كلما ألمت بنا كارثة - كتلك التي تعرضت لها مؤخرا العديد من مدننا - أو اعترتنا ظروف حرجة ، وضاقت سبل النجاة بنا إلا ولجأنا إلى لوم المسؤولين على اختلاف أنواعهم وتفاوت مراتبهم ، وانهلنا عليهم جميعهم بالعتب ، إن لم يكن بالشتم والسب والتجريح ، دون أن نفكر ولو مرة في أن نتساءل حقيقة وبكل مسؤولية عن دورنا كفاعلين اجتماعيين خاصة في مثل هذه الظروف الحرجة ، أو أن نفكر في إلقاء اللوم على تقصيرنا في القيام بالواجب الذي يفرضه علينا الدين الذي نتبجح بتطبيق تعاليمه ، وتحتمه علينا قيم الإنسانية التي ندعي التشبع بأخلاقها ، وتلزمنا به الوطنية التي "نتفشخر" بالاتصاف بها أكثر من غيرنا ، والتطوع الذي لا تفتر ألسنتنا عن ترديده ، والذي مع الأسف تراجعت قيمه واضمحل مفهومه في مجتمعها .. أنها حقائق مروعة نفر منها ونتحاشاها لما تشكله من فضح لحقيقتنا أمام انفسنا وقدام غيرنا ، كما في مقولة نتشه : "أحيانا لا يرغب الناس في سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون أن تتحطم أوهامهم"... وأنا هنا لا امارس دور المحامي -كما يمكن ان يتخيل البعض – ولا ادافع عن أي مسؤول من المنتفعين والمنتخبين من أصحاب المصالح ، الذين تخلوا عن القيام بواجباتهم نحو المواطن ، إهمالا أو كسلا أو تراخيا أو تواطؤ ، والذين تجب محاسبتهم على الواقع المساواة الذي يعيشه المواطن في ظل السياسة العمومية بمختلف تدخلاتها القطاعية المفتقر للتطوعية والحس الوطني. بل امارس دوري ككل مواطن يؤمن بالمقولة الشهيرة " الساكت عن الحق شيطان اخرس .. والحق هنا ، أنه ليس من المنطقي أو المقبول أن نكتفي بتذنيبِ هؤلاء المسؤولين ، ونهاجمهم هجوما هستيريا -كالذي أصبح ملاحظا هذه الايام على صفحات أكثرية مواقع التواصل الاجتماعي - والذين ليسوا وحدَهم مسؤولينَ عن هذا الوضع السيئ المُتفشّي بغزارةٍ دونَ ردعٍ ، وننسى محاسبة أنفسنا على المشاركة غير المباشرة في تحفيز وتنشيط استمرار المسؤولين في تهاونهم ولامبالاتهم ، وذلك بوقوفنا بعيدا في علياء مواقعنا نراقب من فوق ، دون أن نمتزج بالجماهير ومشاكلها وهمومها ، حتى نتمكن من حسن تقييم طرح الحلول والمساهمة فيها ..