في الوقت الذي لم يتبق فيه سوى 48 ساعة عن الإنطلاقة الفعلية للدخول المدرسي الجديد بمديرية تيزنيت، ما يزال الغموض يكتنف مصير هذا الدخول جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) التي يصعب معها التكهن بمآل ومصير هذه السنة الدراسية ، والحسم في مخرجات الحل لتدبير أمثل لقطاع التربية والتكوين ككل في ظل هذه الجائحة، كما هو الحال بباقي القطاعات الحيوية بالبلاد. و خلافا لمضامين البلاغات الرسمية و المقررات الوزارية والمذكرات التنظيمية للشأن التربوي في ظل هذه الجائحة ، سجّلت عمليات الإعداد لإنطلاق الدراسة الفعلية بإقليم تيزنيت مشاكل عديدة حيث وجد مديرو العديد من المؤسسات التعليمية بالإقليم ،أنفسهم أمام أصعب دخول مدرسي في ممارستهم المهنية ، بعد تبنى أغلب آباء و أمهات التلاميذ نمط التعليم الحضوري . ولعل أهم هذه المشاكل تكمن في البنيات التحتية لأغلب المؤسسات التعليمية و التي لا تسمح بالتطبيق الفعلي للبرتوكول الصحي الذي اعتمدته الوزارة بخصوص الإجراءات الصحية للتصدي لجائحة " كوفيد 19 "، بالإضافة إلى الموقف "السلبي" لحدود اليوم لشركاء بعض المؤسسات التعليمية ببعض الجماعات و عدم تتدخلهم لتوفير المستلزمات و الظروف الإحترازية و الوقائية داخل المدارس من مواد التعقيم و البخاخات و حمامات القدم ( tapis désinféctants ) و محرار قياس الحرارة و علامات التشوير بالإضافة للقيام بالإصلاحات الضرورية لصنابير المياه و المرافق الصحية هذه الأخيرة التي ستخلق لمدبري المؤسسات التعليمية مشاكل عويصة في كيفية استخدامها و تعقيمها و ربطها بالمياه غير المتوفرة ببعض المؤسسات . هو إذن دخولٌ تعليميّ بدونِ ملامح واضحة ، ويظهر ذلك جليا أكثر في الأربعة أيام الماضية التي خصصت لإستكمال إجراءات التسجيل ، حيث لم تمنع المخاوف من تفشي جائحة فيروس كورونا، أولياء أمور وأمهات التلاميذ من مرافقة أبنائهم إلى مختلف المؤسسات التعليمية بالإقليم ، للوقوف على حاجيات ومتطلبات دخول مدرسي استثنائي، ونتج عن هذا اكتضاض كبير داخل و خارج بعض المؤسسات في خرق لاجراءات الوقاية والحد من انتشار كوفيد19 . و في قرار وصف بالمفاجئ ، اقدمت المديرية الإقليمية بتبزنبت خلال هذه الأيام ، على اغلاق الثانوية الإعدادية مولاي سليمان وتوجيه كل تلاميذها وأطرها التربوية والإدارية نحو ثانوية مولاي رشيد ، و عبّر " الطيب بوزياني" الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي عن صدمته من هذا القرار معبرا في صفحته على الفيسبوك قائلا : " وفي خرق سافر لاجراءات الوقاية والحد من انتشار كوفيد19.. وعلى بعد يومين من الدخول المدرسي الفعلي.. صدم الجميع هذا الصباح بالقرار الانفرادي العجيب الذي اتخذه المدير الاقليمي لوزارة أمزازي بتيزنيت والقاضي بإغلاق الثانوية الإعدادية مولاي سليمان وتوجيه كل تلاميذها وأطرها التربوية والإدارية نحو ثانوية مولاي رشيد المجاورة لتصبح بنيتها 33 قسما (ما يزيد عن 1200 تلميذ)..!!" احدى المؤسسات التعليمية في سلك الثانوي الإعداد ،تفاجأ آباء و أولياء أمور تلامذتها كذلك ، أنها أجّلت عملية التسجيل التلاميذ لأسباب غير معروفة، كما أن مؤسسات الرعاية الإجتماعية لدور الطالب و الطالبة أجلت كذلك هذه العملية و أغلقت ابوابها أمام المتعلمين حتى اشعار آخر ، نفس الشئ بالنسبة لبعض جمعيات النقل المدرسي التي وجدت نفسها هي الأخرى ،أمام صعوبة الالتزام بمضامين البروتوكول الصحي المفروض من طرف الوزارة، فأجّلت هي كذلك الحسم في دخول غمار هذه التجربة التي تحتاج لمضاعفة امكانياتها على قلتها للمحافظة على سلامة المتمدرسين . وبخصوص التعليم في القطاع الخاص بالإقليم ، فالأكيد أن نزوح مئات التلاميذ بالإقليم من هذا النوع من التعليم صوب المؤسسات العمومية سيطرح إشكالا وعبئا كبيرا على هذه الأخيرة، التي لن تتحمل الوضع إن ارتفعت الأرقام أكثر فأكثر. و ألقى هذا الارتباك الحاصل في الدخول المدرسي الحالي ، بظلاله على مبيعات الكتب واللوازم المدرسية بالمدينة ، وحسب عدد من باعة الكتب، فإن الإقبال على اللوازم المدرسية والكتب المخصصة للمختلف المستويات الدراسية هذا الموسم، لا تلقى الاقبال الكبير الذي كان يعرفه الدخول المدرسي مثل السنوات الماضية . وأمام هذا المخاض، وعلى إثر خريطة الطريق المقترحة من قبل الوزارة الوصية، ترى أغلب الهيئات النقابية بإقليم تيزنيت أن إنجاح هذا الدخول المدرسي يتطلب تدابير وقائية جد صارمة وقرارات مسؤولة من الجهات المعنية لضمان سلامة أسرة التعليم بمختلف مكوناتها. واعتبر العديد من المهتمين بالشأن التربوي بتيزنيت ،أن الرؤية تبقى غير واضحة المعالم مع تنامي الحالات المؤكدة التي تشهدها بعض الجماعات يوما بعد يوم، ناهيك عن نسبة الوفيات والحالات الحرجة المسجلة على الصعيد الوطني خلال الفترة الأخيرة ، وذهب بعضهم إلى حد اقتراح تأجيل الدخول المدرسي لشهر على الأقل ، والاقتصار على صيغة التعليم عن بعد في انتظار اتضاح "خارطة الطريق" لتحديد نموذج تعليمي يحافظ على صحة التلاميذ ويضمن تكافؤ الفرص.