فجر المرصد الجهوي لحماية المال العام بتزنيت، فضيحة من العيار الثقيل، يتعلق الأمر بمقاولة في ملكية مستثمر أجنبي، استطاع بفضل نسج علاقات متشبعة بمسؤولي بعض الإدارات والمؤسسات العمومية، الحصول على قروض بملايير السنتيمات ممولة من طرف مصارف محلية، تحت يافطة إنجاز مشروع ضخم بالشريط الساحلي لجماعة أربعاء الساحل ضواحي تزنيت، مستغلا في ذلك تبسيط المساطر الإدارية المعمول بها لفائدة المستثمرين الأجانب. غير أن دخول المرصد الجهوي لحماية المال العام في ملف القضية كشف المستور، بعد الشكاية التي تقدم بها المرصد إلى وكيل الملك، تفيد تبديد ونهب المال العام، والاغتناء غير المشروع، الغش الضريبي، تهريب العملة، النصب على الدولة عن طريق الاحتيال باسم الاستثمار الأجنبي، وذلك انسجاما مع أهداف المرصد المبنية على تخليق الحياة العامة، والمساهمة في حماية المال العام والتصدي لناهبيه، وكذا انسجاما مع المبادئ الشمولية للمرصد الذي يجعل من مناهضة الفساد ونهب المال العام احد أهدافه الكبرى. تفويت عقار ب20 درهما يشير قرار صادر عن والي جهة سوس ماسة السابق، الصادر بتاريخ 3 مارس 2005 والذي يرخص بتفويت بالتراضي قطعة أرضية مخزنية تقع بجماعة أربعاء الساحل، وبناء على دفتر الكلف والشروط العامة الواجب فرضها على مشتري القطع الأرضية المخزنية الحضرية المصادق عليه بظهير 12 يوليوز 1948 كما وقع تغييره بظهيري 30 غشت 1949و 6 يناير 1954، حيث حدد الفصل الأول من عقد البيع الموقع بين رئيس دائرة الأملاك المخزنية بتزنيت وشركة «بلان سود» على تحديد هذا البيع بثمن قدره 563000.00 درهم بمبلغ 20 درهم متر للمربع، على مساحة أرضية تزيد عن « 28150 م2 « هذا في وقت يصل فيه ثمن العقار الحقيقي للمتر المربع الواحد بالمنطقة نفسها إلى أزيد من 5000 متر، على اعتبار الموقع الاستراتيجي للعقار المتواجد على مشارف شاطئ أربعاء الساحل. تلاعبات بدفتر التحملات طالب المرصد الجهوي بفتح تحقيق، بشأن هذا المشروع السياحي الذي تم الإعلان عنه، بعد أن تمت المصادقة على عقد بيع قطعة أرضية مخزنية مساحتها: 28150م2 بتاريخ: 08/03/2005 من أجل بناء مجمع سكني وسياحي كما هو متفق بشأنه من خلال إرسالية والي الجهة آنذاك، حيث تمت المصادقة والتوقيع على دفتر التحملات والكلف والشروط، غير أنه تبين مع مرور الوقت، عدم احترام شركة «بلان سود» الالتزامات المحددة في الفصل الرابع من دفتر الكلف كآجال لنهاية الأشغال والمحدد في 24 شهر، ابتداء من تاريخ التوقيع على عقد البيع، مع عدم احترام الشركة المذكورة التصاميم المصادق عليها في عملية التهيئة والبناء، كما لم تلتزم الشركة صاحبة المشروع ببناء فندق ومطعم من صنف ثلاثة نجوم، حيث يشير عقد البيع إلى الالتزام ببناء 23 فيلا وفضاء للنزاهة وفضاء للألعاب ومحطة لمعالجة المياه المستعملة وتهيئة فضاء من مسبح كبير ومطعمة للمأكولات السريعة، وعلى عكس ذلك، بادرت الشركة المعنية إلى تفويت جزء من العقار مساحته 1.542 متر مربع مخصص لإحداث الفندق المذكور بمبلغ 19.000.000 درهم ضدا على ما هو منصوص عليه في دفتر الكلف، وهو ما جعل الشركة المدنية العقارية «كيلي» تقوم بتسجيل تقييد احتياطي على الملك المخزني ضدا على عملية التفويت هذه. بيوعات فوق أراض مخزنية مرهونة للغير. وقد بينت التحقيقات الجارية في ملف القضية، أن شركة «بلان سود» قامت بأشغال مشاريع سياحية، فوق أراض تعتريها