أعلن الملك محمد السادس خلال زيارته إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة وبالتحديد إلى مدينة العيون بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء عن استثمارات تقدر بنحو77 مليار درهم، حيث أعطى جلالته إطلاق العديد من المشاريع التنموية الكبرى في الأقاليم الجنوبية للمملكة. وهو ما يؤكد البعد التنموي والاقتصادي للزيارة والذي يهدف إلى إعادة تأهيل المنطقة وتفعيل الجهوية الموسعة في المنطقة. وخلال زيارته التاريخية للأقاليم الجنوبية، ترأس الملك محمد السادس عشية يوم السبت 7 نونبر بالعيون حفل توقيع على أهم الاتفاقيات التي تدخل في إطار تنمية الاقاليم الجنوبية في مختلف المجالات، حيث أعطى الملك محمد السادس الإنطلاقة لإقلاع اقتصادي كبير بأقاليم الصحراء بميزانية ضخمة قدرت ب77 مليار درهم ، بمناسبة إطلاق النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية... ويتمحور هذا النموذج التنموي الجديد، الذي يضع المواطن في صلب الأولويات ، يتمحور حول مبادئ التشارك والادماج، ويستند على مبادئ الحكامة والمسؤولة، ويستهدف خلق دينامية تنموية مستدامة قادرة على خلق فرص الشغل للأقاليم الجنوبية، كما يهدف هذا النموذج الذي يستهدف كذلك تشجيع المبادرة الحرة عبر إقلاع تنموي من صنع المواطن ومن أجل المواطن وجهات في خدمة المواطن وبيئة سليمة ومستدامة لفائدة الأجيال القادمة. ومن بين أهم المشاريع التي ضمها الإقلاع الإقتصادي، المركز الاستشفائي الكبير للعيون بميزانية 1,2 مليار درهم، والطريق الأطلسي السيار الذي سيربط مدينة تزنيتبالعيون عبر الداخلةأكادير، إضافة إلى الميناء الأطلسي بالداخلة، ومشاريع أخرى مهمة. ومن أهم البرامج الاستثمارية التي تم إعلانها وتوقيع اتفاقياتها أمام الملك بالخيمة الكبرى التي اقيمت في ساحة الدشيرة وسط المدينة، ستحصل على تمويلات عمومية، تناوب وزراء الحكومة ومدراء كبريات المؤسسات العمومية والمكتب الشريف للفوسفاط، على توقيع اتفاقيات الالتزام بتوفير اعتماداتها المالية. أكبر وأهم هذه البرامج يتمثل في مخطط تنموي شامل لجهات الصحراء الثلاث، كشف عنه وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، موضحا أنه يتطلب 77 مليار درهم موزعة بين قطاعات النقل والفلاحة والصيد البحري والصحة وبعض البنيات التحتية الأساسية. الشق الثاني من هذه الاستثمارات، سيتم عبر المجالس الجهوية الجديدة التي أفرزتها انتخابات 4 شتنبر الماضي، حيث ستحصل جهة العيون على سبعة ملايير من الدراهم، وجهة الداخلة على ستة ملايير ونصف مليار درهم، وجهة كلميم على خمسة ملايير ونصف مليار درهم. البعد الاقتصادي للنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية يهدف إلى إعادة هيكلة محركات النمو والتنمية وفق برنامج لدعم القطاعات الانتاجية، في قطاعات الفوسفاط عبر مشروع فوسبوكراع والفلاحة والصيد البحري والسياحة الايكولوجية، أما على المستوى الاجتماعي فإن البرنامج يتضمن، تفعيل برامج أقطاب التميز من خلال إنشاء المركز الاستشفائي الجامعي للعيون، وإنشاء مشروع تكنوبول بمنقطة فم الواد، والنهوض بالثقافة الحسانية. وفي بعد الاستدامة وتقوية شبكات الربط ، يتمحور هذا النموذج حول ثلاث أهداف رئيسية هي حماية الثروات المائية والبحرية، والنهوض بالطاقات المتجددة، وحماية الانظمة الطبيعية والتنوع البيئي، وتقوية شبكات الربط بين الاقاليم الجنوبية وباقي مدن وأقاليم المملكة وكذا مع باقي العالم. من جانبه القطاع الخاص سيضخ استثمارات جديدة في أقاليم الصحراء، قدرت قيمتها بأكثر