بدت آثار « يوم غضب » عالمي ضد المصرفيين والساسة بسيطة في أماكن عدة أمس الأحد بعد احتجاجات اتسمت بالسلمية في كل الدول عدا إيطاليا. وشهدت مدن من شرق آسيا إلى أوروبا وأمريكا الشمالية احتجاجات أمس نددت بالرأسمالية وعدم المساواة والأزمة الاقتصادية، لكن لم تكن هناك حاجة للاستعانة بشرطة مكافحة الشغب سوى في روما. وعادت الأوضاع لطبيعتها اليوم الأحد بعد يوم من إشعال محتجين ملثمين ومسلحين النار في سيارات ومهاجمتهم بنوكا وقيامهم بقذف الحجارة. وقالت صحيفة لا ستامبا « مرة أخرى أظهرنا للعالم امس شذوذ ايطاليا واليوم مرة أخرى يجب أن نشعر بالخزي »، وقال رئيس البلدية جياني اليمانو أن العاصمة ستعاني لفترة طويلة من « الأثر المعنوي » للخراب. وخرج عشرات الآلاف الاخرين من « الساخطين » في مسيرة سلمية ضد حكومة إيطاليا الغارقة في الديون. وخرجت في لشبونة ومدريد مسيرات شارك فيها عشرات الآلاف لكن درجة الإقبال كانت أقل في معظم الدول. وقال تروي سيمونز (47 عاما) خلال احتجاج في نيويورك حيث بدأت حركة (احتلوا وول ستريت) التي كانت مصدر الإلهام لهذا اليوم العالمي من الاحتجاجات « الناس لا يريدون المشاركة، يفضلون مشاهدة التلفزيون. » وفي نيويورك ألقي القبض على بضع عشرات لارتكابهم مخالفات بسيطة. وشهدت مدن أخرى في الولاياتالمتحدة وكندا مظاهرات سلمية ومتواضعة الحجم. وقال ناثانيال براون وهو طالب في واشنطن « سأبدأ حياتي كراشد وأنا مديون وهذا ليس عدلا » وأضاف « ملايين المراهقين في أنحاء البلاد سيبدأون مستقبلهم بالديون فلماذا تجري تغذية كل هذه الشركات بالمال طوال الوقت بينما لا يستطيع اي منا الحصول عليه » ولم تنته موجة الاحتجاجات تماما اليوم. اعتصم نحو 250 محتجا أمام كاتدرائية سان بول في وسط لندن اليوم الأحد وتوعدوا بالبقاء في هذا الموقع لأجل غير مسمى تعبيرا عن الغضب من رجال البنوك والسياسيين فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية العالمية. وحاولت المجموعة السيطرة على المنطقة الواقعة أمام بورصة لندن. وبعد إحباط صفوف من الشرطة لهذه المحاولة انتقلت المجموعة إلى الكاتدرائية الواقعة بجوار الساحة، التي تضم بورصة لندن حيث نصبوا نحو 70 خيمة واعتصموا هناك الليلة الماضية. وقال البعض أنهم سيبقون هناك لأطول فترة ممكنة. وقالت واحدة من المحتجين تدعى جين مكينتاير « الناس يقولون ان صبرهم نفد.. نريد ديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية قائمة على مصالح الشركات الكبرى والنظام المصرفي » وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ان لديه قدرا من التعاطف مع الناس الذين يشعرون باستياء من المشكلات الاقتصادية العالمية. وصرح لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) « لكن الاحتجاج لن يكون الحل. الحل هو سيطرة الحكومات على ديونها وعجزها. يؤسفني القول أن الاحتجاج في الشوارع لن يحل المشكلة » وأضاف هيج « نؤيد الحق في الاحتجاج السلمي من المهم جدا أن تظل هذه الاحتجاجات سلمية » ورغم أن احتجاج « احتلوا لندن » نال اهتماما إعلاميا فانه أصغر بكثير من مظاهرات أخرى جرت في لندن في الآونة الأخيرة، والتي خرجت اعتراضا على خفض الوظائف ومصروفات الجامعات. ونصبت نحو 12 خيمة بها نحو 40 محتجا أمام مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت. وشارك محتجون في اليابان وفي أنحاء جنوب شرق آسيا في الاحتجاجات لكن بأعداد لم تتجاوز المئات على الأكثر، ولم تشهد سنغافورة مثل هذه الاحتجاجات. وبدا أن صحيفة صنداي تايمز الموالية للحكومة تفخر بعدم الإقبال على التظاهر في سنغافورة بعد فشل دعوة للتجمهر في منطقة رافلز بليس بحي المال. وتساءلت الصحيفة على صفحتها الأولى فوق صورة لثلاثة من أفراد الشرطة في دورية برافلز بليس الخاوي تقريبا « ما الذي ينقص هذه الصورة » وفي منطقة لاتزال دول كثير منها في طور الازدهار فإن شكاوى المحتجين أقل ارتباطا بالاقتصاد عنها في أوروبا وأمريكا الشمالية. وقال وونج تشين هوات (38 عاما) وهو محاضر خلال احتجاج صغير في كوالالمبور « مناهضة الرأسمالية ليست قضيتي، ولكن مناهضة الاستبداد بالطبع قضيتي ونحن كمواطنين جئنا هنا للدفاع عن حقوقنا » وفي طوكيو تجمع كثيرون للشكوى من التسرب الإشعاعي من محطة فوكوشيما النووية بعد سبعة أشهر من زلزال عنيف أعقبته أمواج مد عاتية. ولا تعاني معظم دول آسيا من أعباء الديون التي تتأثر بها الولاياتالمتحدة ودول أوروبا. وقال رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه أن معاهدة الاتحاد الأوروبي يجب أن تتغير حتى لا تزعزع إحدى الدول الأعضاء استقرار الاتحاد، وحث على حكم أقوى لمنطقة الأورو. وأضاف « من وجهة نظري من الضروري تغيير المعاهدة حتى لا تشرد إحدى الدول الأعضاء وتسبب مشاكل للباقين جميعا ».أندرو روش "رويترز"