مجموعة من الرهونات يتجاوز سقفها المالي 160840.000.00 درهم ضدا على الفصل الخامس عشر من دفتر التحملات، مما يكشف حجم التلاعبات التي طالت الضحايا زبناء الشركة الذين اقتنوا الفيلات السكنية بمبالغ مالية متفاوتة تتراوح ما بين 140.000 أورو و 200.00 أورو، دون أن يتمكنوا من حيازة وثائق ثبوت ملكية عقاراتهم. تملص ضريبي حرمت شركة «بلان سود» خزينة الدولة من عائدات مالية مهمة تقدر بملايين السنتيمات، وهو ما عرض الشركة المعنية إلى مراجعة ضريبية لاحقا، رغم أن الأخيرة لم تقم بالتصريح بالرأسمال الحقيقي للشركة، علما أن مستندات الذمة المالية التي صرح بها المستثمر حددت فقط في مبلغ 100.000 درهم، فيما تسلمت شركته مشروعا ضخما ناهزت تكلفته الإجمالية سبعة ملايير سنتم، كما كشفت الكمبيالات الخاصة بأداء المستفيدين، أن صاحب المشروع، عمد إلى مباشرة عملية البيع وإنجاز العقود داخل المغرب، فيما يتولى عملية تسليم المبالغ المالية مباشرة خارج المغرب، وهو ما يعد نوعا من التحايل وتعمد مقصود لتهريب العملة بوسائل احتيالية، الأمر الذي فوت على الدولة مبالغ مهمة من العملة هي في أمس الحاجة إليها، من جهة ثانية عدم استفادة مصلحة التسجيل والتمبر من الرسوم الواجبة عن كل عملية بيع، وهو ما جعل المرصد الجهوي في شكايته، يطالب بالمساءلة القضائية عن طريق استدعاء كافة الأشخاص موضوع عقود البيع مع المشتكى به، واستفسارهم عن الظروف التي تمت فيها عملية البيع من جهة وكذا طريقة الأداء بالعملة الوطنية أو الأجنبية، نقدا أو بواسطة شيكات بنكية، الدفع بالمغرب أو خارج أرض الوطن قصد تحديد المسؤوليات، وكذا المطالبة بالكشف عن كافة الحسابات البنكية الخاصة بالشركة وبممثلها القانوني، مع العمل على الإدلاء بكافة الكشوفات الخاصة بتلك الحسابات مع مقارنتها بكافة المبالغ المتحصل عليها في شهادات الحجوزات المنجزة، وكذا الأسباب التي اعتمدتها الشركة المشتكى بها في اللجوء إلى الدين والاقتراض، علما أن ممثلها القانوني له الصفة الأجنبية، وبالتالي من الفروض أن تكون لديه بنية مالية مسبقة، قد تستفيد منها الدولة علاوة على مجموعة من المبالغ المالية المتحصل عليها في إطار حجوزات مسبقة الدفع بالعملة الصعبة ( الأورو) خاصة بما مجموعه 220 فيلا سكنية، إلى جانب مجموعة من المرافق الأخرى خاصة الفندق والمطعم وغيرها. مسؤولون محليون متورطون أوضحت التحقيقات التي باشرها المرصد، تورط مسؤوليين محليين في هذه الفضيحة العقارية، وهي ما طالبت به في الشكاية السالفة الذكر، حيث ألحت على ضرورة استدعاء كل من مندوب أملاك الدولة «محمود. ب» واستفساره والبحث معه حول الأسباب التي اعتمدها في التوقيع لفائدة الشركة المشتكى بها على إبراء رقم: 02/2008 المؤرخ في 05/09/2008 وكذا استدعاء مدراء المؤسسات البنكية المقرضة واستفسارهم عن الأسباب التي اعتمدوها في منح الشركة المشتكى بها، قروضا ضخمة تجاوزت 13.000.000،00 درهم ضدا على ما هو منصوص عليه في دفتر الكلف والشروط من جهة، ومن جهة ثانية نوعية الضمانات المقدمة من طرف الشركة المشتكى بها وكذا المهندس «محمد . ق» واستفساره والبحث معه حول الأسباب التي اعتمدها في التوقيع على شهادة نهاية الأشغال عدد 02/14 المؤرخة في 28/04/2014 . دون تحقيق ذلك كليا على أرض الواقع، ثم رئيس مصلحة التسجيل والتمبر بأكادير، واستفساره فيما إذا كانت المصلحة قد استخلصت كافة الرسوم والواجبات