تعرض شبان مدينة طنجة مساء و ليلة العشرين من فبراير لجرائم مروعة من طرف قوات القمع بمختلف تلاوينها ، لقد فضحت الفيديوهات على اليوتوب كيف أن حافلات الشرطة كانت تحاول عمدا دهس الأطفال و المتظاهرين ،و ابتدأت حملة الاعتقالات العشوائية لمن كان يحتج و من كان يخرب و من كان يتفرج أو يلتقط صورا و فيديوهات للأحداث ، بل إن الاعتقال طال البعض بعيدا عن الأماكن التي عرفت أحداث التخريب و آخرون كانوا يتجولون بدراجاتهم النارية بالإضافة إلى خمسة من مناضلي جمعية أطاك تم اعتراض سبيلهم و هم في سيارة ، أضيفوا إلى أزيد من مائتي معتقل ... و بمجرد الدخول إلى حافلات السطافيت يبدأ الضرب بالهراوات و الصفع و الركل في الرأس و الوجه و الأرجل والأيادي و مختلف أنحاء الجسد ... و لا تنتهي وجبة السطافيت إلا بالوصول إلى مقر الكوميسارية حيث يجد المعتقلون في استقبالهم عشرات الجلادين في بهو الكوميسارية ،يرتمون جميعا على المعتقلين بضرب و اعتداء جنونيين ، لا يميزون بين كبير و صغير ، بين راشد و قاصر ، فهم جميعا سواء من حيث الجروح في الوجه و الرأس و الكدمات في مختلف أنحاء الجسد ، ليرموا الجميع متكومين في قبو الكوميسارية ، فيختلط أنين الجرحى بدموع الأطفال ، توحدهم نظرات الخوف و الرعب من القادم و تعتمر أنفاسهم بالكره و الحقد و البغض للمكان و للقائمين عليه . يسألون بعضهم بعضا ، ماذا بعد الآن ؟ غادي يطلقونا ؟ موحال . غادي يغبرونا هاد ولاد القحاب !؟ فحال والو . لتتوالى قصص اعتقالهم و تعذيبهم المفجعة في الشارع و السطافيت و بهو الكوميسارية ، و ما سبق اعتقالهم .. خرجوني من وسط عمارة كنت كنتفرج منها... وأنا جابوني من عين قطيوط معارفشي حتى شني واقع .. أنا خرجت نضرب دورا بالموطور و هوما يدورو بيا .. أنا بعت كلينكس فكسباراطا و هبطت نتفرج و هوما يشبروني .. أنا حوات عاد طالع من المرصى و هوما يوقفو عليا بالدق و التزبال و جابوني ....إلخ .. بعضهم من خارج مدينة طنجة كان يتربص الفرصة للاختباء في إحدى الحافلات المتجهة لأوروبا من أجل الهجرة .. يخترق الأصوات بكاء طفل و هو يقول .. إذا مشيت للدار مور الحداش غادي يجريو عليا ، يزيد في البكاء مستعطفا لكن بدون جدوى . بين الفينة و الأخرى تفتح الباب ، تتطلع الأعين نحوها راغبة في إفراج يحررها من هذا الكابوس .. مجموعة جديدة من المعتقلين ، زيد ن ***** مك ، اليوما ******** أمكم ، ترتفع العصا و تهوي بشكل عشوائي ، رأس هذا و ظهرذاك . في لحظة ساد الصمت دوى صوت أحد المعتقلين ، بغيت الطبيب ، نمشي للطبي ، أناكنموت ، عيني كتحرقني ، خرجولي عيني ، كنوقف بالدراع ... و لا مجيب . يواصل مافيكمش الرأفة قلبكم ما فيهش الحنان ، لا مجيب . يضيف أولاد **** أنا كنربح كتار من وكيل الملك ألف درهم ف النهار ، ماعندي علاقة لا باحتجاج و لا تخريب .. لتعلو الإبتسامة شفاه أغلب المعتقلين رغم ما هم فيه من محنة . شيئا فشيئا بدأ الحديث عن الإفراج ، كلما دخل مسؤول تجمعوا حوله يستعطفون ،و يعد كل من لم يشارك في الاحتجاج بالإفراج . يستعدون و يعدون الدقائق و الثواني للإفلات من هذه الورطة لكن هيهات .. إنهم يعدونهم للوجبة الكبرى . بعد عودة عناصر القمع من السيمي و المرود إلى الكوميسارية ، استدعوهم جميعا و في الممر الطويل قسموهم إلى صفين وجوههم ملاصقة للحائط ، جاثمين على ركبهم و أياديهم نحو الأعلى . و يمر بين الصفين جلادون لا ملامح إنسانية في وجوههم و سلوكاتهم يهوون بالعصي على الظهور و بالركل على الأرجل و الصفع على الوجوه و الرؤوس .. تختلط الأصوات في مزيج يوحي بالرهبة و التقزز ، أنين المعذبين صرخات المتألمين .. قهقهات و صرخات النشوة من طرف الجلادين الساديين ، و بين الفينة و الأخرى يختارون أحد المعتقلين ، ينزلون به الدرج المؤدي للقبو ، 5 أو 6 أنفار كل منهم يطرح سؤالا مختلفا عن الآخر ،و كلهم يشرعون في اللكم و الصفع قبل نهاية السؤال .. لم يحدثوهم عن التخريب ، السرقة ، النهب ... بل كان توجيههم موحدا : عاود ن ***** أمك تمشي للمظاهرات .. هاد المرة ملي تسمع كاين الإحتجاج ابرك ن**** أمك ف داركم . في الطابق الثاني أزيد من 30 طفلا قاصرا جالسين القرفصاء ، أياديهم تقشعر و عيونهم تجمع بين الخوف والدهشة و القلق ينتظرون القادم من الساعات و