فقد المعارضون الليبيون اليوم المدن التي استعادوها منذ ثلاثة أيام لصالح القوات التابعة للعقيد معمر القذافي، لتحتشد في مدينة أجدابيا لحمايتها، فيما تتواجد جبهة في مدينة البريقة. وتعد اجدابيا، التي تبعد 160 كلم جنوب غرب بنغازي، مدينة استراتيجية لأنها تعتبر بوابة الشرق الليبي، لأن من خلالها يمكن الوصول عبر طريق سريع لمدينة طبرق، التي تعد الاكثر قربا لبنغازي، معقل الثوار المناوئين لنظام القذافي، والتي تعد السيطرة عليها مفتاحا لعزل تلك المدينة الثورية. وأفاد المتحدث العسكري باسم المعارضين، العقيد احمد عمر باني، ان قوات المعارضة الليبية تحتشد لحماية أجدابيا، خشية أن تعاود قوات القذافي دخول هذه المدينة الاستراتيجية. وقال ان هناك جبهة تقاتل في البريقة، التي تبعد 200 كلم عن بنغازي، معقل الثورة المناهضة للقذافي، لحمايتها من هجمات كتائبه. وأكد باني انه ورغم تقدم قوات القذافي نحو الشرق، إلا ان "أجدابيا لن تسقط"، مشددا انها واحدة من خطوط الدفاع ولكنها ليست الوحيدة. وكشف ان قوات القذافي معززة بنحو 3600 جندي تشادي، تحت قيادة نائب رئيس الامن الوطني التشادي، عيسى باهار، احد اقارب الرئيس ادريس ديبي. وعلق : "انها قوات مجهزة جيدا بأسلحة ثقيلة ذات تقنيات عالية"، مشيرا الى ان الميليشيات المعارضة الليبية بحوزتها أسلحة خفيفة فقط، لذا فقد قررت إجراء انسحاب تكتيكي. وشكل التقهقر السريع للثوار الليبيين في شرق البلاد أمام تقدم قوات القذافي دليلا جديدا على مدى عجزهم عن إلحاق هزيمة بالنظام الليبي من دون مساعدة من قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا. فلم تمر أكثر من 24 ساعة على وصولهم إلى أبواب مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، حتى وجد الثوار أنفسهم يفرون مسرعين أمام هجوم مضاد شنته قوات العقيد التي استعادت بلدات بن جواد وراس لانوف، ويخشى البعض وصولها إلى البريقة، الأمر الذي أدى إلى موجة نزوح واسعة من مدينة أجدابيا خشية أن تعاود قوات القذافي دخول هذه المدينة الاستراتيجية التي تعتبر بوابة الشرق الليبي. وقد واصلت قوات القذافي تقدمها شرقا لتصل إلى مدينة العقيلة، بعد مرورها برأس لانوف، التي تبعد نحو 360 كلم غرب بنغازي. وتحاول كتائب القذافي الوصول إلى البريقة، التي تبعد 200 كلم فقط عن بنغازي. ورغم الاخبار السيئة على الصعيد العسكري الداخلي، إلا ان النشاط السياسية مازال مستمرا، حيث وصل السفير الفرنسي انتوني سيفان، الذي عينته باريس سفيرا لها لدى المجلس الوطني الانتقالي الليبي، اليوم إلى بنغازي. كما اعلن المتحدث باسم الثوار عبد الحميد غوقة ان مبعوث الأممالمتحدة، الأردني عبد الاله الخطيب سيصل "قريبا" الى بنغازي كي يلتقي بالثوار الذين أعربوا اليوم عن ارتياحهم إزاء نتائج المؤتمر الدولي الذي عقد الثلاثاء في العاصمة البريطانية لندن. وعلى صعيد آخر، أبدى غوقة ارتياحه ازاء النتائج التي تمخض عنها مؤتمر لندن "والذي يؤكد رغبة المجتمع الدولي في القضاء على نظام العقيد الليبي معمر القذافي وأن يحدد الشعب وممثليه مستقبلهم بأنفسهم". ويأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه الزعيم القبلي عيسى عبد المجيد، القائد بجبهة تحرير قبيلة تابو بجنوب ليبيا ولاءه للثوار في بلاده، مطالبا أفراد قبيلته بالمشاركة في الاحتجاجات. وطالب عبد المجيد في مؤتمر صحفي ببنغازي، عاصمة الثوار أشقاءه من جميع قبائل تابو بالمشاركة في هذه الانتفاضة. وقال : "النظام لعب على التوتر. أقول إلى أشقائي في القبائل ان تصريحات القذافي التي تفيد بان الثورة ستقتل المواطنين ليست صحيحة". وأوضح ان جبهة تحرير قبيلة تابو تشكلت في الأساس "عندما اتخذ القذافي خطوات للقضاء على القبائل المنتسبة لتابو التي تعيش في تشاد وجنوب ليبيا والنيجر". وأضاف ان القبيلة ستطيع اوامر المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل "الحكومة المؤقتة" للثوار. يذكر أن ليبيا تشهد انتفاضة شعبية اندلعت في 17 من الشهر الماضي بمختلف أنحاء البلاد، للمطالبة بسقوط نظام القذافي الحاكم منذ أكثر من 41 عاما. وتدخلت قوات التحالف الدولي بعملية عسكرية تستهدف القوات والبنى التحتية التابعة للعقيد الليبي، استنادا إلى قرار مجلس الأمن رقم 1973 الذي ينص على إقامة منطقة حظر طيران فوق ليبيا واستخدام "كافة الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين".