المغرب ومالاوي عازمان على تعزيز شراكتهما الثنائية في قطاعات رئيسية    قطاع صناعة السيارات.. شركة هولندية تختار طنجة للاستثمار    المنتخب الوطني المغربي يتراجع إلى المركز 12 عالميا ويحافظ على الصدراة قاريا وعربيا    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    استئنافية الحسيمة ترفع عقوبة سيدة متهمة باستدراج قاصرات لممارسة الدعارة    أمن طنجة يوقف شابًا متلبسًا بحيازة أقراص مهلوسة بمحطة القطار    دولة المؤسسات لا دولة الشارع والساحات.. دولة المبادرات لا دولة التباكي والتحريض على المنصات    قيوح: تحت قيادة جلالة الملك المغرب جعل من الربط والاندماج القاري خيارا استراتيجيا    شباب أمازيغ يعلّقون مشاركتهم في دينامية "جيل زد" احتجاجا على تصريحات مسيئة للهوية الأمازيغية    حاتم عمور يلتقي جمهوره في أمسية فنية بالدار البيضاء    المانوزي يعلن الترشح لخلافة لشكر وينتظر التراجع عن التمديد لولاية رابعة    "كاف" يحسم الجدل بتعيين الكونغولي أوليفييه سفاري كابيني رئيساً للجنة الحكام خلفاً لدوي نومانديز    احتجاجا على سياسات ترامب.. توقع خروج الملايين للتظاهر في عدة مدن أمريكية تلبية لدعوة حركة "لا ملوك"    الكاف: "تأهل المغرب إلى نهائي مونديال الشباب انتصار رمزي وتاريخي"    سالم الدوسري يُتوج بجائزة أفضل لاعب في آسيا لسنة 2025    توقيع اتفاقيات شراكة تستهدف هيكلة منظومة وطنية للهندسة الصناعية    الذهب يتجاوز 4300 دولار ويتجه لتحقيق أفضل مكاسب أسبوعية في 17 عاما    بورصة البيضاء تبدأ اليوم بصعود طفيف    الأمم المتحدة: 80 في المائة من فقراء العالم معرضون لمخاطر مناخية    المتصرفون التربويون: قرارات الوزارة "متناقضة ومتخبطة" والرؤية غائبة    اليوم في قمة افتتاح مونديال الفتيات.. المغرب يواجه البرازيل بالرباط    انفجار قنبلة أمام منزل أحد كبار الصحافيين الاستقصائيين في إيطاليا    مستشار ترامب: واشنطن تقترب من افتتاح قنصليتها في الصحراء المغربية... والملف يسير نحو نهايته    ألمانيا تجيز استخدام الشرطة للصواعق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد    طنجة البالية: توقيف 3 قاصرين تورطوا في رشق الحجارة قرب مؤسسة تعليمية    كيوسك الجمعة | الداخلية تسرع ورش رقمنة خدمات الماء والكهرباء    وهبي والمنصوري يتفقان على إعادة تأهيل سوق "جنان الجامع" بتارودانت بعد الحريق    أستراليا تفرض أول حد أدنى لعمر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    الفلبين: زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب جنوب البلاد    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته للنمو في آسيا رغم التوترات التجارية الصينية الأمريكية    شركات كبرى تحتكر سوق الدواجن بالمغرب والجمعية الوطنية لمربي الدجاج تحمّل الحكومة المسؤولية    إسرائيل ترجح إعادة فتح معبر رفح الأحد وحماس تؤكد "حرصها" على تسليم جثامين بقية الرهائن    أفاية يفصل في محددات المسؤولية وتحولات النقاش العمومي بالمغرب    الهلال يجدد عقد بونو حتى 2028    كرة القدم المغربية .. من شغف الملاعب إلى قوة ناعمة واقتصاد مزدهر    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    المندوبية السامية للتخطيط: تحسن سنوي في ثقة الأسر المغربية    