عرفت الحركة الأمازيغية احتجاجات وأشكالا نضالية مختلفة على مدى العقود الماضية للاستجابة للمطالب الأمازيغية التي حددتها في مطلب توفير كافة الضمانات القانونية للغة والثقافة الأمازيغيتين من خلال دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا وسن سياسة إعلامية وطنية وديمقراطية وإدماج اللغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية لجميع المغاربة وإدخالها إلى كل دواليب الحياة العامة والمؤسسات العمومية، بما يضمن كرامة الانسان المغربي. وشكل ميثاق أكادير التاريخي الموقع من طرف هذه الجمعيات في 5 غشت 1991 المرجعية التنظيمية الأولى لنواة حركة أمازيغية اشتد عودها، انطلاقا من تأسيس مجلس التنسيق الوطني سنة 1994، ومختلف التطورات التي اتبعت هذه الفترة سواء داخل المغرب أو خارجه. كما نهل الاحتجاج الأمازيغي من مرجعية قانونية دولية تتخذ من بيان حقوق الانسان والعهود الدولية المسوغات الشرعية لنضالها بسبب وجود بنية قانونية وطنية مازالت ترفض الانضمام إلى العالمية والاعتراف بحقوق الانسان مجتمعة سياسية مدنية ثقافية والانتقال من حقوق الانسان إلى حقوق الشعوب. هذه المرجعية العالمية تقوت كذلك بظهور الكونغريس العالمي الأمازيغي الذي سيضم أمازيغيين المغربي والجزائر وليبيا وجزر الكناري والشتات في تدويل للاحتجاج الأمازيغي الذي لم يعد قضية وطنية، بل أيضا مسألة تهم أساسا شمال افريقيا ككل. وهو ما شكل نضالا جماعيا اتسم في بداية الأمر بالبيانات والعرائض التي كانت تصدرها الجمعيات الأمازيغية أو المذكرات المطلبية المرفوعة للديوان الملكي. وأمام عدم الاستجابة لهذه المطالب، اتسعت قاعدة الوعي مع تنامي الجمعيات وتم التفكير في خلق أداة وآليات احتجاج جديدة كتشكيل قوة ضاغطة على الحكومة لتنفيذ المطالب، وذلك بالانخراط داخل صفوف الجماهير الشعبية من خلال المسيرات ومظاهرات احتجاجية، بدأت من فاتح ماي 1994 عندما شارك مناضلون أمازيغيون في التظاهرات العمالية لفاتح ماي رافعين لافتات ومرددين شعارات ضد سياسة الحكومة المتنكرة لمطالبهم، وهو ما أدى إلى اعتقال أعضاء جمعية تليلي بالراشيدية. وأعلنت المشاركة في فاتح ماي عن سنة نضالية لدى الحركة الأمازيغية بمختلف المدن المغربية، إضافة إلى التظاهرات التي ينظمها الطلبة الأمازيغيون في المواقع الجامعية والمعروفة بالحركة الثقافية الأمازيغية ((MCA. لكن الإعداد والإعلان عن مسيرة أمازيغية كبرى (تاوادا) احتجاجية كان في إنزكان شهر أكتوبر 1999، تزامنا مع تشكيل اللجنة الملكية المكلفة بإعداد ميثاق للتربية والتكوين، حيث اعتبر حينها المناضلون الأمازيغيون بأن هناك تهميشا مقصودا للفعاليات الأمازيغية، خاصة لما استدعى مزيان بلفقيه مستشار الملك مختلف الفاعلين في مجال التعليم والتيارات الثقافية والسياسية واستثنى من هذا الاستدعاء الفعاليات والجمعيات الأمازيغية. كما شكل صدور (الميثاق الوطني للتربية والتكوين) نقطة انعكاس لتعامل الحكومة مع مطالب الحركة الأمازيغية. وما أجج النضال الأمازيغي هو البند 115 من الميثاق المذكور الذي رأت فيه الحركة الأمازيغية أنه يؤكد بأنه يمكن الاستعانة بالأمازيغية في بعض الجهات بهدف تسهيل تعليم اللغة العربية. وفي خضم ذلك برزت فكرة النزول للشارع بالشكل الذي يجعل المسؤولين يتراجعون عن هذا القرار، فتعبأت لها جميع التنظيمات الأمازيغية، فمنعت الوقفة الاحتجاجية التي كانت تعتزم تنظيمها أمام البرلمان بتاريخ 14 مارس 2000 تحولت بعدها الفكرة إلى مشروع مسيرة وطنية (تاوادا) أي المسيرة. إلا أن هذه المسيرة فشلت وأقبرت في مهدها ولم تتم ، مع العلم أن الأمازيغية ما زالت غائبة بالشكل المطلوب في الإعلام والتعليم الأمازيغيين، واستمرار منع تسجيل الأسماء الشخصية الأمازيغية في سجلات الحالة المدنية. إلا أن اعتقالات الطلبة في كل من الراشدية ومكناس وحل الحزب الأمازيغي أعاد النقاش مجددا حول مدى نجاعة التعاطي الرسمي مع الأمازيغية، وما صاحب ذلك من إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وما لعبه طيلة سنوات من عمره من الاشتغال على القضايا الثقافية دون التطرق إلى باقي الانشغالات الأخرى العاجلة والآنية، حيث طفت على سطح المشهد السياسي حركات أمازيغية أخرى لم تستطع سياسة الضبط الرسمية احتواءها. وهكذا نظمت هذه الفعاليات تظاهرات احتجاجية أمام البرلمان بالرباط، كما نظمت وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل يوم 24 شتنبر 2007، ووقفات احتجاجية أخرى أمام محكمة الاستئناف بالراشيدية يوم 27 شتنبر 2007، استمرارا في مساندة المعتقلين السياسيين مناضلي القضية الأمازيغية، وكذلك الوقفة التي تمت مؤخرا أمام المحكمة الإدارية بمناسبة محاكمة الحزب الديمقراطي الأمازيغي بالرباط. هذا الطوفان من الوقفات الاحتجاجية للحركات الأمازيغية، مؤشر على أن سياسة الدولة فشلت في احتواء الغضب الأمازيغي الذي ينذر ببداية سنة ساخنة لانتكهن بما ستؤول إليه نتائجها.