الساعة تشير إلى السادسة مساء بمحطة الباطوار بأكادير، التي تعرف رواجا كعادتها في فصل الصيف، الساحة مزدحمة بالكورتيا الذين ينادون على كل راكب محتمل، وسيارات الأجرة المتجهة نحو كل الاتجاهات تملأ المكان، إلا المنطقة المخصصة للسيارات المتوجهة لهوارة، حيث يصطف الناس في غياب تام للتاكسيات. المواطنون الذين ملوا الانتظار يتوجهون نحو انزكان أو أيت ملول والذين لم ييأسوا بعد يتطلعون نحو كل سيارة متجهة نحوهم يحذوهم الأمل أن تتوقف أمامهم. لكن كل سيارات الأجرة القادمة من مدينة أولادتايمة تتجه نحو موقف قريب من المحطة، ويسجل السائق دوره مع المتجهين نحو مدينة تارودانت تاركا المنتظرين المتجهين للمدينة عالقين لتتضاعف أعدادهم كل لحظة، دون أدنى حس بواجب المسؤولية. ليأتي بعدها دور “الكورتي” المنقذ الذي يختار “ضحاياه” بعناية: امرأة مسنة أو أسرة كثيرة الأطفال أو مجموعة شابات ليقترح الحل، حيث يوهم الزبناء بأنه أقنع أحد سائقي تاكسي تارودانت بالتوجه لهوارة وعلى الراكب أن يؤدي ثمن 25 درهما بدل 17 درهما ويحصل الكورتي على 10 دراهم من السائق إضافة إلى بقشيش من الدراهم من الراكبين الذين أنقذهم من الانتظار. إنها مسرحية مبتذلة الأدوار تتكرر كل مساء بطلها الكورتي صاحب الشنب المكلف بتاكسيات هوارة ويشاركه البطولة عدد من السائقين الذين يستغلون كل مناسبة من أجل رفع الثمن، وللأسف يساهم فيها أيضا المواطنون الذين يقبلون بأداء هذه المبالغ المضاعفة نهارا جهارا. إنه الواقع المرير لقطاع النقل بمدينة أولاد تايمة الذي يعرف فوضى لا حدود لها، فإضافة إلى عدم احترام قانون السير والجولان والسباقات بشوارع المدينة، نجد التلاعب اليومي بالأثمنة، التي لا يستثنى منها حتى أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة الذين نادرا مايحترمون تكلفة التنقل المحددة في 7 دراهم ونصف، وترى السائقين لا يكلفون أنفسهم عناء الاعتذار وهم يرجعون لك درهمين ويتبرمون متأففين عندما تطالبهم بنصف درهم. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد حيث يطالب بعض السائقين بمبلغ 100 دراهم دون أي سند قانوني، كما نجد من يطالب بمبلغ 20 درهما أو يزيد عندما تكون الوجهة حي الشراردة أو حي الكليتة علما أنهما داخل المجال الحضري للمدينة.