ذ. أحمد الطالبي عقدان بالتمام و الكمال مضيا عن اعتماد مدونة الأسرة الجديدة، والتي كانت محصلة تحكيم ملكي، بعد صراع مرير بين مختلف أطياف المجتمع آنذاك كانت سمته البارزة استعراض العضلات في الشارع من طرف الطرف المحافظ الذي كان في عز أوجه قبل أن يرتطم مخياله بجدار التدبير الحكومي، استعراض بلغ حد وصف خطة إدماج المرأة في التنمية آنذاك بالخطة الوثنية بهدف التحريض ضد من أعدها و من يدافع عنها، لغاية في نفس يعقوب.. تحريض تم فيه توظيف المرأة التي أُنزلت إلى الشارع من طرف من سقطت عنهم أقنعة العفة المفترى عليها بعدما أتيحت لهم الفرصة….. و ككل نص تشريعي يخضع لمتغيرات المجتمع وللتحولات السوسيو- ثقافية و القيمية التي تمس بنيته في إطار دينامية النسق الكوني ، لابد من محطات ووقفات تأملية بهدف ملء البياضات و سد الفراغات التي يمكن أن ينتج عنها تطبيق مشوه للنص و الذي تضيع بموجبه حقوق الأفراد كما حقوق وتوازنات المجتمع … و بعد الإشارة الملكية إلى وجوب تعديل النص و شروع وزارة العدل في تلقي آراء مختلف الفاعلين في هذا المضمار، طفت على السطح مجددا خطابات متعددة بمرجعيات مختلفة بلغت أحيانا حد التطرف في التناول والطرح ، ويمكن إجمالها في ما يلي : الخطاب الأصولي الشعبوي الذي لا يهمه أصلا أن يحصل أي تطور في المنظومة القيمية للمجتمع، بقدرما يسعى إلى الحفاظ على مواقع مجتمعية تضمن له هامشا من الحضور السياسي لاستثماره في العملية الانتخابية ، استثمار تكون المرأة فيه حطب جهنم في قضايا الإرث و التعدد و زواج القاصرات … خطاب حداثوي ، يقفز على معطيات الواقع في سكونتيه ، ولا يراعي ضرورة اعتبار عملية التراكم الكمي و النوعي التي تتطلبها عملية التحول في وعي المجتمع لضمان انتقال سلس من وضع إلى آخر أكثر تقدمية، ينصف المرأة و الرجل معا … خطاب ذكوري غوغائي ناتج عن ترسبات اللاشعور الجمعي، والذي لا يعطي أي اعتبار للمرأة ككائن إنساني له شعور ووجدان و كرامة، ناتج عن قرون من تحكم الأيديولوجية الشرقانية المتزمتة في مفاصل المجتمع.. خطاب نسائي متهافت و متطرف يجعل من الرجل العدو الوحيد للمرأة، مما يفضي إلى تفخيخ بنية الأسرة ، وينسف الوضع الاعتباري الذي كانت تنعم به المرأة سابقا رغم تقليدانية المجتمع ، وضع اعتباري على بساطته يحفظ لها قدرا من الإحترام ، و كان من مؤشراته إعطاء المرأة أولوية السبق كلما اقتضى الأمر في مختلف المرافق و الفضاءات .. وبعملية استقراء بسيطة، تبدو هذه الخطابات بعيدة عن آليات حفظ توازن الأسرة و المجتمع ، ويستحيل التوفيق بينها لإخراج نص يحفظ توازن العلاقات الأسرية ، ويبدو معها إصلاح المدونة عملية شاقة تتطلب تحولا في الذهنيات ، تحول يجب التأسيس له بمجهود علمي تنخرط فيه المؤسسات التربوية و الإعلامية و التشريعية، ببرامج يعدها خبراء من مختلف الحقول المعرفية ، وبعقلية وطنية منفتحة تفكر في حاجيات المغرب و توازناته الكبرى في تناغم مع تحولات العالم من حولنا، قبل أن تفكر في ما تمليه مؤسسات الإخضاع العولمية ، ولو اقتضى الأمر إخراج نص متعدد الرؤى و الإختيارات.