قطاع التعليم بين حركية الإصلاحات وثبات الأزمة    جيل زد في المغرب: بين الكرامة وخطر الهجرة    جيل 2022 فتح الباب .. جيل 2025 يعبر بثقة من مونديال قطر إلى كأس العالم U20... المغرب يصنع مدرسة جديدة للأمل    المؤتمر الاستثنائي الاتحادي العام 1975 مؤتمر متوهج عبر امتداد الزمن    محمد سلطانة يتألق في إخراج مسرحية والو دي رخاوي    عاصمة البوغاز على موعد مع الدورة أل 25 من المهرجان الوطني للفيلم    أبناء الرماد    "الزمن المنفلت: محاولة القبض على الجمال في عالم متحوّل"    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدرسة المغربية ومعاناة المتعلم

إن من المفروض على المدرسة المغربية اليوم أن تعنى أكثر بجملة من القيم النبيلة وغرسها في الطفل والمتعلم حتى يكون رجلا في المستقبل قادرا على تمييز الصحيح من الخطأ وتمييز المحظور من المقبول، وتحديد أولويات الحياة ومواجهة وضعياتها المختلفة، إضافة إلى قدرته على معالجة المعلومات والمعارف بكل الوسائل الحديثة، والتحلية بالتربية المتخلقة التي تقود إلى تربية على مواطنة كونية محددة المعالم. وهذا لن يتم إلا في ظل مدرسة تربي متعلما ذكيا يتصرف بفعالية داخل محيطه، وداخل مجتمعه، عوض التحلي بالتواكل المعرفي واكتفائه بالبحث عن المعرفة المتواجدة الجاهزة التي لا يساهم في إنتاجها بصفته وبفكره وبذكائه .
إنه لمن العيب أن تبقى المدرسة المغربية تمارس التعليم التقليدي والتلقيني، وتنكر على المتعلم قدرته على المساخمة في بناء المعرفة وإنتاجها. فذكاء المتعلم حاصل وموجود، لكنه يحتاج إلى موجه ومؤطر عاقل ناضج يوجهه نحو الطريق الصحيح لإنتاج معرفة متطورة متجددة. وهذا لعمري سيخدم الطفل المغربي الحالي الذي يعيش أزمة هوية تربوية وثقافية، فهو أسير لتقاليد وعادات بالية لا تفيد في شيء، وهو سجين إعلام موجه لتخريب العقول والقلوب وغرس القيم الهدامةالتي تضرب الاستقرار النفسي والاجتماعي داخل الأسرة. إضافة إلى أنه أصبح عرضة للضياع التعليمي من خلال طرائق بيداغوجية وتربوية تقليدية تؤمن بالتلقين والتعالي والكبرياء والأنفة والاستعباد .
ورغم أن الخطاب التربوي الرسمي يحث على تبني الإصلاح التربوي وذلك باستدعاء طرائق ووسائل تربوية حديثة، وتبني بيداغوجيات جديدة كبيداغوجية الكفايات وبيداغوجية الإدماج، قصد الخروج من شرنقة التعليم التقليدي الذي لازال عدد لابأس به من رجال ونساء التعليم يمارسونه داخل فصولهم الدراسية، فإننا لم نشاهد لحد الآن تلك الحمية التي تقطع مع الماضي التعليمي، ولم نجد أي بادرة حقيقية لتبني الإصلاح كما جاء في الكتب والخطابات ووسائل الإعلام المختلفة، وبالتالي فإنه من غير المعقول أن نبقى في ظل شد وجدب فيما يخص الإصلاح، ونعيش إرادة التحلي بالقدرة على إنزال الإصلاح التربوي إلى أرض الواقع .
إن كل جديد في مجال التربية لابد أن يضع في حسبانه أن يهدف إلى غرس القيم النبيلة في الناشئة، فكل ما يحتاجه مجتمعنا اليوم هو أن يتحلى أبناؤه بالقيم البناءة والعظيمة وإنقاذه من براثن الرجعية واللاأخلاق والتراجع الواضح على مستوى التحلي بمكارم الأخلاق التي يدعو إليها ديننا الحنيف وتدعو إليها قيمنا العربية الخالدة. وهذا لن يتأتى إلا بتعليم وتربية يدفعان إلى غرس القيم في ناشئتنا والدفاع عنها وتبنيها في الحياة اليومية .
