آخرها التنكيل بضحايا الفياضانات التي ضربت عددا من مناطق المغرب وقبلها قمع الانتفاضات الشعبية في كل من صفرو وسيدي إيفني، ثم التنكيل بالطلبة المتضامنين مع ضحايا القصف الصهيوني بغزة وإزهاق روح الطالب عبد الرزاق الكاديري بمراكش. المسؤولون في هذه البلاد البئيسة يريدون منا أن نكون مواطنين خاضعين مسالمين لا نهش ولا ننش, أن نقبل يد الجلاد بدل أن ندفعها عنا, وإذا تلقينا صفعة على الخد الأيمن قلبنا الخد الأيسر ليتلقى الصفع هو الآخر, أن نردد دائما أن "العام زين" ... "المخزن" يحتقر الشعب وينظر إلى المظاهرات الاحتجاجية التي تحدث اليوم وكأنها ثورات قبائل القرون الماضية, لذلك يكون الجواب بإرسال "حركات " تخمد الغضب المحتقن في النفوس .. وما أشبه البارحة باليوم ...ثورات القبائل والزوايا كانت تخمد من طرف "الكيش" وجيش الاوداية وجيش "عبيد البخاري" وانتفاصات اليوم يخمدها "عبيد العنيكري " و "عبيد الشرقي الضريس" ...مع الاعتذار لهذه الفئة من خدام المخزن فهم أبناء الشعب على كل حال... مع فرق جوهري بين ثورات الأمس ومظاهرات اليوم يتعين في كون من يخرج غاضبا محتجا أمام البرلمان أو أي فضاء آخر في يومنا هذا لا يجادل في مشروعية النظام أو ينفذ انقلابا عليه, بينما كانت تحمل بعض ثورات الزوايا والقبائل في الماضي هذا البعد ... وهذا ما لا يخفى عن المخزن .. مع كل مظاهرة تتعرض للقمع تتهاوى شعارات العهد الجديد وحقوق لإنسان والإنصاف والمصالحة... لا وجود للديمقراطية مع وجود "المخزن"، أولا، كعقلية تحكم تعامل الحاكمين مع من يعتبرونهم "رعايا"، وثانيا كجهاز وممارسة...فحيث يوجد ال"المخزن" توجد السلطوية والاستبداد واللاديمقراطية والقمع وغياب الحرية. فرغم البهارات التحديثية التي يحاول النظام أن يصبغ بها هياكله بإرساء ما يسمى دولة المؤسسات في شكلها الحديث، إلا أن الفاعل الحقيقي يبقى هو عقلية "المخزن" وأساليبه بجوهرها الموروث عن القرون الغابرة وبقوتها المستمدة من الحقبة الاستعمارية، لذلك لا عجب أن يتعامل مع تعبيراتنا الاحتجاجية بهذا النفس القمعي الرهيب،كيفما كانت طبيعة مطالب الشعب وحدودها... بهذا المنطق يصبح المغرب سجن كبير تنتهك فيه حقوق الشعب وتنهب أمواله وتقطف أحلامه في الظلام الواحدة تلو الأخرى, دون أن يكون له حق التألم والتأفف والصراخ في وجه الجلادين...فيصير الشعب بين مطرقة القمع " المخزني" وسندان الواقع الملتهب بالمشاكل... بقلم: فتح الله الحمداني