قبل أن يتخذ أي أحد منا قرارا بالتصويت بنعم أو لا على مشروع الدستور الجديد, يجب عليه قراءته قراءة متأنية وموضوعية لكل نصوصه و مقارنتها ليس بنظيراتها بالعالم العربي فحسب بل بالدساتير الأوربية والدول الجد متقدمة ديمقراطيا , فسوف يلاحظ أن هذا المشروع له خصائص و مميزات أهمها : 1 – دستور من الجيل الجديد دستور يتميز عن باقي الدساتير المغربية السابقة باستعماله لغة بسيطة في متناول قارئه و خضوعه لشكل و تقسيم يتوافق مع المجالات و الميادين التي سيطبق فيها. 2 – دستور مغربي "المقاربة التشاركية الاستشارية": لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي ثم تكوين لجنة استشارية يعهد إليها بفتح قنوات للاستشارة مع الهيئات السياسية و النقابية و هيئات المجتمع المدني من أجل صياغة عقد اجتماعي جديد توافقي. كما ثم تحرير نص الدستور الجديد من طرف فقهاء قانونيين مغاربة مشهود لهم بالكفاءة و التمرس. 3 – تكريس ثوابت الهوية المغربية العربية الأمازيغية الغنية بتعدد روافدها: لا يخفى على أحد أن الهوية المغربية أساسها الإسلام و أنها أخذت من الهويات و الثقافات الأخرى ما جعلها هوية تتميز بالتعدد اللغوي والثقافي و غنا الروافد في إطار وحدة وطنية. 4 – ميثاق حقيقي لواجبات وحقوق المواطنة والحريات السياسية و النقابية: أقر الدستور مبدأ المحاسبة و المسائلة لمن هم في موقع المسؤولية درءا للتسيب و إهدار المال كما خول للمواطن الحق في الانتماء السياسي و النقابي وتأسيس جمعيات مجتمع مدني. 5 – تعزيز المساواة "بين المرأة والرجل – الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة..." ذهب الدستور الجديد أبعد من فكرة مقاربة النوع و المساواة بين الرجل و المرأة إذ أنه أعطى عناية خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة كما أعطى أهمية لجاليتنا المقيمة بالخارج كما أعطى حقوقا سياسية للأجانب المقيمين بالمغرب. 6 – سيادة الأمة: التأكيد على أن السيادة حصريا للأمة تمارسها مباشرة عبر الاقتراع و الاستفتاءات، و بصفة غير مباشرة عبر ممثليها. 7 – الفصل بين السلط في إطار نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية اجتماعية : استقلال حقيقي و مسؤول للسلط الثلاثة التشريعية, التنفيذية و القضائية. 8 – الارتقاء بالقضاء الىسلطة مستقلة في خدمة حماية الحقوق والحرص على احترام القوانين : لأول مرة يتم التنصيص صراحة و ذلك في الفصل 107 عن أن السلطة القضائية مستقلة عن التشريعية والتنفيذية مع جعل ملك البلاد هو الضامن لاستقلال القضاء. 9 – ترسيخ الدور المركزي للأحزاب السياسية والمجتمع المدني كفاعلين في مجال الديمقراطية المواطنة والتشاركية : تفعيل الدور المركزي للأحزاب السياسية في ترسيخ الديمقراطية وضمان ممارستها للسلطة على اساس التعددية والتناوب الديمقراطي، علاوة على إضفاء طابع المرونة على آليات المراقبة البرلمانية وتأكيد دور النقابات باعتبارها فاعلا في مجال الديمقراطية الاجتماعية والاعتراف بمكانة ودور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وضمان حرية الإعلام. 10 – الديمقراطية المحلية والجهوية المتقدمة: جاء الدستور الجديد بمجموعة من النصوص تؤسس لنضام غير مركزي مبني على جهوية موسعة يشارك فيها الموطنين في التسيير الذاتي لشؤونهم المحلية عبر الاختيار المباشر لأعضاء مجالس الجهة من أجل انبثاق مجالس ديمقراطية ذات تمثيلية شعبية، تتوفر على الصلاحيات والموارد اللازمة لرفع تحدي التنمية الجهوية المندمجة. لهذه الأسباب و غيرها نقول نعم لهذا الدستور و ندعو هيئات المجتمع المدني إلى الانكباب على دراسة فصوله واستخلاص ما يوفره من حقوق وواجبات للمواطنين و الدولة على السواء.