تم تسريب ورقة أداء مسؤولين في الحكومة وإدارات عمومية، وهي وثائق لا يمكن الوصول إليها بسهولة، وتتجه الأنظار نحو مسؤولين من حزب العدالة والتنمية التي أصبح لا يتورع في استغلال موقعه الحكومي لتصفية حساباته السياسية من جهة، ومن جهة ثانية، إلهاء الرأي العام بمفرقعات للتغطية على الفشل في تدبير الشأن العام وتحوير النقاش حول الزيادة في المحروقات، فبدل أن تتجه الأنظار وينصب الحديث عن الأسعار سيتجه نحو الحديث عن تعويضات وزير سابق حصل عليها في إطار القانون ويمكن تغييرها حاليا بعد أن تقاسم حزب العدالة والتنمية وزارة المالية مع حزب الاستقلال. إن تسريب الوثائق والكشف عن أخرى ليس بريئا، فلما نشر صاحب موقع ويكيلكس حوالي 250 ألف وثيقة سرية للخارجية الأمريكية تساءل المهتمون : كيف أمكنه الحصول على هذا الكم الهائل؟ وكيف يمكن لجندي بسيط أن يكون وراء ذلك؟ فتبين أن القضية وراءها لعبة دولية خطيرة. ونحن بدورنا لا نستبعد عنصر اللعبة عن الوثائق التي يتم تسريبها أو يتم الكشف عنها، وهي لعبة تسعى إلى إعادة رسم الخريطة السياسية من جديد والتحكم فيها عن طريق كم الوثائق، دون الكشف عن الوثائق التي تهم عناصر العدالة والتنمية، الذي لا يضم في صفوفه ملائكة لا يخطئون أو لا يرتكبون الخطايا عن قصد ونية، وقد أكدت الأيام أن الحزب يضم بعض من تورط في حالات فساد عام كرئيس بلدية ميدلت والمسؤول الجهوي عن الحزب وحالات أخرى لقياديين لم تنقذهم إلا حركة 20 فبراير. فلماذا لا يكشف بنكيران عن الوثائق المتعلقة بمسؤولين من حزب العدالة والتنمية؟ ولم لا يفعلها بنكيران فيفرج عن ورقة الأداء الخاصة به هو شخصيا حتى تنتهي أسطورة 50 ألف درهم التي يدعي بنكيران أنه يتقاضاها؟ وقد قال أحد الظرفاء معلقا على كلام بنكيران : طبعا 50 ألف درهم تذهب مباشرة لحسابه البنكي ما دام لا يصرف شيئا من جيبه وأن خزينة الدولة هي التي تتكلف بمصاريف تنقله وسكنه وأكله وشربه وهاتفه وتتكلف بعائلته. فكيف تسربت الوثائق المذكورة ومن سربها وما الغرض من ذلك؟ هذه الوثائق خاصة لا يمكن أن يسربها إلا مسؤولا حكوميا له الغرض في تصفية الحسابات التي يختلط فيها الشخصي بالحزبي، ولا يمكن إدارة الشأن العام بطريقة استغلال النفوذ للتغول على الآخرين من أحزاب وجمعيات. فالذي سرب الوثائق يهدف إلى شيئين رئيسيين بغض النظر عن الأهداف الثانوية : أولا، يسعى من سرب الوثائق المذكورة إلى ضرب خصومه السياسيين على مقربة من الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة والممهدة لانتخابات مجلس المستشارين، لأن مثل هذه الضربات تجعل منافسي الحزب يتراجعون للخلف والاهتمام بالدفاع عن النفس بدل تحقيق تقدم في المواقع الانتخابية. وثانيا، لإلهاء الرأي العام عن الفشل الذريع الذي منيت به الحكومة الجديدة في تحقيق وعودها الانتخابية بل جزءا من وعودها الانتخابية ولإلهاء الرأي العام عن سعير أسعار المحروقات. فخلف كل تسريب هناك أهداف شخصية وحزبية.