية وثقافية تتأسس على مبدأ الديمقراطية لرد الإعتبار للحقوق اللغوية والثقافية للإنسان المغربي، ثم إن تكريس مبدأ المساواة بين الأفراد والجماعات على شتى المستويات يستلزم النهوض بالحقوق الثقافية للإنسان المغربي، كأساس يسهم في الحفاظ على خصوصيته الثقافية لذرء الإستلاب . لجنة الإعلام لجمعية تيماتارين ابراهيم وبها أحمد بوزيد