قال محمد صالح التامك، المندوب العام للمندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج، إن الظرفية الحالية تفرض على الجميع، مواكبة التحولات العميقة التي يشهدها النظام الدولي لحقوق الإنسان، وتملك القيم العالمية لحقوق الإنسان. وأكد التامك، أمس الإثنين خلال ورشة عمل نظمها المرصد المغربي للسجون، مع مندوبية السجون، بمشاركة المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي تحت عنوان "النهج القائم على حقوق الإنسان في إدارة السجون: المعايير والتحديات" على مدى يومين، "أكد التامك" أن المغرب ينهج سياسة واقعية وموضوعية في تدبير التحديات المتصلة بهذا المجال، كما أبان عن شجاعة وإرادة قوية في تطوير ترسانته القانونية. وأوجز التامك، ذلك في المراجعة الدستورية لسنة 2011، ورفع المغرب تدريجيا التحفظات التي كان قد قدمها خلال تصديقه على عدد من الآليات الأساسية لحقوق الإنسان، وكذا تقديمه أدوات التصديق على البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وقال التامك في كلمته إن انعقاد هذه الدورة التكوينية يأتي في إطار الدينامية المتجددة التي يعرفها قطاع السجون، والتي تتميز بأوراش إصلاحية متعددة يشكل تأهيل العنصر البشري محورا أساسيا ضمن أهدافها. واعتبر التامك، أن انخراط المندوبية العامة لإدارة السجون في برامج تعنى بتكوين الموظفين وتأهيلهم مهنيا ومعرفيا، لا يمليه فقط اقتناعها وانخراطها الجدي في المسار الإيجابي والمتميز للمغرب في مجال حماية حقوق الإنسان وفي الآليات الأساسية ذات الصلة، وإنما قناعتها أيضا بخصوص أولوية إعمال المرجعية الحقوقية كخيار لا محيد عنه في إنفاذ القوانين ذات الصلة بتنفيذ العقوبة السالبة للحرية". وذكر التامك، بالرسالة المولوية السامية لجلالة الملك محمد السادس أعزه الله ونصره، التي وجهها للمشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في دجنبر من سنة 2014 بمراكش والتي ذكر من خلالها جلالته بما يلي: والتي جاء فيها "لقد اختارت بلادنا، بمحض إرادتها السيادية الخالصة، الشروع في إصلاحات عميقة وإرادية، تستجيب لتطلعات وانتظارات مواطنينا، وقد مكن هذا المسار المتجدد والشامل، الذي توج باعتماد دستور جديد، من تعزيز دولة الحق والقانون والديموقراطية كخيار لا رجعة فيه". وشدد التامك في كلمته على أنه لا تراجع عما تحقق من مكتسبات مهمة في مجال صون حقوق وكرامة الإنسان، وأضاف أن المؤسسات السجنية معنية بشكل كبير بهذا الالتزام، وأنه أضحى من الواجب إحلالها مكانة تكرس الإرادة التلقائية للمغرب في تعزيز أسس دولة الحق والقانون. وأوضح أن ذلك لن يتأتى إلا بالتفاف الجميع حول المبادرات الإيجابية والخلاقة التي تنأى بالسجون عن الممارسات المهينة والحاطة بكرامة الإنسان، وحث المندوب العام، مدراء المؤسسات السجنية، بصفته كمسؤول على قطاع السجون وإعادة الإدماج، على ضرورة التشبع بمبادئ وثقافة حقوق الإنسان وتطبيقها خلال ممارستهم لمهامهم، بما في ذلك تدبير علاقات الموظفين بالسجناء. وخاطب مدراء المؤسسات السجنية بالقول "يتعين عليكم في هذا الإطار تجنب القراءة المنحرفة للقوانين والأنظمة والعمل على تحقيق التوازن المطلوب بين فرض احترام المقتضيات القانونية والتنظيمية المنظمة لسير المؤسسات السجنية، خاصة في ما يتعلق بمعاملة السجناء، من جهة، وضرورة احترام حقوق السجناء وصون كرامتهم، من جهة ثانية. وذكر التامك مدراء السجون بأن الحقوق الأساسية للسجناء تظل محفوظة، وأن العقوبة السالبة للحرية لا يجب أن تكون مبررا لسلب هذه الحقوق، ولا للمس بكرامة السجناء. ودعا التامك، إلى إيلاء نفس الاهتمام للمنهجية الواجب اعتمادها في ذلك، التي تفرض عدم الارتجال ومراعاة الخصوصيات النفسية والاجتماعية والجنائية للمعتقلين وإعمال المرجعية العلمية والحقوقية في ذلك. ومن المؤكد أن دورات تكوينية من هذا القبيل تعد مدخلا أساسيا لإكسابهم مهارات ومدارك تنأى بهم عن ممارسات تتنافى مع الأهداف الإصلاحية المنشودة. ومن جهة أخرى، حمل زريع عبد القادر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الحكومة والبرلمان، مسؤولية ضعف الإمكانيات المادية ليكون السجن موقع الاستفادة من القواعد النموذجية، داعيا في الوقت نفسه إلى مراجعة قانون المؤسسات السجنية لملاءمته مع التشريعات والتطورات التي عرفها المغرب من قبيل دستور 2011 وسمو التشريعات الدولية التي صادق عليها المغرب. وعاد زريع للحديث حول الشق المتعلق بالإمكانيات المادية محملا المسؤولية من جديد للحكومة التي لا ترصد إمكانيات مادية تفي بالغرض المتوخى من ذلك، كما حمل البرلمان مسؤوليته عندما يصوت لهذه الميزانيات رغم محدوديتها التي لا تساهم في البلوغ للأهداف المتوخاة. وقال زريع، "إنه لا يعقل أن نسائل قطاعا ذا حساسية قصوى، كما أن نسائله عن إصلاح من عجز المجتمع عن إصلاحه ولا نمنحه الإمكانيات المادية المهمة للقيام بذلك" وأشار إلى أن مؤسسات عالمية تتابع أوضاع سجوننا. وقال عز الدين بلماحي المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، "نطمح لتصبح المؤسسات السجنية فضاء لإعادة الإدماج في النسيج الاقتصادي والاجتماعي وترسيخ دولة الحق والقانون وتفعيل المصادقة على القوانين النموذجية". وقال بلماحي إن الإشكال يطرح في الممارسة اليومية لا في القواعد القانونية وأنه أحيانا يتم رصد اختلالات لا تتحمل فيها المندوبية المسؤولية بل الاختلالات التي يتم رصدها معزولة وفردية، معتبرا أن الاكتظاظ يشكل عائقا أمام تطبيق النصوص القانونية ويؤدي في النهاية إلى المس بحقوق السجناء. وتحدث بلماحي بدوره عن ضعف الميزانية المرصودة للمؤسسات السجنية معتبرا أن له دورا في صعوبة تطبيق القانونين وإعمال الحقوق المتعارف عليها وأنها تمس من جانبها بحقوق السجناء وأنها من الإشكالات المطروحة اليوم.