[email protected] شهد العام الذي سنودعه مالا يحصى من الاحتجاجات والإضرابات شملت جل مناطق المغرب بحيث لا يمر يوم إلا وتجد فيه من يحتج عن سوء أوضاعه المعيشية ،فكل القطاعات شملها الاحتجاج في التعليم وفي الصحة وفي قطاع العدل والجماعات المحلية وقطاع النقل ووو...وهو ما يتسبب في خسارة الملايين من الدراهم من ميزانية الدولة وفي هذا الصدد نجد على سبيل المثال أن شغيلة قطاع العدل خاضت برسم سنة 2010 ما يفوق من 70حركة إضراب فضلا على الوقفات المتكررة لعدة ساعات في المحاكم وأمام البرلمان وقد ضيعت هذه الإضرابات ما يفوق من 234الف يوم ،بمعدل 70يوما من التغييب عن العمل لكل موظف مضرب وبتكلفة مالية تقارب 43 مليار سنتيمم حسب ما صرح به وزير العدل المغربي . هؤلاء الذين يحتجون تجدهم يطالبون بزيادة رواتبهم لأنها لا تفي الحد الأدنى من متطلبات فرد واحد ناهيك عن من يعول بها أسرة تتكون من خمسة أو سبعة ،إن لم نقل يعول بها أسرتين أو ثلاث ،وهكذا فمرتبات العاملين في المغرب لا تصنع كرامة لكنها تهين الناس وتدعو ضعاف النفوس إلى طرق غير شرعية للحصول على المزيد من المال الذي يسد به حاجياته كالسرقة والغش والرشوة ، فالمخزن المغربي يتعمد تخفيض رواتب العاملين والموظفين حتى تدفعهم إلى نهب أموال الشعب وأخذ الرشوة حتى يعم الفساد الجميع لان ذلك يخدم مصالحها ويمكنها أيضا من جمع ثروات هائلة بطرق غير مشروعة على حساب الشعب ، كما يقول المثل إذا عمت هانت " ،فالفساد الذي عم البلاد سببه الحاكم في الدرجة الأولى لأنه عندما يغض الطرف عن المفسدين فهو المسؤول رقم واحد . كما أن هناك دوافع أخرى وراء استمرار هذه الاحتجاجات منها البطالة والتهميش وهي من أكبر مشاكل البلاد ،فلا تخلو منطقة لا تجد فيها نضالات المعطلين الذين يطالبون بحقهم في الشغل لضمان العيش الكريم وحياة مستقرة ،وفيما لاشك فيه لو أن هناك إرادة حقيقية لدي الجهات المسؤولة لحل مشكلة البطالة لتم ذلك ،لكن للأسف ليس هناك إرادة لتجاوز هذه المعضلة التي تشوه صورة البلاد وتتسبب في تخلف البلاد، وكما لها انعكاسات سلبية على استقرار المجتمع. لان تزايد التهميش يجعل الشعب يزيد في غضبه من سياسة النظام القائم وبالتالي يدفعه ذلك إلى خوض انتفاضات شعبية كحل للضغط على الجهات المسؤولة لرفع التهميش عنهم وهو خيار أظهر نجاعته في العديد من المناطق التي تعيش أوضاعا مزرية نتيجة التهميش والإقصاء بحيث دفعت المسؤولين إلى الرضوخ لأمر الواقع من خلال الاستجابة لمطالب المنتفضين الغاضبين . إن المتأمل في كثرة الاحتجاجات والإضرابات التي تصيب البلاد يدرك أن لها علاقة وطيدة بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية ،فضعف الأجور والفقر والبطالة هي الدافع وراء تنظيم الآلاف من الاحتجاجات ،فنحن لم نسمع يوما بالفئة الغنية وذوي البطون المنتفخة من المسؤولين أن تحتج على شيء ،لان كل شيء متوفر لهم ،فكل ثروات العباد مجتمعة عندهم إلى حد أنهم لا ينفقون منها على الضعيف ولو درهم واحد ،الأمر الذي يزيد في حدة التفاوت الطبقي في هذه البلاد. فالذي يشتغل ليس أفضل حالا من الذي لا يشتغل فكلاهما بالمغرب يعاني ،كيف لا والأسعار تعرف من حين لأخر ارتفاعا صاروخيا حتى شابت من شاب من المواطنين ، وهذا نتيجة حسب ما أقول وأكرره دائما للسياسة النظام المغربي المصاب بالشيخوخة والضعف والتي لا تنتج إلا مزيد ا من الفقر و الفوارق الاجتماعية و الاستغلال الغير العقلاني لثروات البلاد. ولا يمكن للوضع المزري الذي يعيشه المواطنين في هذا البلد أن يزول مادام الفساد منتشر في صفوف من يحكمنا فإقامة حياة اجتماعية كريمة رهين بصلاح الحاكم ،فالتغيير كله في هذا البلد متوقف على الحاكم لوحده لأنه يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقران ،فإذا توفرت الإرادة الصادقة لدى الحاكم للتغيير فان البلاد ستزدهر ،أما البرامج ولا المشاريع في ظل غياب إرادة الإصلاح الشامل فان ذلك مجرد ضحك على الذقون ،ويبقى كل ذلك الهدف منه هو