تحت عنوان – الأبعاد السوسيوتاريخية لمبادرة الحكم الذاتي بأقاليمنا الصحراوية- نظمت يومه السبت 22 يناير 2011، ندوة أكاديمية بمركب الحرية بمدينة فاس ،شارك فيها ثلة من الأساتذة الباحثين ،وشكل اللقاء مناسبة لتوقيع كتاب جديد تحت عنوان الحكم الذاتي في أقاليمنا الصحراوية : المرتكزات التاريخية،للأستاذة ماجدة كريمي ،أستاذة التعليم العالي بكلية الأداب والعلوم الانسانية فاس سايس. تناول الكلمة في بداية هذه الندوة السيد ابراهيم أقديم ،عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس سايس الذي أكد - في مداخلته التقديمية للندوة -على أهمية دور الجامعة في التعريف بمبادرة الحكم الذاتي من منظور أكاديمي صرف متميز،ليتدخل بعد ذلك الأستاذ عيسى بابانا العلوي بمداخلة حول الشروط التمهيدية للحكم الذاتي وآفاقه المغاربية الجيوسياسية،مؤكدا على الدعم الواضح الذي تتلقاه البوليساريو من لدن الجزائر، وذلك عبر تسخير كل الجهود الدبلوماسية بغية تحقيق هذا الهدف على حد تعبير المتدخل،الذي أبرز أيضا دور الغاز والبترول في تكريس التوجه الجزائري المعادي لوحدة التراب المغربي ،وقد عرج المتدخل على مختلف الحلول المطروحة لحل نزاع الصحراء متوقفا عند مخطط جيمس بيكر الأول والذي رفض جزائريا ورفضته البوليزاريو، فيما قبله المغرب،وهذا المخطط كان يرتكز على منح حكم ذاتي تحت السيادة المغربية وهو ما تجاوب معه المغرب في إبانه ،غير أن اختلاف وجهات النظر بين المغرب والبوليزاريو أفشل هذه المبادرة ليأتي بيكر بمخطط آخر أطلق عليه مخطط جيمس بيكر 2، وهو مخطط ينطلق من منح الصحراويين حكما ذاتيا مدة خمس سنوات يليه استفتاء تقرير المصير وهو ما لم يقبله المغرب رغم قبوله من طرف الجزائر والبوليساريو. أكد المتدخل كذلك أن المشكل في الصحراء هو جزائري مغربي، ولا علاقة للجزائر بالدفاع عن مبدأ تقرير المصير ،واعتبر أن الصراع الجيوستراتيجي ورغبة الجزائر في إيجاد منفذ على الأطلسي هي عوامل تقف وراء مساندتها المطلقة للبوليزاريو، مدللا على ذلك بمقترح التقسيم الذي سبق وأن اقترحته الجزائر على الأممالمتحدة،كما أكد ذات المتدخل على استحالة تطبيق مبدأ تقرير المصير في الصحراء نظرا لصعوبة تحديد الهيئة الناخبة او التي ستصوت في هذا الاستفتاء بفعل تعارض رهانات طرفي الصراع،وهذا ما يفرض ضرورة البحث عن حل سياسي مقبول من الأطراف في إطار السيادة المغربية ،حيث أبرز الآفاق الهامة لمقاربة الحكم الذاتي في الحد من تداعيات مشكل الصحراء على اقتصاديات المغرب العربي عموما والمغرب والجزائر بصفة خاصة،كما أكد على الأهمية السياسية لهذه المبادرة في الحد من الحركات الانفصالية المنتشرة وبصفة كامنة في مختلف البلدان الإفريقية. أما المداخلة الثانية، فتناولت فيها الكلمة الأستاذة ماجدة كريمي التي أبرزت أن كتابها المشار إليه أعلاه، يشكل مساهمة وصرخة علمية تؤكد على الروابط التاريخية بين الدولة المغربية وساكنة الصحراء ،وهذا ما يسجله التاريخ تضيف ماجدة كريمي،كما اعتبرت أن الكتاب يرد على المغالطات والدعايات المغرضة التي تستهدف النيل من وحدة التراب المغربي على حد تعبيرها. كما تناولت مجمل المداخلات الأهمية التي يمكن أن تكتسيها مبادرة الحكم الذاتي في سبيل الإقلاع باللامركزية في مجمل تراب المملكة، معتبرة أن الجهوية الموسعة باتت سبيلا لكسب مختلف الرهانات التنموية للملكة. وختم الطالب الباحث ،ابن الصحراء،أحمد بوست، هذه الندوة بمداخلة تناولت العلاقة التاريخة بين القبائل الصحراوية والسلطة المركزية ،مؤكدا على الحضور التاريخي للمخزن في الصحراء ومنطلقا من تمثيلية أسرة أل بيروك للمخزن بالمنطقة ،وولاء قبائلها للسلاطين العلويين متوقفا عند أحداث تاريخية تجسد هذه العلاقة الوطيدة بين السكان والسلاطين العلويين يضيف الطالب الباحث، خاتما مداخلته بمساندة مبادرة الحكم الذاتي واعتبارها الحل الوحيد الممكن للصراع حول الصحراء،داعيا في ذات الأن الى الانطلاق من الشروط التاريخية والموضوعية لتطبيق مقترح الحكم الذاتي ،ومؤكدا على أهمية منطقة وادنون في أي مشروع للحكم الذاتي في الصحراء، وهو ما يتماشى بحسبه مع تطلعات النخب الجديدة التي تنتظر فتح الباب أمامها للتعبير عن رؤيتها للواقع الراهن بالصحراء وعن بدائلها الممكنة لإصلاح الهفوات والانطلاق نحو آفاق أرحب من التنمية والاستقرار عبر مسلسل من الاصلاحات والمبادرات التي يمكن أن تشكل بداية نهاية لمشكل عمر طويلا وعطل عجلة الوحدة المغاربية.