البيان الأخير للجماعة يمد يد العون لبنكيران تحقيقا لأحلام الخلافة انتهى الربيع العربي إلى نتيجته الظاهرة، فبعد سنتين ونيف من أولى شرارات الاحتجاج الشعبي في بعض العواصم والأطراف وسقوط بعض الأنظمة أو رؤوسها وصل قطاع هذا الحراك إلى حتمية مفادها سقوط حكومات الإخوان المسلمين شرقا وغربا، وسقوط الحكومات المرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان، مع اختلاف في مستوى السقوط وطريقته ومكانته، فعلى قدر الصعود يكون النزول، ومن وصل إلى الحكم كبيرا كان سقوطه مدويا ومن وصل بشكل هادئ أو بارد فكذلك يكون نزوله، ومع ذلك لا تريد جماعة العدل والإحسان، التي متح شيخها كثيرا من تجارب الإخوان وأفكارهم، أن تستسلم للقدر وتحاول أن توهم الناس أن الخلافة قدر المستقبل الإسلامي. فجماعة العدل والإحسان التي ظل شيخها متمسكا بالاستقلال عن التنظيمات الدولية تنظيميا وفكريا تعتبر أقرب إلى أفكار الإخوان المسلمين من غيرها مع مزجها ببعض أطاريح الشيخ أبو الأعلى المودودي مؤسس الجماعة الإسلامية بباكستان، والذي توفي في ضيافة ابنه الطبيب بالولايات المتحدةالأمريكية ومصادر أخرى تقول إنه توفي في ضيافة جهة مشبوهة، فقد قامت جماعة الإخوان على استعادة الخلافة التي أنهاها القائد التركي العلماني كمال أتاتورك، ولم يختلف ياسين عن حسن البنا إلا بطرح الخلافة بشكل جذري واعتبارها قدرا ربانيا، وانعطف نحو سيد قطب ليأخذ منه أفكارا تتعلق بالطليعة المجاهدة. ولهذه الأسباب نرى اليوم العدل والإحسان أكثر تجدرا في الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين وعن الرئيس المعزول محمد مرسي تحت عناوين ومسميات لا تؤمن بها الجماعة أصلا كما أنها من أكبر مساندي الإخوان بسوريا تحت غطاء حق الشعب السوري في التحرر. وتعتبر الجماعة من أكبر المتضررين من فشل الربيع العربي لأنها عولت عليه دون غيره في تحقيق مشروعها في الوقت الذي ترى شقيقها "اللذوذ" العدالة والتنمية قد حقق مكاسب مهمة في البلديات والمجتمع المدني وتمكن من رئاسة الحكومة. وبما أن عين العدل والإحسان على الخلافة وليس الدولة الإسلامية القطرية التي ليست سوى ممهدا للدولة الكبرى، فإنها لا تجد غضاضة في تقديم خدمة للحزب الإسلامي لأن هناك قواسم مشتركة بين الطرفين، وبالتالي لا ينبغي أن يسقط الشقيق لأنه بالنتيجة سقوط لها، فحينها سيحسب سقوطه على كل الحركات الإسلامية. فجاء بيانها الأخير ليعبر أحسن تعبير عن هذا التوجه، وخصوصا في الافتتاحية التوضيحية التي جاءت تحت عنوان "بيان العدل والإحسان، الرسائل الثلاث"، فمن يقرأها يظن أن الجماعة تطعن في حليفها الإيديولوجي، ولكن من يتمعن فيه يجد انه يسدي له خدمات، فبعد فشل الحزب الحاكم في تحقيق برنامجه الانتخابي وبداية تصدع تحالفاته مع ما ينتج عن ذلك من فقدان لمصداقيته لدى الشعب والكتلة الناخبة هربت الجماعة إلى الأمام لتلصق كل مصائب المغرب بالدولة وليس الحكومة، وهو محاولة لتقديم صك براءة للحكومة في حالة سقوطها وهذا ما تتمناه الجماعة. فالجماعة لا تريد للعدالة والتنمية النجاح حتى تبرهن على أن اطروحاتها هي الصائبة وبالتالي تكوين جبهة عريضة من الإسلاميين بدل استجداء اليسار الذي لا تجد عنه الجماعة مندوحة عندما تريد الخروج إلى الشارع. فجماعة العدل والإحسان والتوحيد والإصلاح وأداتها الوظيفية العدالة والتنمية يلتقيان في الهدف والعنوان الاستراتيجي الذي هو الأممية الإسلامية تحت عناوين مختلفة وعلى أساها يلتقيان في دعم الإخوان المسلمين ومساندة جبهة النصرة بسوريا، ويختلفان في التكتيكات المرحلية، وبالتالي هل تأتي دعوة الجماعة لتوحيد التكتيكات؟