لم يستسغ الكثيرون مشهد دخول الثلاثي " السطل والجفاف والبونج" لفضاء عرس كرة القدم الكرة العالمية، دخول كان غير مرغوب فيه، أحدث ضجة كبرى وتابعته أكثر من 60 قناة تلفزية عبر القارات الخمس، وغطاه أكثر من 400 صحفي دولي يتابع أحداث كأس العالم للأندية على الأراضي المغربية. سبق أن انتقدتنا الطريقة التي تمت بها تغطية أرضية الملعب بالعشب الطبيعي، وتساءلنا حول حقيقة صفقة الإصلاح التي فاقت 220 مليون درهم، لكن لم يكن يعتقد أي أحد أن الخلل لا يكمن فقط في طريقة زرع العشب ونوعيته، لكن تبين أن الخلل حاصل أيضا على مستوى الأرضية التي تم تثبيت العشب فوقها. صحيح أن أربع ساعات من الأمطار التي هطلت مساء يوم السبت على الملعب كما جاء على لسان وزير الشباب والرياضة في تبريره للحالة التي كانت عليها الأرضية، ساهم في استفحال المشكل، إلا أن السيد الوزير تناسى أن البنية التحية التي زرع فوقها العشب أظهرت بالواضح أنها لم تكن سليمة وبالطريقة الصحيحة التي تمكن من تصفية المياه لحظة تساقط الأمطار، وفي حالة عدم اشتغال المصفاة أو عدم وجودها أصلا، فإن المياه تستقر فوق أرضية الملعب لتتحول بسرعة إلى برك وأوحال لم تنفع معها الوسائل التقليدية التي حاول بها عمال المركب إنقاذ الموقف أمام الرأي الرياضي الوطني والدولي. فأمام هذه الصورة المخجلة التي صدت كل المتتبعين لمنافسات الموندياليتو، طرحت العديد من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى تغيير ملعب أكادير الحديث الإنشاء، والجاهز بكل مرافقه لاستقبال هذا الحدث الدولي الهام، خاصة وأن مباريات النسخة الماضية لم يسجل خلالها أي إشكال عكر صفو الدورة، مع العلم أن المباريات الأخيرة لفريق حسية اكادير برسم البطولة الوطنية جرت في ظروف عادية على ملعب "أدرار"، بالرغم غزارة الأمطار التي عرفتها جهة سوس ماسة درعة، والتي أدت إلى حدوث فيضانات خطيرة بالعديد من المناطق، إلا أن عشب الملعب ما يزال قادرا على تحمل ثقل المباريات. هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها الوزير والدائرة المحيطة به قبل إصدار أي تبرير يثير المزيد من ردود فعل المنتقدة لعمل الوزارة وطريقة تدخلها في المجال الرياضي. وحتى عندما تقرر تغيير ملعب أكادير، فلماذا لم يتم تعويضه بملعب طنجة؟ هذا المعلب المنشأ حديثا والجاهز هو الآخر لاحتضان المباريات الدولية، والقريب بموقعه من منطقة الشمال، ومن الحدود الجنوبية للجارة إسبانيا، وهو العامل الذي كان سيزيد من اهتمام الجمهور الإسباني بالحدث، خاصة بوجود ريال مدريد بطل القارة الأوروبية. قد نتفهم التبريرات التي ربما فرضت مسألة اختيار الرباط بصفتها العاصمة، وأهمية إدخال إصلاحات وتغييرات على جوانب المركب الذي كان في حاجة فعلية إلى تغيير ضروري، لكن أين غاب الحرص على مرور الأشغال على النحو المطلوب، مادام الأمر يهم منشأة عامة، وعليه فالأمر كان يتطلب الكثير من الحرص والجدية في التتبع والمراقبة والمحاسبة. ما حدث بملعب الرباط مساء يوم السبت يرقى إلى مستوى الفضيحة، وعليه لا بد من فتح تحقيق، مادام الأمر يهم الشأن والمال العامين وصورة المغرب التي تضررت كثيرا في وقت كنا نرغب في تسويقها على نحو أفضل…