رغم أنه تجاوز 69 سنة ويشرف على السبعين ، مازال هذا العجوز " أسيرا " لطريق لإنحراف " ولم يتعض رغم قضائه لستة عقوبات حبسية إثر تورطه في أعمال النصب والإحتيال والسرقة والسرقة الموصوفة والتشرد والإكراه البدني ، مع أنه تقني كهربائي بارع يشهد ببراعته عددا من زملائه في المهنة بمدينة مراكش حيث نشأ وترعرع وحصل على شهادة البكالوريا ، وتزوج وأنجب سبعة أبناء ، غير أنه فضل التشرد بشوارع أكادير على أن يعيش معززا مكرما وسط أسرته وقريبا من بناته وأبنائه بمراكش . العجوز الذي فقد الكثير من قواه الصحية والجسدية بعد أن تقدم به السن لم يعد يستطيع أن يمارس السرقة بالخطف كما كان يفعل قبل سنوات ، كما لم يعد في وسعه أن يعترض السبيل ويسلب من ضحياه ماتيسر بواسطة التهديد ، ولا يقوى على تسلق الجدران لإقتحام منازل أسر تعيش في المهجر والمنتشرة بكثرة في مدينة أيت ملول حيث تشرد لسنوات ، تحسر العجوز كثيرا على غدر الزمان ، ومع ذلك لم يفقد الأمل في " إبداع " أشكال أخرى من افعال جرمية " تناسب " سنه ووضعه الصحي . كان العجوز يمشي في شارع 20 غشت بمدينة أكادير إلى أن لفت إنتباهه سائحين أجنبيين أمام آلة أوتوماتيكية لتحضير القهوة والمنصبة بجانب محل للمأكولات الخفيفة ، وأسترعته بالخصوص القطع النقدية التي أفرغها السائحين في هذه " الآلة العجيبة " وتمعن فيها لمايزيد عن نصف ساعة ليفهم بالضبط مكان تواجد الصندوق الذي يحتفظ بالنقود إلى حين إفراغه ،وأنصرف بعد أن فهم المراد ، نحو سوق المتلاشيات بسيدي يوسف حيث إقتنى ثلاث "ترنوفيسات " وملقاطين وسكين . إختار الظنين السادسة صباحا حيث مازال الشارع خاليا من المارة ، وبواسطة آلة حادة ( تونوفيس ) ، فتح صندوق اآلة القهوة المذكورة ، وأستولى على مدخولها الذي يقدر112 درهما ، كان كافيا لقضاء حاجياته من المأكل والسجائر التي أدمن عليها مند سنوات . في اليوم الموالي إختار البحث عن الة مماثلة لإختلاس ماتيسر، لكن في وجهة أخرى مختلفة من وجهات المدينة حتى لايكتشفه "البوليس " وتأتى له ذلك بعد أن وجد الة أخرى منصبة بشارع الشيخ السعدي جوار ثانوية يوسف بن تاشفين وكان المختلس أكبر من سابقة ويقدرب 370 درهما ، وبعد أسبوع يختلس 630 درهما من الة قهوة منصبة بشا رع المقاومة ، وأستمر لما يزيد عن ثلاث شهور يختلس مداخيل هذه الآلات المنصبة في مختلف شوارع المدينة ، وكان المبلغ الأغلى والأسمن هو ذاك الذي حصل عليه بعد أن أعاد إختلاس الآلة المنصبة بشارع 20 غشت للمرة الثانية ، والذي قدر ب 2000درهم ، دون أن يدري أن الشركة المالكة لها نصبت له فخا بوضع كاميرا للمراقبة على جدار محل " السناك " المجاور . الشركات المالكة لهذه الآلات أمطرت مصالح الشرطة والنيابة العامة بسيل من الشكايات ورغم تجنيد الأمن لكل طاقاته لم يستطيع الوصول إلى الجاني الذي لم يتصور أيا من رجال الأمن المكلفين بالقضية أن يكون الفاعل عجوزا في سن السبعين ، وظلت شكوكهم فقط تحوم حول منحرفين شباب معروفين بتعاطيهم لمختلف أنواع السرقات ، وربما كان البحث عن الظنين سيطول لو لم يزود صاحب آخر آلة مسروقة " البوليس " بفيديو ملتقط من كاميرا المراقبة، بعد الإطلاع على الفيديو تنطلق من جديد حملة تمشيطية بمختلف الأحياء أسفرت هذه المرة عن توقيف الجاني بشارع أحمد الحاج وتم تقديمه للعدالة التي أدانته بسنة واحدة حبسا نافذا وغرامة نافذة 500 درهم .