شرعت غرفة الجنايات المختصة في قضايا "الارهاب"-الدرجة الثانية- في أولى جلسات محاكمة المتهمين في ملف المفكر الاسلامي محمد المرواني ومن معه ،ضمن مابات يعرف اعلاميا "بخلية بليرج" يوم الاثنين 26أكتوبر 2009 ،وكانت الأحكام الابتدائية في هذا الملف قد تراوحت مابين السجن المؤبد وسنة واحدة موقوفة التنفيذ ،نال منها الرجال الستة أحكاما وصفت في تقارير أولية لجمعيات حقوقية مغربية بالجائرة والقاسية. وفي انتظار صدور تقارير حقوقية نهائية حول هذا الملف الغامض ،فقد صدر من باريس يوم 9شتنبر 2009 عن اللجنة العربية لحقوق الانسان تقريرا تحت عنوان مراقبة قضائية في محاكمة المعتقلين السياسين الستة بالمغرب من تحرير الدكتورة فيوليت داغير رئيسة اللجنة،صدر التقرير أسابيع قليلة فقط من توزيع الأحكام الابتدائية على المتهمين 35في أغرب ملف على الاطلاق تعرفه الساحة السياسية المغربية وأول ملاحظة مثيرة في هذا التقرير الذي يتكون من 15 صفحة هي استعماله لكلمات ومفردات قاسية جدا توضح مدى التعاطف الكبير الذي حظي به محمد المرواني ومن معه في هذا التقربر المفصل والدقيق وجهت رئيسة اللجنة العربية لحقوق الانسان انتقادات شديدة اللهجة الى الجهاز القضائي المغربي ،واعتبرته بأنه"لا يتمتع بالمصداقية وامكانية الحكم بالعدل والنزاهة ،لا سيما عندما يزج في قضايا سياسية عليه مباركتها بغطاء محاكمت بقية صورية ولم ترق للمستوى المطلوب وأورد التقرير جملة متداولة بقوة في المغرب "المحامون يقولون ما يريدون والقاضي يحكم بما يطلب منه" وهي عبارة تعبر الى حد بعيد عن الاختلالات البنيوية التي يعاني منها القضاء المغربي سواء على المستوى المؤسستي ،أو على المستوى السياسي من خلال التدخلات الدائمة والمستمرة لصناع القرار في عمل الجهاز القضائي ،واستعماله كغطاء للتصفية السياسية. وأعاد التقرير سرد جملة من الخروقات المرتكبة في هذا الملف ،وكانت قد أثارتها هيئة"دفاع المعتقلين السياسين الستة" وأشارت اليها الجمعيات الحقوقية المغربية في تقاريرها الأولية وقف التقرير ابتداء عند الخرجات الاعلامية لمسؤولين في الحكومة المغربية وخصوصا تصريحات وزير الداخلية وزميله في الاتصال،واعتبرها التقرير على أنها تدخل في اطار"حملة لتسييس المحاكمة وتغول السياسي على القضائي ،بل ومحاولة توجيه مسار المحاكمة"وصولا الى رفض طلبات السراح المؤقت رغم توفر الرجال الستة على ما يكفي من الضمانات لمتابعتهم في حالة سراح ،وازالة الحاجز الزجاجي ،هذا فضلا عن حرمان المتهمين لقاء محاميهم قبل وبعد نهاية هل جلسة،وعدم عرض المحجوزات ،وكذا عدم استدعاء الشهود مع الاشارة الى أن رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان عبر في أكثر من مناسبة عن استعداده لتقديم شهادته في هذا الملف ،والتي سبق أن قدمها خلال" برنامج حوار" على القناة المغربية الأولى يوم 20 فبراير2009. وتساءل التقرير عما اذا كانت هذه المحاكمة التي حاولت السلطات تضخيمها عن طريق اقحام مجموعة من التنظيمات المسلحة ، موضوعيا لا يمكن جمعها في سلة واحدة ،كتنظيم القاعدة السني وحزب الله الشيعي ، تندرج في اطار استراتيجية جديدة ممنهجة للترهيب والتخويف عن طريق وسائل مبتكرة لتنحية القوى الممانعة ،عبر تهم يقول التقرير "جاهزة عابثة ومغطاة بأحكام يصدرها قضاة التعليمات". وتساءل التقرير أيضا عن سبب متابعة عبدالقادر بليرج في بلجيكا ،يأتي الجواب على لسان الدكتورة رئيسة اللجنة العربية لحقوق الانسان "بكل بساطة لم يرتكب ما أتهم به،مع ذالك حكم بالمؤبد في محكمة مغربية افتقرت لكل مقومات النزاهة والمصداقية". وسخرت الدكتورة فيوليت داغر من الصورة التي تحاول السلطات أن تروجها عن المغرب،من كونه بلد له قابلية التحول الديمقراطي بعد طيه صفحة الماضي ،وقالت في هذا الصدد"وذالك في بلد يراد له أن يعطي المثل في امكانية التخول الديمقراطي ودولة الحق والقانون بعد خروجه من سنوات الرصاص وسجن تازمامارت ،والى ما هنالك مما بقي من علامات فارقة في جبين هذه الدولة". اليوم ومع انطلاق جلسات المحاكمة -الدرجة الثانية- نهاية شهر أكتوبر الجاري ،تتاح فرصة ذهبية بل تاريخية أمام القضاء المغربي ،لتصحيح التجاوزات المرتكبة منذ اعتقال هؤلاء القادة في 18 فبراير 2008 وحتى توزيع الأحكام ،ورد الاعتبار لهم ولذويهم وللتنظيمات التي ينتمون اليها . قبل صدور التقارير النهائية للمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية ،والتي قد تزيد بلا شك من تشويه صورة المغرب ،بعد سلسلة من التقارير الدولية التي وضعت بلدنا المغرب في مراتب كان من الممكن أن تكون أفضل فقط لو توفرت القليل من الارادة. [align=left][email protected][/align]