عن كل العقود وفق ما هو محدد قانونا، كما أن من شأن استدعاء هؤلاء إماطة اللثام عن خيوط هذه الفضيحة العقارية وتحديد المسؤوليات، هذا في وقت تؤكد كل الأدلة الدامغة التي بحوزة المرصد، بما لا يدع مجالا للشك، تورط هؤلاء، في تسهيل عملية الاحتيال على الضحايا وبيعهم فيلات سكنية مشيدة فوق أراضي مثقلة بالحجوزات بعد تسهيل حصوله على تسهيلات إدارية خارج القانون. مشاريع سكنية فوق أراض مثقلة بالرهون والديون استطاع صاحب الشركة وبتواطؤ مع جهات متداخلة، إدماج الملك المخزني موضوع الرسم العقاري25391/31 المثقل بالشروط والالتزامات، مع الرسم العقاري عدد 20990/31 الذي اقتنته الشركة من عند الخواص في الرسم العقاري 15282/31. وذلك قصد توسيع نشاطها السياحي وإتمام أشغال البناء والتشييد فوق أراضي مملوكة للدولة، ومثقلة بمجموعة من الرهون، مع تسجيل مجموعة من الحجوزات على الملك المخزني والتي تجاوز مجموع قيمتها المالية حوالي ( ثلاثة ملايير و500 مليون ) تسجيل تقييد احتياطي على الملك المخزني من طرف الشركة المدنية العقارية «كيلي» بعد أن قامت الشركة المشتكى بها، بتفويت جزء من العقار مساحته: 1.542 متر مربع مخصص لتشييد فندق ومطعم صنف ثلاثة نجوم بمبلغ: 19.000.000،00 درهم ضدا على المنصوص عليه قانونا، تسجيل مجموعة من التقييدات الاحتياطية على الملك المخزني من طرف مجموعة من الأشخاص الذاتيين من جنسيات أجنبية، وذلك بعد أن قامت الشركة المشتكى بها بتفويت مركبات سياحية لهم بمبالغ مالية متفاوتة تتراوح ما بين: 140.000 أورو و200.000 أورو، رغم أن العقار مثقل بالشروط والالتزامات، ومنها منع التفويت ومنع الرهن ومنع الكراء، كما هو منصوص عليه في الفصل الخامس عشر من دفتر الكلف والشروط. الذي يمنع على المشترية أي الشركة، بيع أورهن أو كراء كل أو بعض من القطعة الأرضية المبيعة، دون إذن صريح ومكتوب من مندوب الأملاك المخزنية، وبعد حصولها على الإبراء، كما يمكن للمشترية أن تتصرف في القطعة الأرضية المبيعة كيف تشاء، شريطة احترام القوانين والاتفاقيات الجاري بها العمل. وهو ما يتعارض قانونيا وما قامت بها الشركة المعنية من اختلالات وتلاعبات إدارية ومالية خطيرة. مطالب مرصد حماية المال العام بعد تدخل المرصد الجهوي لحماية المال العام كطرف مطالب بالحق المدني في ملف القضية، استدعت الشرطة القضائية التابعة لمفوضية أمن تزنيت رئيس المرصد اذباكريم التوفيق أواخر شهر فبراير الفارط، قصد الاستماع إلى إفاداته في الموضوع وإنجاز محضر قانوني، كما قدم المرصد في المقابل ملتمسا إلى ممثل النيابة العامة، بإعطاء التعليمات وإجراء الأبحاث والتحريات لضمان حسن إجراءات البحث وتحقيق العدالة، باتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية التي من شأنها إعطاء العدالة سيرها العادي والطبيعي، وذلك بإغلاق الحدود وسحب جوازات السفر لكل مشتبه في تورطه بشكل مباشر أو غير مباشر في كل التلاعبات التي شابت إنجاز المشروع السياحي. كما طالب المرصد من والي الجهة، بصفته المسؤول الأول على المصادقة وتفويت العقار لإنجاز المشروع السياحي، بإلغاء شهادة انتفاء الصبغة الفلاحية، مع نقل ملكية المشروع إلى الملك الخاص للدولة، كما يلتمس المرصد من مكتب الصرف إيفاد لجنة تحقيق وفتح بحث يهم المعاملات المالية التجارية، بين الشركة المعنية وزبنائها والتي تتم داخل المملكة، في حين يتم الأداء بالعملة الصعبة.