فالمدرسة التي لا تغرس قيم التربية على المواطنة الحقة، والتربية على التكافل بين أفراد المجتمع، والتربية البيئية والحفاظ على المناخ والطبيعة، والتربية على احترام الآخرين،.... وغيرها من القيم، هي مدرسة عاجزة مفلسة كل الإفلاس. فدورها ينحصر أولا وأخيرا في بلوغ هدف غرس القيم في شخصية المتعلم، لأن المعارف التي تقدم إليه جاهزة غير مثمرة ولا تظهر فيها ملامح الرفع من الأخلاق والقيم لدى الناشئة هي معارف جامدة ولا حاجة إليها البتة .
إن المتعلم المتفوق هو الذي يستطيع أن ينتج معارف من خلال المكتسبات والموارد التي لديه، وهو خلاف للمتعلم الذي لا يعمل على استثمار مكتسباته وموارده المعرفية لإنتاج معرفة جديدة. وبالتالي، فهذا النوع من المتعلمين هو الأضعف في حلقة التربية والتعليم، وللأسف الشديد أننا نجد هذا النوع بكثرة في مدارسنا، لأنه لم يستطع أن يتجاوز مرحلة الأخذ والتلقين بدل العطاء والإنتاج، سواء من خلال قدرته الذاتية على ذلك أو من خلال مدرس لا يعي أبدا ولم يستوعب بعدُ أسس التربية الحديثة .
إن معاناة المتعلم المغربي تتزايد وتتفاقم يوما بعد يوم في ظل تعليم مازال لم يبرح مرحلة التقليدانية والرؤية الكلاسيكية للتعلم. وهذه المعاناة تنقل عدواها إلى المجتمع باستمرار لأنها لم تجد من يحدٌ من انتشارها وتفاقمها، ولم تصطدم بالتجديد الحقيقي وبالإصلاح المبني على أسس نظرية وتطبيقية مستمرة. فأغلب الخطوات الإصلاحية تصطدم بلوبيات توقف مسيرتها السريعة أو تعاني من الإرادة السياسية والمادية لبعض الفئات في قطاع التربية والتعليم .
إن فعالية التعلم بالنسبة لمتعلم اليوم تكمن في قدرته على إنتاج أفكار جديدة والمساهمة في سير العملية التعلمية داخل الفصل الدراسي، واستفادته من توجيه المدرس ونصائحه التي تفيده في إنتاج المعرفة الجديدة، عوض تلقي تعليم عمودي تقليدي تلقيني لا يرفع من جودة التعلمات ولا ينتج معارف مهمة وجديدة تساير الواقع ووضعيات الحياة اليومية .
المتعلم الذي لا يستطيع أن يحس بتغيير واضح في نهاية كل سنة دراسية، وكذلك المدرس، هو متعلم لم يحصل على أي قيمة مضافة تزيده اكتسابا تعلميا ومعرفيا. فالخلل في هذه القضية يكون حاصلا في أسلوب المدرس وطريقته التلقينية التي لم تعُد مجدية اليوم. فالمدرسة المتميزة هي المدرسة تتصف بكونها تمنح تلك القيمة المضافة للمتعلم وتكسبه معارف جديدة وقيم جديدة تساعده على النضج المعرفي والحياتي. فالعدل التعليمي يتطلب الوقوف على الفوارق بين المتعلمين واكتسابها في العملية التعلمي، ومن خلال كل هذا نصل إلى تحقيق العدل التربوي الذي يهدف إلى جعل كل المتعلمين –دون تفضيل بينهم- يتقدمون في دراستهم واكتساب المعرفة .
إن جودة التعليم والتربية التي يفترض تحقيقها تنبني على رؤية إصلاحية تضع في حسبانها متطلبات المتعلم وحاجياته من خلال إشراكه في إنتاج المعرفة وإكسابه الوسائل الكفيلة بالتعلم الذاتي من أجل المشاركة الفعالة في مسلسل البناء التربوي وتنمية الشخصية المغربية المستقبلية. وهذا سيكون قاطرة لتحقيق التنمية البشرية المستدامة والتي تهدف إلى بناء المجتمع على كل الأصعدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.