لتلميع صورة الحاكم لا أقل وأكثر كي يضمن الاستمرارية لعرشه ومصالحه . إن استمرار الأوضاع على هذه الشاكلة وتراكمها سيجعل حلها مستحيلا ومستعصيا في المستقبل وهو ما سينتج عنه عواقب وخيمة ما فتئ يحذر منها كل الشرفاء،لقد أصبح المواطنون مقهورين من الاستبداد والظلم الذي يمارسه عليهم النظام في كل وقت وحين ، إلى حد أن الشعب نجده في الآونة الأخيرة يرد بالمثل ،فالعديد من المناطق بالمغرب شهدت أحداثا مؤلمة من خلال اندلاع مواجهات بين المخزن والمواطنين الذين يرفضون الاستبداد خاصة عندما يتعلق الأمر بحق تكفله القوانين الوطنية والمواثيق الدولية،وكان أخر هذه المواجهات ما وقع في منطقة الحسيمة ،فعندما تجاوز المخزن حدوده وخالف القانون الذي وجب عليه احترام بنوده التي تمنعه من الشطط في استعمال السلطة ضد المواطنين ،فالشعب أصبح يعرف نقطة ضعف المخزن ،وبالتالي يجب هذا الأخير أن يدرك بأن مواطني القرن العشرين ليس صورة طبق الأصل للمواطنين في القرن الواحد والعشرين فقرن التكنولوجيا وثورة المعلومات يختلف عن قرون فشت فيه الأمية والجهل ،فهذا الزمان الكل واع بحقوقه ومصيره والعقل الذي يريد أن يتجاهل ذلك مآله الزوال. وكما نجد أن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بالمغرب كانت وراء اندلاع مجموعة من الاحتجاجات والإضرابات فلا يزال التعذيب في المعتقلات قائما وكما أن الاختطافات باقية ما بقي نظام الجبر والظلم ،فلا شيء تغيير فدار لقمان لا تزال على حالها رغم كل ما نسمعه من شعارات كالإنصاف والمصالحة والقطيعة مع الماضي وجبر الضرر والعهد الجديد ... والتي ظن البعض في بدايتها بأنها شعارات صادقة ومعقولة واستبشروا خيرا قبل أن ينقلب السحر على الساحر،ويتضح أن العهد الجديد لا يختلف عن العهد القديم في شيء ،فلا تزال مقولة "جوع كلبك اتبعك قائمة" بالرغم من أن الشعب أخذ يفند ذلك في الآونة الأخيرة من خلال إظهار العصيان لصاحب العصا الغليظة ويرفع شعارا مضادا "جوع كلبك اعضك " ، لقد رجعت سنوات الرصاص لتطفو على السطح من جديد ،فما ذاقه المعارضين وعلى رأسهم اليساريين من العذاب الأليم في عهد العهد القديم ،يتذوق طعمه الإسلاميين في العهد الجديد ،فقد تعرضوا للتعذيب في المعتقلات السرية أو في مقرات الشرطة وللاغتصاب وللاختطاف وأقلها المحاكمات التي لا تعد ولا تحصى والغير العادلة في أحكامها ،نأخذ على سبيل المثال ما تعرض له معتقلي جماعة العدل والإحسان بفاس من اختطاف يذكرنا بالماضي الأليم ثم للتعذيب في مقرات الشرطة ،ولم يقف الأمر في هذا الحد فقد تعرضوا للتعذيب حسب ما جاء على لسان هيئة دفاعهم ،وهكذا نكون أمام حالة انتهك فيها المخزن كل القوانين المتعارف عليها دوليا ووطنيا ،أضف إلى هذه القضية قضايا أخرى كما يسمى بخلية بلعيرج الإرهابية والتي يتواجد بها إسلاميين كالمعتصم ووالني يؤكد العديد من المتتبعين بأن هذه القضية تم فبركت خيوطها من قبل المخزن المغربي وبالتالي فالتهم التي وجهت لمعتقلي العدل والإحسان وللمعتقلين السياسيين الإسلاميين وزملاءهم بريئون منها برأت الذئب من ذم يوسف ،أضف إلى قضية هؤلاء ملف السلفيين بحيث تم الزج بالعديد من الأبرياء في السجن لا علاقة لهم بالفكر اللتكفيري لا من قريب ولا من بعيد . وكما تم اعتقال العديد من المواطنين الصالحين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم فضحوا الفساد والمفسدين كما هو الأمر مع المعتقل شكيب الخياري الذي يتضامن معه الجميع في داخل المغرب وخارجه ،فكل هؤلاء المعتقلين يؤدون ضريبة معارضتهم للفساد والاستبداد الغاشم. فيمالا شك فيه بأن محاربة المفسدين الذين جوعوا المواطنين وأهانوهم ومارسوا عليهم الاستبداد لايمكن محاربتهم إلا بتوحيد الصف بالعمل من أجل تشكيل جبهة قوية محصنة قادرة على الصمود والتحدي تضم كل القوى السياسية الوطنية وفعاليات المجتمع المدني وأطر هذا البلد حتى يتم استئصال كل جذور الفساد والمفسدين من المجتمع لتحقيق النهضة التي ينشدها الشعب المغربي الأبي .