أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس ،نصره الله ، أن ما يجمع النظامين المغربي والأمريكي ، من حيث التسيير الحديث للتراب الوطني، هو الاعتماد على مبدأ اللامركزية، وتقاسم نفس المبادئ المؤسسة للديمقراطية المحلية. وقال جلالة الملك ، في رسالة وجهها إلى المشاركين في مؤتمر لمؤسسة قادة التشريع في الدولة بالولاياتالمتحدةالأمريكية انطلقت أشغاله امس الاثنين بمراكش إنه "بالرغم من الخصوصيات المرتبطة بالشكل الأحادي أو الفيدرالي لدولتينا، فإن ما يجمع كلا النظامين، من حيث التسيير الحديث للتراب الوطني، هو الاعتماد على مبدأ اللامركزية على مستوى مختلف الهيئات الترابية المحلية. كما أننا نتقاسم نفس المبادئ المؤسسة للديمقراطية المحلية، والتي كرسها الدستور المغربي الجديد، والمتمثلة في مبدأ التدبير الحر، والتعاون والتضامن، وتأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة". وأشاد جلالته بأهمية ووجاهة اختيار "الديمقراطية المحلية والنموذج المغربي في محيطه الإقليمي" موضوعا لهذا المؤتمر، مؤكدا أن هذا الاختيار وإن كان يندرج ضمن اهتمامات أعضاء وفد المؤسسة ، فإنه " يتماشى في الوقت ذاته، مع ما أقدمت عليه المملكة المغربية من إصلاحات عميقة لتوطيد الممارسة الديمقراطية، وطنيا ومحليا " وذكر جلالة الملك بكون أواصر الصداقة المغربية-الأمريكية " ثمرة لعلاقات تاريخية متميزة وفريدة، تستمد جذورها من التاريخ العريق المشترك بين البلدين، والذي يرجع إلى بداية القرن الثامن عشر، عندما كان المغرب في طليعة الدول التي اعترفت باستقلال الدولة الأمريكية الفتية، سنة 1777 ". واستحضر جلالته ، بالمناسبة ، أهمية توقيع اتفاقية السلام والصداقة بين البلدين سنة 1786،وكذا ما تنطوي عليه المراسلات التاريخية بين السلطان سيدي محمد بن عبد الله (محمد الرابع) والرئيس جورج واشنطن، مؤكدا أن هذه المراسلات " أسست لعلاقات جد وطيدة ومستمرة، تقوم على الصداقة والتعاون والاحترام المتبادل بين البلدين،معطية بذلك نموذجا للاستقرار والاستمرارية في العلاقات الدولية". وأضاف أنه، وفي سياق هذه العلاقات العريقة والمتجددة بشكل موصول، بادر كل من المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية إلى إرساء أسس جديدة في علاقتهما الممتازة، وذلك من خلال إقرار حوار استراتيجي في شتنبر 2012، مجسدين بذلك العزم الأكيد على توطيدها وتطويرها،وذلك طبقا "لإرادتنا المشتركة مع فخامة الرئيس باراك أوباما". وأشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، من جهة أخرى ، إلى الأهمية التي يحظى بها البعد الاقتصادي في هذا المؤتمر ، داعيا رؤساء الشركات الذين يحضرون هذا المؤتمر لاستكشاف الإمكانيات الواسعة للاستثمار بالمغرب، وإقامة شراكات فعلية مع نظرائهم من الفاعلين الاقتصاديين المغاربة. وأكد في هذا الإطار، أن النهوض بالعلاقات الاقتصادية مع الولاياتالمتحدةالامريكية شكل دائما إحدى الأولويات بالنسبة للمغرب ، وقال إن "خير دليل على ذلك، اتفاق التبادل الحر، الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير 2006، وهو الاتفاق الوحيد من هذا النوع للولايات المتحدةالامريكية مع بلد افريقي". وأضاف جلالته أن المغرب ومؤسسة تحدي الألفية، أبرما سنة 2007، عقدا من أجل إنجاز برامج طموحة للحد من الفقر وتحفيز النمو الاقتصادي، معربا جلالته عن الارتياح الكبير للنتائج الإيجابية لهذا العقد الأول، وعن تفاؤل جلالته بخصوص المجالات المفتوحة والآفاق المستقبلية للتعاون في نطاق اتفاق ثان. وقال جلالة الملك " إن هذين المثالين،والعديد من البرامج الأخرى للتعاون المثمر،لتجسد كلها الإرادة المشتركة التي تحدونا،وعزمنا الأكيد على تطوير هذه العلاقات وجعلها في مستوى العلاقات السياسية لبلدينا . وإذا كان المؤتمر الاقتصادي المغربي الأمريكي الأول، المنعقد في شهر دجنبر المنصرم، قد شكل مناسبة لإعطاء دينامية جديدة للتعاون بين بلدينا، والوقوف على القطاعات الواعدة التي تحمل قيمة مضافة مهمة، فإننا نتطلع لأن تشكل الدورة الثانية لهذا المؤتمر،المزمع عقدها بالرباط في نونبر المقبل، مناسبة للنهوض بالتعاون بين المغرب ومختلف الولاياتالأمريكية". وأعرب جلالته في الختام عن أمله في أن يشكل هذا اللقاء فرصة لعرض الآليات والوسائل التي من شأنها أن توطد بشكل أقوى التعاون في مجال التبادل الثقافي والأكاديمي، وتشجيع التوافق والتفاهم بين الشعبين المغربي والأمريكي ، علاوة على إشاعة التسامح الديني والنهوض بالحوار بين الأديان والحضارات ، مؤكدا أن البلدين يتقاسمان هذه المبادئ جميعها، ويعتبرانها أساسية لتقارب وتفاهم الشعوب ، ومعربا عن التزام المغرب الراسخ بالدفاع عنها وحمايتها من مخاطر مختلف أنواع التطرف والتهميش والإقصاء