تناولت مؤخرا عدة منابر إعلامية موضوع الحرية الجنسية خصوصا بعد دعوة بعض الحقوقيين بإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على معاقبة جريمة الفساد وإقامة علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية، وإذ يُعتبر موضوع الحرية الجنسية داخل المجتمع الإسلامي من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها في الظاهر، ولكن في الواقع نلاحظ أن ثقافة الحرية الجنسية أصبحت تتكاثر داخل المجتمع خصوصا في أوساط الشباب. فإضفاء نوع من اللباس الحقوقي على الحرية الجسدية للفرد من أجل إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي، لن يساهم سوى في اتجاه الشرعنة القانونية للمرأة على الخصوص للتحرر من سياسة الحجر الممارس عليها من طرف المجتمع بخصوص الممارسة الجنسية خارج مؤسسة الزواج، الذي لم يحتاج إلى إسقاط أي مادة قانونية ليبيح ممارسة الرجل لحريتة الجنسية وهي أكبر المفارقات العجيبة والغريبة. و من أكبر المتناقضات الصارخة داخل المجتمع هي منح الحرية الجنسية للرجل إن كان عازبا أو التغاضي عن خيانته الزوجية بإسم الأعراف والتقاليد التي ترى أن الرجل يمكنه أن يجتاز الخطوط الحمراء فقط لأنه رجل! وبالمقابل فهو يحتفظ بجميع الأسلحة لتأديب المرأة إن هي ارتكبت أية خطيئة كيفما كان حجمها ولو كانت الوحيدة في حياتها، و من الأمثلة التي لا زالت تشغل تفكيري هي: كيف لرجل مارس الرذيلة في العديد من المرات وفي نفس الوقت فهو في ليلة زفافه يبحث عن دم البراءة و العفة! إن المطالبة بالحرية الجنسية سيكون لها عدة عواقب على المجتمع المغربي سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية، ففي فرنسا مثلا أصبحت نسبة المواليد خارج مؤسسة الزواج أكبر من المواليد لآباء متزوجين حسب إحصائيات نشرت عام 2006 و من أجل مسايرة هذه الحرية الجنسية وضعت قوانين دستورية تحدد أنواع الزواج : فهناك “زواج تقليدي” بنظاميه: نظام المُشاركة والمُناصفة أو نظام فصل الملكيّة، و “زواج المعاشرة أو الاتفاق الحر”، و “زواج اتفاق التضامن المدني” والذي به استفاد المثليين من تقنين زواجهم , كما أنه أصبح مسموحا للأطباء و الممرضين في بعض الدول الغربية منح حبة mifegyne للمراهقات في المدارس لمساعدتهن على الإجهاض. وهنا يمكننا أن نتساءل و نفتح النقاش بكل صراحة و موضوعية حول المطالبة بالحرية الجنسية: *هل المجتمع المغربي قادر على تقبل أطفال خارج مؤسسة الزواج، للاعتراف بهم سواء بالنسبة لحقوقهم المعنوية أو المادية الذي يعتبر “الإرث“ نظام مرجعي له لتحصين الحقوق المادية لكل فرد داخل الأسرة ! *إذا كان السبب الرئيسي للإجهاض السري في المغرب هو الخوف من رفض المجتمع للأطفال المولودين خارج الزواج, حيث أعطت الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري أرقاما تتراوح ما بين 600 و800 حالة يوميا، فكم عدد الأطفال المغاربة الذين سيزدادون خارج مؤسسة الزواج! *أثيرت مؤخرا عدة قضايا تخص زواج القاصرات، فما رأي الجمعيات الحقوقية في الحرية الجنسية لدى المراهقات إن تم إلغاء فصل 490 من القانون الجنائي! * كيف لمجتمع لا يقبل بتوعية أبنائه حول الأمراض المتنقلة جنسيا و السبل للوقاية منها عبر نشر الثقافة الجنسية أن يقبل بمنح حبوب منع الحمل للمراهقات أو حبوب للإجهاض في المؤسسات التعليمية للحد من الفساد البشري! * إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي سيعجل بمنح حقوق للمثليين على غرار الدول الغربية حيث ستظهر بجانب الزواج التقليدي المتداول لدى المجتمع المغربي، قوانين منظمة للمعاشرة بين طرفين كيفما كان نوع الجنس ! وختاما فإن المناداة بالحرية الجنسية لن تساهم سوى في تكسير الحواجز أمام المرأة بعدما كسرتها الأعراف و التقاليد أمام الرجل، و لن تضيف للمرأة سوى المزيد من المشاكل و المعانات في مجتمع عجزت فيه أن تفرض قدراتها الفكرية و السياسية, وأي خطوة منها لدخول هذا النفق لن يساهم سوى في فقدانها لحقوقها الشرعية المحصنة, وإذا كان اليوم المجتمع الغربي يتخبط في عدة مشاكل بسبب هذا التوجه، فإن على المجتمع الإسلامي أن يعمل على صيانة مؤسسة الزواج لتعزيز استقرار المجتمع و الدولة، وإن الاستمرار في الدفع نحو هذا النوع من الحريات لن يساهم سوى في تكسير أهم باب في العقيدة الإسلامية والذي هو” باب التوبة”، هذا الباب الذي يشكل منعطفا جديدا لكل من أراد إصلاح أموره الدينية والدنيوية ونقطة انطلاق لكل من تغلب على كبح أهواء نفسه، وعلى المجتمع المغربي أن يكون واعيا بممارساته خارج مؤسسة الزواج التي تشكل نفاقا و تناقضا بين هويته الإسلامية و بين شغفه باستنساخ تجارب غربية ، هذه التجارب التي لن تساهم سوى في الدفع بتقنين هذه الممارسات الاجتماعية.