سعى حزب العدالة والتنمية إلى استغلال قضية توقيف مستشار بالمجلس البلدي للقصر الكبير ينتمي إلى الحزب الإسلامي، من أجل إظهار براءة ذمته، وأنه لن يتسامح مع الفساد حتى لو كان من داخل حزبه. موقف العدالة والتنمية لا يمكن تفسيره إلا بمحاولة تنظيف الوجه الذي علقت به كثير من الأوساخ، فاستغل تورط أحد المنتسبين إليه في عملية نصب تقع يوميا مرارا وتكرارا لتقديم صورة الحزب الذي يحارب الفساد مهما كان لونه ورائحته. وكنا نتمنى أن نصدق خطاب التقية هذا الذي يصدره حزب رئيس الحكومة، لو أنه كشف فعلا الملفات الكبرى للفساد والتي تورط فيها كثير من مريديه، لكنه فضل استغلال ملف عادي وبسيط ولا علاقة له بالفساد بمفهومه العام وليس قضايا بسيطة يتناولها الخاص والعام، من أجل تمرير خطاب شعبوي وتدشين حملة انتخابية سابقة لأوانها ليس في مدينة القصر الكبير وحدها ولكن في كل المغرب. إن الشعار الذي رفعه حزب العدالة والتنمية في حملته الانتخابية، لا ينطبق على مثل هذه الحالات التي لا تعني شيئا، في حجم ملفات الفساد الحقيقية التي تكون فيها أموال الدولة عرضة للنهب واستغلال النفوذ، وهو ما يجرد حزب العدالة والتنمية من أي مصداقية سياسية وأخلاقية، خصوصا أنه تكتم عن كثير من قضايا الفساد التي شهدت عليها الوقائع والأحداث، بل إنه انبرى للدفاع عن كثير من المفسدين ومكن بعضهم من مناصب المسؤولية، في خطوة اعتبرها عدد من المتتبعين تطبيعا ضمنيا مع الفساد، ولكي تكتمل الصورة، تم فتح بعض الملفات بصورة انتقائية، وتسليط كثير من الضوء الإعلامي عليها من خلال التوظيف الممنهج لطبالجية الحكومة، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية ليس إلا، مع استغلال ملفات صغيرة يتورط فيها أعضاء من الحزب لتسويق صورة مغلوطة عن حزب رفع شعار محاربة الفساد. إن ملف مستشار بلدية القصر الكبير تعج به المحاكم، بل وتم البت في كثير من القضايا من هذا القبيل، وهي تدخل في إطار الجرائم العادية التي لا تحتاج إلى كل هذا التطبيل والتزمير، لكن بنكيران ورفاقه لا يريدون تفويت الفرصة من دون أن يظهروا للرأي العام تمسكهم بمحاربة الفساد، الذي مازال مستشريا في المغرب بل زاد تعسفا وتحكما في رقاب المغاربة الذين يبدو أنهم سيكتشفون مع مرور الوقت أنهم كانوا ضحايا عملية نصب سياسية كبرى.