ليست مهمة الإعلامي أن يثبت وجوده في الساحة الإعلامية بأي الطرق والوسائل، أو أن يثني الناس على مقالاته، لأن هذا عمل السياسيين الذين يسعون إلى إقناع الناس ببرامجهم السياسية وخياراتهم المذهبية. إنما دور الإعلامي أن يسعى إلى الحقيقة وكشف المستور وإزالة الغطاء عن الأمور التي أريد لها أن تبقى طي الكتمان. ما يلاحظ على المستوى المحلي لمدينة كلميم أن بعض المنابر الإعلامية والمواقع الإلكترونية تخلت عن هذا الدور النبيل الذي يمكنها من ممارسة سلطتها ورقابتها على عمل الهيئات والأشخاص المعنوية ، فأصبحنا نسمع عن موقع إلكتروني موال لفلان وموقع إلكتروني موال لعلان ويصبح بذلك الإعلامي ناطقا رسميا باسم فلان أو علان. والأدهى من كل ذلك أنه في وقت كان فيه جدل استقلالية الصحفي يقتصر فقط على مدى استقلاليته عن السلطة أو عن الأحزاب السياسية أصبحنا الآن وخاصة في كلميم نتحدث عن استقلالية الإعلامي عن أشخاص معينين ومحددين بصفاتهم ودواتهم وليس عن مؤسسات أو هيئات حزبية كانت أو عمومية .
لا أريد أن أكيل الاتهامات لأحد وليس هدفي التقليل من المجهود الذي تمارسه السلطة الرابعة في الإقليم فهناك استثناءات وهناك مواقع إلكترونية محلية رائدة وصحفيون وكتاب مقالات متميزون تجاوزت كتاباتهم المستوى المحلي إلى الوطني ؛ لكن واقع الإعلام في مدينة كلميم وبمتابعة بسيطة لما ينشر على المستوى المحلي تشوبه شوائب نوجزها على شكل ملاحظات فيما يلي: 1- كثير من المنابر الإعلامية وفي تناولها للأحداث المحلية لا تحاول أن تتحرى الدقة والموضوعية في تناول الأحداث بحيث يحصل المتلقي على كم هائل من الأخبار والمعلومات دون أن يستبين الصحة منها من الخطأ وكأن المتتبع المحلي محكوم عليه أن يصدق ذلك رغم أن صاحب الخبر لم يعطي قرائن وحجج واضحة تثبت ما ذهب إليه مما يجعل المقال الصحفي مليء بكثرة الهجوم وأحيانا السب والقذف والتشهير والطعن في أعراض الناس والدخول إلى حياتهم الخاصة بدون مبرر وكأن الكاتب لا يتوجه بمقاله إلى عموم القراء وإنما إلى أشخاص وجهات مجهولة لحاجة في نفسه هو. 2- ظهور نوع جديد من التخصص الإعلامي والصحفي في كلميم لكن بوجه أكثر سلبية و "وقاحة" أحيانا ..فإن كان التخصص في الصحافة يميز ما بين الكتابة والسمعي والبصري أو السياسي والاقتصادي والرياضي هذا اللون الجديد يتخصص فقط في الهجوم على أناس وهيئات معينين فهناك حاليا في كلميم مواقع متخصصة في الهجوم على السيد الوالي فلا تكاد تقرأ فيها مقالا يخرج عن التتبع الخبيث لتحركات الوالي ومحاولة اصطياد هفواته رغم أنها لا تستحق أن تكون مادة إعلامية تفيد المتلقي المحلي في شيء ولا تكشف له حقيقة جديدة إنما فقط معارضة أي نشاط يقوم به وربما بإيعاز من أشخاص آخرين أو هيئات أخرى . وهناك في الطرف المقابل منابر أخرى متخصصة في الهجوم على رئيس المجلس البلدي فلا تكاد تجد مقالا في هذه المنابر يخرج عن هذا السياق ولو قام الرئيس بعمل فيه فائدة لساكنة كلميم لحرفته هذه الأقلام بحيث يظهر للقارئ على أنه صفقة مشبوهة تستوجب المعارضة والمحاسبة. وفي كلتا الحالتين السابقتين يخرج الإعلامي المحلي عن دوره النبيل ليمارس دور الكومبارس لهذه الجهة أو تلك. 3- وجود ما يمكن أن نسميه بالصحافة المنسباتية والتي لا تكاد تجد لها أثرا وغير متتبعة لمشاكل وهموم المدينة وللشأن المحلي بشكل يومي وتنتظر فقط مناسبة زيارة بعض المسئولين المركزيين للمدينة فتبدأ في تحريك أقلامها بالتهليل والتبجيل مستعملة خطاب الإطناب ومذكرة بإنجازات هذا المسئول في المدينة وكذلك الأنشطة التي قام بها وكذا المشاريع التي دشنها ...