توفيت المواطنة خريف فاطمة، وهي من سكان مدينة آيت ملول بعمالة إنزكان، حينما كانت في رحلة بحث عن أحد أبناءها قادتها إلى مدينة تطوان، بعد اختفاءه لأزيد من خمس سنوات، حيث وافتها المدينة هناك، ليتم نقلها إلى مستشفى سانية الرمل، وبعدما تم التيقن من وفاتها، واستصدار الوثائق اللازمة من أجل نقل الجثة إلى مسقط رأسها بآيت ملول كي تدفن هناك، تفاجأت عائلة الفقيدة بإجبارها على مراجعة شركة خاصة لنقل الأموات (الشركة المغربية للإسعاف ونقل الأموات)، حيث فرضت هذه الأخيرة على عائلة الفقيدة أداء مبلغ 8000 درهم + 1000 درهم مقابل إجراءات الوثائق، علما أن الفقيدة من أسرة فقيرة، وبالتالي لم يكن بإمكان العائلة سداد كل هذا الثمن. وبعد أن بعث عدد من المحسنين بمدينة آيت ملول بسيارة لنقل الأموات، رفض المستشفى تسليمها جثة الفقيدة، بدعوى أنه لا يمكن لأية سيارة أخرى نقل الجثة، مدعين بأن المجلس البلدي بتطوان سبق وأن أبرم عقد شراكة مع تلك الشركة الخاصة، بحيث أن نقل الأموات أصبح حكرا على هذه الشركة. وبالرغم من توفر أن المواطنة المتوفاة خريف فاطمة على بطاقة راميد، لم يكتفي المشرفون على المستشفى بإجبار عائلة المتوفاة بنقلها على مثن سيارة هذه الشركة الخاصة، بل أجبروها على أداء 550 درهم إضافية بخصوص غسل الجثة، مع العلم أن هذه المهام تدخل في نطاق مهام المكتب الصحي البلدي، ويقوم بها موظفون يتقاضون أجورهم من مالية الخزينة العامة. وبالرغم من المساعي الحثيثة التي بذلها مناضلو المركز المغربي لحقوق الإنسان، سواء بآيت ملول أو بتطوان أو بالرباط، إلا أن مالك الشركة المحتكرة لنقل الأموات بتطوان، أصر على عدم السماح لأية سيارة بنقل جثة السيدة خريف فاطمة، بل وبالثمن الذي يحدده بنفسه، ولن يقبل بغير ذلك. وبعدما تم نشر أخبار حول الموضوع، طلع مسير الشركة على الرأي العام الوطني ببيان توضيحي، زاد الطين بلة، حيث اعترفت الشركة بامتلاكها الحق الحصري لنقل الأموات، على أساس اتفاق امتياز مبرم بينها وبين المجلس البلدي، والذي تزكيه مراسلة موجهة من السيد رئيس المجلس البلدي لعدد من المسؤولين المحليين والإقليميين، بتاريخ 12 يونيو 2014، ذات المرجع عدد 132/2014، يؤكد فيها رئيس المجلس بأنه لا يحق لأي شركة أخرى أو حتى سيارة الجماعة ممارسة مهمة نقل الأموات. وعلى ضوء ذلك، فإننا المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان يعلن للرأي العام ما يلي : يعبر عن استنكاره واستهجانه لهذا السلوك الاحتكاري غير المقبول الذي انتهجه رئيس المجلس البلدي لمدينة تطوان، سواء من الناحية القانونية أو من الناحية الإدارية، لكونه يتناقض مع أبسط مقومات الروح التنافسية، حيث يتسبب في احتكار مجال تجاري، من المفترض أن يكون مفتوحا في وجه كل المستثمرين في هذا القطاع، مما سيدفع باقي المستثمرين لا محالة إلى الإفلاس، كما يمنح الصلاحية لهذه الشركة لكي تحدد الأثمنة كما تشاء، في ظل غياب المراقبة، مثلما جرى بالضبط مع عائلة المواطنة المسماة قيد حياتها فاطمة خريف. إن لا قانونية اتفاقية الامتياز، التي أبرمها المجلس البلدي لمدينة تطوان مع الشركة المغربية للإسعاف ونقل الأموات، يبدو جليا إذا ما حاولنا افتراض أن يجري التعامل بنفس منهج ذات الاتفاقية على صعيد كل المدن والقرى المغربية، مما سيجعل القطاع حكرا على شركات معدودة على الأصابع، وقد تستحوذ شركة واحدة على نقل الأموات في المغرب برمته، فيما ستضطر باقي الشركات إلى إغلاق أبوابها. إن ادعاء مسير الشركة المغربية للإسعاف ونقل الأموات بكونه يتكفل بنقل الجثث مجهولة الهوية أو من لا أهل له بالمجان، كشكل من أشكال التعامل، ينطوي على الاستخفاف بكرامة المواطنين المغربة، حيث لا نرى حاجة لقيام هذه الشركة بهذه المهمة، بل على الدولة تحمل مصاريف هذه المهمة، حتى لا يسقط المواطن في شكل من أشكال المن كما جرى مع عائلة المواطنة فاطمة خريف. وعليه، فإن المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان يحمل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية إلى رئيس المجلس البلدي بلدينة تطوان، الذي منح لنفسه سلطة إبرام عقد شراكة احتكارية لفائدة شركة خاصة لنقل الأموات، كما نحمل المسؤولية لوزير الداخلية، بسبب غض الطرف عن مثل هذه القرارات الاحتكارية، التي تتناقض مع مبدأ التنافسية الذي أقره الدستور المغربي الجديد، ويطالبه بالتحقيق في الموضوع. كما يطالب مجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات للتحقيق في تفاصيل اتفاقية الامتياز المبرمة بين بعض المجالس البلدية في مختلف المدن في المغرب، على غرار المجلس البلدي لمدينة تطوان، لما تنطوي عليه من احتكار لمجال من مجالات النقل، كما يتسبب في إجبار المواطنين على أداء أثمنة مجحفة وغير مراقبة. للإشارة، بعد القيام بتدخلات تم إرجاع السيارة المبعوثة من إنزكان فارغة، فيما ثم نقل الجثة على متن سيارة الشركة الخاصة المحتكرة بمقابل 5000 درهم بعدا مفاوضات مضنية. حرر بالرباط بتاريخ 30 يوليوز 2014 المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان (منظمة ديمقراطية مستقلة)