بعد القصة التي رويتها في العدد السابق و التي كانت سببا لأتعرف على إحدى الخروقات التي تعرفها بلادنا و هي التلاعب بالقانون و أرواح الناس من طرف ما يسمى بملائكة الرحمة فعندما وجدت الطبيب الذي يعمل عادة في المستشفى و له عقد مع الدولة معنى هذا أنه موظف و ليس له الحق للمزاولة في القطاع الخاص بدون ترخيص، و إن هو قام بهذا العمل يجب أن يعاقب حسب القانون المغربي، وجدته في إحدى المصحات الخصوصية يعمل بكل حريته و يتقاضى الدراهم بدون حياء كما يعمل العديد من رفاقه من الأطباء التابعين لوزارة الصحة. ربما في بلادنا لا يوجد فرق بين القطاع الخاص و القطاع العام هذا ما ظننته، إلا أنني بعدما سألت أحد الأصدقاء المختص في القانون أدركت لماذا المستشفيات فارغة من الأطباء لأن جلهم يعملون في المصحات و العيادات السرية، و يتركون المستشفيات غاصة بالمرضى الفقراء و الذين لا يستطيعون التنقل الى المصحات الخاصة رغم سمسرتهم من طرف " فاعلين الخير" في المستشفى. و على سبيل النكتة كنت جالسا مع الصديق الذي ذكرته من قبل و هو يشرح لي ما يجري في بلادنا من تجاوزات في هذا الميدان بدون رقابة لا من هيئة الأطباء و لا من مندوبية وزارة الصحة و لا من ..الخ. قلت كنا جالسين في مقهى و إذا به يعطيني مثالا حيا قال: أنظر إلى هذا السيد هو طبيب مختص في أمراض النساء و الحوامل و هو يعمل يوميا في تلك العيادة بدون رخصة و لا مراقب وهذا مثال حي للمزاولة الغير الشرعية للطب في بلادنا. بعد ذلك زاد فضولي في هذا الموضوع و بدأت أبحث عن أحد يعمل في القطاع و كان لي ما أردت فالتقيت بطبيب يعمل في القطاع الخاص الذي لم يتردد في مناقشة الموضوع معي لأن المشكل يعرفه الخاص و العام حسب قوله، لكنه لم يريد الكشف عن اسمه لأسباب خاصة، فطرحت عليه بعض الأسئلة فكانت الأجوبة كالتالي: س: من هو طبيب القطاع العام ج: هو إطار يعمل كموظف يتمتع بجميع حقوق الوظيفة العمومية بما في ذلك العطل و الضمان الاجتماعي و التقاعد الخ... و يتقاضى أجر مهم بالنسبة للموظفين التابعين لقطاعات أخرى و عليه فإنه ملزم بالعمل في المستشفى و في المراكز الصحية و لا يصح له أن يتقاضى و لو درهما واحدا خارج أجرته الشهرية. س: و من هو طبيب القطاع الخاص ج: هو إطار يعمل في عيادة خاصة و يطبق عليه قانون المهن الليبرالية معناه أنه ملزم بتأدية جميع الضرائب و يتحمل جميع المسؤوليات القانونية، و ليست له تغطية صحية و لا تقاعد كإخوانه في البلدان الأخرى. س: ما موقف نقابة أطباء القطاع الحر. ج: النقابة محليا و وطنيا عملت المستحيل حتى أنها تتوفر على ملفات مضبوطة من طرف الأعوان القضائيين و الذين ضبطوا العديد من الأطباء القطاع العام وهم يقومون بهذا العمل اللاقانوني و بما فيهم مسؤولون على أحزاب لها شعبية كبيرة و تسمى بالأحزاب الإسلامية. س: و لكن ما موقف المسؤولون؟ ج:المسؤلون يختبئون كالنعامة و نتيجة ذلك هجرة الأطباء إلى كندا، و فرنسا واسبانيا وأخيرا الهجرة القريبة إلى المدينة السليبة سبتة و مع الأسف الشديد هذا الصنف الأخير مازالوا يتوفرون على عيادات مفتوحة في تطوان و بالتالي يتركونها لرفقائهم في طب القطاع العام للعمل بها و بالتالي يزيدون في الطين بلة أو كما يقول المثل الشعبي "الشفار باش ما باع رابح" و هذا هو الطب في بلادنا.