رغم أن تطبيق الفكرة قد يبدو غريباً أو مستحدثاً لكثيرين من الناحية العملية، إلا أن التقنيات التي تدأب كبريات الشركات المتخصصة في الأمور التكنولوجية والمعلوماتية على تقديمها للمستخدمين بشكل متواصل، ربما تساعد على إذابة شتى الفواصل التي قد تُشكل حاجزاً بين حدود العقل وآفاق المستقبل.وهذا هو ما ينطبق بالفعل على الخدمة التقنية المبتكرة التي أعلنت عملاقة محركات البحث الأميركية "غوغل" عن تدشينها مؤخراً، وهي الخاصة بخدمة خرائط غوغل إيرث الاستثنائية التي يمكنها إظهار صورة مفصلة للتكلفة البشرية التي تم إهدارها في الحرب على الإرهاب. فقد أشارت الشركة إلى أن تلك الخدمة الجديدة عبارة عن شبكة متلألئة من النقاط الذهبية ( صفراء اللون ) التي تستخدم في صورة خيالات بشرية نحيفة – للإشارة إلى الجنود الذين لقوا حتفهم خلال مشاركتهم في حربي العراق وأفغانستان منذ بدايتهما وإلى الآن. وذكرت تقارير صحافية بريطانية أن المشروع التقني الجديد الذي يُعرف ب " خريطة قتلى الحرب" يُساعد في إظهار أماكن وتوقيتات وكذلك الطريقة التي توفي بها كل جندي بريطاني أو أميركي أو أي من الذين ينتمون لقوات التحالف منذ بداية الحرب في أفغانستان يوم السابع من أكتوبر عام 2001 وحتى الآن. وقالت صحيفة "الدايلي ميل" أن أحد مهندسي غوغل إيرث هو من قام بتصميم تلك الخدمة في أثناء وقت فراغه، وأشارت إلى أن الخريطة ترسم خط في جميع أنحاء العالم يمكنه أن يربط ما بين مسقط رأس كل جندي وبين تلك الأماكن التي لقوا فيها حتفهم أثناء خدمة بلادهم. وأوضحت الصحيفة أن بإمكان الزائرين مشاهدة الصور الشخصية لهؤلاء الجنود، ومعرفة الطريقة التي لقوا حتفهم من خلالها، والقيام في الوقت ذاته بتقديم مواساتهم عبر سجل خاص بالزوار عن طريق استخدام الإصدار الخامس من غوغل إيرث، الذي يمكن تحميله بصورة مجانية. وقد أشارت الصحيفة أيضاً إلى أنه ومن خلال استخدام خاصة التقريب أو ال "Zooming" على مسقط رأس أحد الجنود بصورة محددة، فإنه يمكن الكشف عن أشكال صفراء اللون، تمثل الجنود، ويمكن أن توضع بين مجموعة من النقاط المثيرة المتعارف عليها. ومن خلال تمرير الفأرة فوق الأرقام تنطلق نافذة في صورة مربع تحتوي على اسم وعمر الجندي الذي لقي حتفه. وتقدم الخرائط الجديدة أيضاً روابط خاصة بالوفيات والمواقع التذكارية التي تحتوي على رسائل من الأصدقاء والأقارب. وكشفت الصحيفة عن أن صاحب هذا الاختراع الجديد الذي يدعى سين أسكاي قد قام باستقاء البيانات والمعلومات الخاصة بالمشروع بداية ً من أول حالة وفاة تم تسجيلها عند بدء الحرب في أفغانستان يوم العاشر من أكتوبر عام 2001، أي بعد بدء الحرب بثلاثة أيام فقط، وحتى شهر مارس الماضي. وإلى الآن، تم تسجيل 161 حالة وفاة بين الجنود والمجندات البريطانيين في أفغانستان، بينما تم تسجيل 179 حالة وفاة في العراق منذ مارس عام 2003. كما استعان أسكاي ببعض المصادر الأخرى لتعزيز معلوماته، وقد كان من بينها موقع icasualties.org وكذلك شعبة تحليل المعلومات الإحصائية بوزارة الدفاع الأميركية. وقال أسكاي عبر مدونته :" من الضروري أن نتذكر أن هناك قصة بطولية ثرية لكل مجند ومجندة من الذين زُهقت أرواحهم في خدمة بلادهم. وقد قمت بتصميم خريطة لغوغل إيرث سوف تربطكم بجميع حكاياتهم البطولية – وستتمكنون من مشاهدة صورهم، والتعرف بشكل أكبر على الطريقة التي توفوا من خلالها، وسيمكنكم أيضاً زيارة المواقع الإلكترونية التذكارية التي تحتوي على تعليقات من الأصدقاء والأقارب، والتعرف أيضاً على الأماكن التي ولدوا بها وكذلك تلك الأماكن التي لقوا حتفهم فيها". ووفقا لما ذكره موقع www.inquisitr.com الأميركي، فإن أسكاي قد تعرف من خلال مشروعه الجديد على باقي الأشخاص الذين ضحوا بحياتهم في سبيل القضية. وتابع قائلا ً :" لقد تكبد الشعبين الأفغاني والعراقي خسائر مدنية كبيرة خلال هذه الحروب؛ كما حدثت خسائر مدنية أخرى بين القوات الأميركية وقوات التحالف وبين شركات المقاولات الأمنية والمراسلين الذين لاقوا حتفهم أيضا ً".