يرى المحللون الأمريكيون أن تنسيق فرنسا الدائم مع البيت الأبيض في الشأن الإفريقي قد يجعل فرنسا تأخذ محل بريطانيا بالنسبة لأمريكا. وقد ظهر تناغمٌ فرنسيٌ أمريكيٌ بعد تصريح مشترك بين أوباما وهولاند، وهو (أن الشراكة الفرنسية الأمريكية ربما تتجلى في إفريقيا، ولاسيما مالي وإفريقيا الوسطى، وكل القارة الإفريقية من السنغال إلى الصومال). ويبدو من التصريح، أن دخولاً أمريكياً سلساً لإفريقيا عبر البوابة الشرقية (السنغال)، دون أن يزعج الوجود الفرنسي في القارة، ثم مروراً بمالي وإفريقيا الوسطى، ومشاركة الفرنسيين في حربهم على الإرهاب، ثم التوجه شرقاً نحو القرن الإفريقي وحوض النيل. وقد يكون الشرق الإفريقي آهلاً لإستقرار الأمريكان، والأفضل لهم على مستوى القارة الإفريقية، فهذه المنطقة تعاني من إضطراب في الهوية، فهم جماعات خليط بين العرق العربي والإفريقي، مما وضعهم في الدرجة الثانية عروبياً وإفريقياً. فكل محاولات إثيوبيا لفرض زمام سيطرتها على تلك المنطقة هو من أجل بناء قوة مستقلة توحدهم أمام بقية الأفارقة وعرب الجوار بقيادة أثيوبيا. ويتضح من التصريح أن خارطة الطريق الأمريكية نحو إفريقيا أخذت الخط الجغرافي عرضاً، فجميع الدول المذكورة تقع على خط العرض (السنغال، مالي، إفريقيا الوسطى، الصومال)، وكأنه فاصل وقاطع بين شمال القارة وجنوبها. كما أن التصريح لم يذكر دول الشمال العربي للقارة، فربما غياب القيادات القادرة على عقد تحالفات طويلة الأمد مع الأمريكيين والفرنسيين هو السبب، بإستثناء المملكة المغربية. وأيضاً تم إستثناء منطقة جنوب القارة لخصوصية جنوب إفريقيا في المنطقة وحلفاء بريكس. ونستخلص أن التوجه الأمريكي نحو القارة الإفريقية يعود لأسباب جيوستراتيجية، فتوجه السياسية الخارجية الأمريكية هناك هو من أجل دعم الوجود الفرنسي، وغلق الوسط الإفريقي بحزام أمريكي فرنسي، ثم إعادة بناء الكيان الإثيوبي كقوة سياسية موازية للقاهرة وبريتوريا وأبوجا، وهو ما تطمح به أديس أبابا. وليس من الصعب على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تحقق ما يبحث عنه الإثيوبيون، فقد أصبحت طموحاتهم متوافقة مع متطلبات الأمريكان في المنطقة، والوجود الأمريكي في القارة الإفريقية وخاصة منطقتي القرن الإفريقي وحوض النيل هو أشبه بإعادة إنتشار للقوات الأمريكية ما بين الشرق الأوسط العربي والشرق الإفريقي. وخلاصة القول، أن نجاح هذه الخطوة سوف يبقى مرهوناً بقدرات السياسة الخارجية الأمريكية على دمج الأمن القومي العربي بالأمن القومي الإفريقي، فتصدير الإرهاب من اليمن لإفريقيا، هو كفيل لبداية تلك الخطوة.