ليجف قلمها وتطوى صفحاتها مباشرة بعد رحيل المسئول في انتظار زيارة أخرى لمسئول آخر ولا تخرج الزيارات التي يقوم بها رؤساء الأحزاب السياسية عن هذا السياق كذلك. 4- مسؤولية الإعلامي المحلي تكون مباشرة أمام متتبعيه و قرائه من ساكنة كلميم وهم من يملكون حق التقييم والانتقاد ويجب أن يضع الصحفي صلب أعينه هذه الفئة وليس أن يستجدي الرضا أو الثناء من ذلك المسئول أو ذلك المنتخب طلبا في مكانة أو حضوة لديه ..وأقول حضوة دون ذكر ما يمكن أن يصاحبها من امتيازات فيصبح الصحفي يجري وراء هذه الحضوة بما يفرضه عليه هذا الأمر من طمس للحقائق أو تقزيمها بشكل يصبح فيه القارئ والمتلقي هو الضحية الأولى لهذا السيناريو المتفق عليه ضمنيا بين الإعلامي والمسئول. 5- يلاحظ داخل المشهد الإعلامي في كلميم وعلى صحافته الكتابية والإلكترونية الغياب التام للشأن الثقافي والتراثي و تغطية الأنشطة الثقافية رغم ندرتها فلا تكاد تسمع بالثقافة إلا حين بكون الهدف هو الإقصاء وكيل الاتهامات بدعوى أن ثقافة المدينة وهويتها مستهدفة من طرف أشخاص آو هيئات في حين أن المفروض أن تكون هناك صحافة متخصصة في تتبع الشأن الثقافي وتسويق الصورة التاريخية والتراثية لمدينة كلميم ومنطقة واد نون بشكل عام دون أن يكون ذلك معتركا لحسابات سياسية أو طائفية. 6- الحق في الحصول على المعلومة ولو أنه منصوص عليه في الدستور الحالي لا يجب أن يكون ورقة للضغط والابتزاز بحيث يصبح مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة أداة ووسيلة من طرف الإعلامي لإخفاء المعلومة ذاتها وعدم نشرها أو على الأقل نشرها بشكل يخرجها من محتواها وتفقد بالتالي قيمتها الإعلامية والإخبارية . حقيقة لازالت مؤسساتنا العامة و إدارتنا تتلكأ و تتحايل في وضع الكثير من المعلومات أمام الرأي العام لكن الإعلامي لا يجب أن يساير الإدارة ويستعمل بالتالي وسائل قد تكون مخالفة للضمير المهني والعمل الصحفي الجاد. 7- كثير من الإعلاميين المحليين يطغى على كتاباتهم ومقالاتهم أسلوب البيانات والتنديدات بحيث تحس وأنت تقرأ المقال وكأنك أمام خطاب سياسي لا يميز بين إعطاء الحقائق والوقائع والأحداث بصورتها الحقيقية وبين توظيف هذه الأحداث لكسب الرأي العام المحلي وبالتالي يكون القارئ والمتلقي ضحية التهييج والتحريض أحيانا مما يجعل المقال الصحفي يذوب وينصهر وسط الكم الهائل من البيانات والتصريحات السياسية والتنديدات بالممارسات غير الحقوقية والقانونية التي تطغى على صفحات الجرائد والمواقع المحلية بشكل واضح مما يجعل الكثير من القراء يلصقون لونا سياسيا وتوجها مبدئيا للإعلامي والصحفي قد يكون خاطئا وقد يكون الصحفي نفسه في غنى عنه.
هذه بعض الملاحظات التقييمية وقد تكون مؤاخذات على العمل الصحفي المحلي ربما تجاوزتها بعض المنابر الإعلامية بحكم تجربتها الطويلة والرائدة في ميدان الإعلام والصحافة . و يبقى الهدف جازما من هذه الملاحظات ليس التقليل والتنقيص من عمل ومجهود رجال ونساء ''صاحبة الجلالة'' على المستوى المحلي...فهؤلاء يستحقون منا أكثر من التقدير والاحترام.