من خمسة ملايير من الدراهم، وهي الاستثمارات التي سيواكبها الاتحاد العام لموقاولات المغرب، لتفعيل هذا النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية ، عبر مبادرة تتضمن تعبئة الاستثمارات وخلق فرص الشغل في الأقاليم الجنوبية. وتتضمن هذه المبادرة (5,4 مليار درهم) وتهم إنجاز 59 مشروعا من مختلف القطاعات (الطاقة والعقار والتجارة والخدمات والنقل والتربية والصحة) وهو ما سيمكن من خلق 10 ألف و 300 منصب شغل. وقد كشف المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط، مصطفى التراب، عن مشروع مركب جديد للتكوين عالي المستوى، باستثمار ملياري درهم على بعد كيلومترات من مدينة العيون. يعتزم، في إطار هذا النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية ، إنجاز مركب صناعي جديد لإنتاج الاسمدة (16,8 مليار دهم) فضلا عن إحداث "تكنوبول" بفم الواد (2 مليار درهم) والذي سيحتضن جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بمدينة العيون ، وثانوية للامتياز ومركزا لتأهيل الكفاءات. مشروع تهيئة الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين تيزنيتوالداخلة (8,5 مليار درهم) ، لافتا إلى أن هذا المشروع الذي ستستفيد منه ساكنة جهات سوس ماسة وكلميم وداد نون والعيون الساقية الحمراء والداخلة واد الذهب، سينجز داخل أجل ست سنوات على طول 1055كلم. أما وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، فاستعرض الخطوط العريضة لمشروعين مهيكلين سيمكنان من إعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الفلاحي بجهة العيون- الساقية الحمراء. ويهم هذان المشروعان، على التوالي، إحداث مدار سقوي على مساحة 1000 هكتار لتنمية سلسلتي الخضروات والحليب لفائدة ساكنة وفلاحي جماعة الجريفة بإقليم بوجدور باستثمار تبلغ قيمته 465 مليون درهم، وبرنامج مشاريع الفلاحة التضامنية لمخطط المغرب الأخضر بالجهة ( 1,1 مليار درهم). وبنفس المناسبة سجل وزير الصحة الحسين الوردي أن المركز الاستشفائي الجامعي للعيون (1,2 مليار درهم) سيوفر خدمات صحية من الجيل الثالث ، وتبلغ سعته 500 سرير ، مبرزا أن هذه البنية الاستشفائية النوعية المرجعية ستضم فضلا عن ذلك قطبا للامتياز من مختلف التخصصات (الام والطفل والانكولوجيا والطب النفسي والمستعجلات وغيرها). كما بسط كل من وزير المالية و وزير الصحة و التجهيز والنقل والفلاحة والمدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط أبرز الخطوط العريضة للبرنامج الإقتصادي الذي سيجعل من الصحراء قاطرة كبرى للتنمية . وخلال هذه الزيارة التاريخية التي قام بها الملك محمد السادس للأقاليم الجنوبية، خرج فيها عشرات الآلاف من المغاربة إلى شوارع مدينة العيون احتفاء بقدوم جلالته للاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء، وتفاعلوا مع هذه المناسبة بشكل كبير. وكان الملك قد أعلن، في الخطاب الملكي الذي وجه من مدينة العيون بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، عن تعبئة كل الوسائل المتاحة لإنجاز عدد من الأوراش الكبرى، بالجهات الجنوبية الثلاث، وخص جهة الداخلة وادي الذهب بمجموعة منها . وخلص الملك إلى أن تطبيق النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، "يجسد وفاءنا بالتزاماتنا تجاه المواطنين بأقاليمنا الجنوبية، بجعلها نموذجا للتنمية المندمجة، ودعامة لترسيخ إدماجها، بصفة نهائية في الوطن الموحد، وتعزيز إشعاع الصحراء كمركز اقتصادي، وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.