ما ستأتي به ،و الصرخات المنبعثة من الطابق السفلي تزيدهم رعبا و ترهيبا . في نفس الوقت ، كانت كوميسارية العوامة تضم 9 شباب معتقلين بعضهم يقطن بجوارها كان يبحث عن محل بقالة يبتاع منه أسبرين لأمه التي لم يتركها ألم الرأس تغفو و لو لدقائق .. عندما كانت هذه إجابته عن سؤال الشرطي الذي استوقفه أمام الكوميسارية ، أمسكه بعنف قائلا : بالأمس خربت الكوميسارية و اليوم تبحث عن الأسبرين ، زيد نوري ن ***** أمك الأسبرين كي داير .. آخر اعتقل و هو جالس بحديقة مجاورة لبيته و آخرون .. أطلق سراحهم جميعا على الساعة الثالثة ليلا بعد أن أشبعهم جلادو الكوميسارية ضربا مبرحا ، مددوهم على الأرض و شرعوا في القفز على أجسادهم بأقدامهم الثقيلة العفنة ، منهم من لم يبلغ بعد سن السادسة عشرة .. أغمي على أحدهم فتجمعوا حوله يركلون كل أعضاء جسده : نوض ن *** أمك كتمتل علينا ، وخا تموت يا ***** أمك زايد ناقص . سرقوا هواتفهم النقالة و طردوهم بالركل و الرفس و الكلام النابي .. الإثنين 22 فبراير ، تم الاحتفاظ ب 17 معتقلا تمت إحالتهم على النيابة العامة ، فيما تم إطلاق سراح الباقي و ضمنهم القاصرون بعد التزام أولياء أمورهم بعدم عودتهم للمشاركة في الاحتجاجات، و أعلنت إحدى الصحف الوطنية عن امتناع محامين عن مؤازرتهم بسبب تورطهم في أعمال تخريب ! ! المحامون المدافعون عن تجار المخدرات و سماسرة العقار و سماسرة التهجير السري ، الذين لا يحركون ساكنا أمام ناهبي المال العام والشركات الكبرى التي تفوت لها أراضي البسطاء بعد طردهم منها بأثمنة رمزية و قتلة المواطنين في المخافر ورؤوس الفساد ... أصبح لهم موقف من التخريب و النهب !! في بلد خربت قطاعاته الاجتماعية كلها و نهبت ثروات و خيرات شعبه عن آخرها . يا للعار ! و قبل نهاية أسبوع عن الأحداث صدرت أحكام بأربعين سنة سجنا وزعت بين أربع متابعين فقط دون تسجيل ولو استغراب أمام الحكم و سرعة إصداره من أي جهة! بعضهم برره بالطابع الزجري للآخرين . ماذا عن التعذيب الذي شمل المدانين و المفرج عنهم ؟ ماذا عن الجلادين الذين أشرفوا عليه و باشروه ؟ ماذا عن الإصابات و الجروح و الكدمات التي شملت كل أنحاء أجساد الشباب المعتقلين ؟ ماذا عن الترهيب النفسي الذي تعرضوا له و خصوصا القصر منهم ؟ السادة الحقوقيون الذين استفاقوا من نومهم و هرولوا إلى مقر الكوميسارية بعد منتصف الليل يوم اعتقال عناصر من " جماعة العدل و الإحسان " الإسلامية السنة الماضية ، و نددوا و شجبوا و أصدروا البيانات و التصريحات . ألا يعنيهم ما يحدث ؟ !! لماذا أقفلوا هواتفهم بعد علمهم بالمعطيات السالفة الذكر و فضلوا ولوج أفرشتهم بدل الحضور إلى الكوميسارية و تسجيل موقفهم ورصد الخروقات حسب منطقهم؟ هل عناصر جماعة العدل و الإحسان هم الإنسان المعني بالحقوق و هؤلاء من شباب المدينة حشرات لا يلتفتون لدوسهم من طرف الأقدام العفنة لرجالات القمع الساديين؟ أم أن المكاسب السياسية هناك لا وجود لها هنا؟ لماذا البحث عمن عنف في المدن البعيدة للتضامن و التنديد و الصمت المخزي عما يحصل ها هنا ؟ ألا يفترض القانون الذي وضعته الدولة و أجهزتها براءة كل المعتقلين حتى يثبت القضاء إدانتهم؟ و إن أدينوا ألم يضع نفس القانون عقوبات واضحة للجرائم المرتكبة ؟ في أي خانة يدخل مهرجان التعذيب و الترهيب الذي يقام في الكوميساريات لشباب المدينة إذن؟ من يقول كلمة حق إلى جانب هؤلاء الشباب ؟ لماذا يتوقف الجميع عند إدانة التخريب فقط و التبرء منه ثم يعطي ظهره لمأساة شباب المدينة ؟ لكم الله يا شباب مدينة طنجة ، لا بل لكم سواعدكم البانية و إرادتكم التغييرية ، لكم تطلعكم نحو الحرية و التقدم ، لكم الصمود و الإصرار على الاحتجاج ضد التخريب ، ضد تخريب قطاع الصحة العمومية و تخريب التعليم والمدرسة العمومية و تخريب كل الخدمات العمومية .. لكم الصمود و الإصرار على الاحتجاج ضد النهب ، نهب الثروة السمكية و الفوسفاط و الخيرات الفلاحية و المنجمية من طرف الطغمة البرجوازية ، ضد نهب جيوب الكادحين من طرف شركات الإستعمار الجديد ضد أمانديس و أوطاسا . هذا طريقكم الوحيد ، النضال الواعي و المنظم من أجل الحقوق الإقتصادية و الحريات الديمقراطية و القضاء على الطبقية و الإستغلال و الإستبداد . [email protected]