أغلب المهاجرين المغاربة في إسبانيا لا يردون التحية بين بعضهم البعض، والأحرى أن يتصافحوا. يحدث أن تمر بجانب أحدهم في الشارع أو تجلس إلى جانبه في المقهى أو الحديقة، فلا يحييك ولا يبادلك الكلام. تظهر علامات الحزن على الجميع، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر منها إسبانيا، والتي أثرت بشكل ملحوظ في العلاقات الإنسانية بين المهاجرين عموما، والمغاربة بالخصوص. ويُقدرعدد هؤلاء، حسب إحصاءات حديثة لوزارة الهجرة والتشغيل، بنحو800 ألف مغربي في وضعية قانونية. وتتوقع وسائل الإعلام الإسبانية أن تقوم حكومة مدريد بترحيل قرابة 50 ألف مغربي، بسبب صعوبة وجود عمل يسمح لهم بتجديد وثائق الإقامة. وكانت السلطات في إسبانيا اقترحت على المهاجرين، وضمنهم المغاربة، ما أسمته ب"المغادرة الطوعية" للراغبين في العودة إلى بلدانهم، مقابل الحصول على مبلغ 12 مليون سنتيم، يتوصل المعني بالأمر ب40 في المائة من قيمتها، على أن يتوصل بالباقي عندما تطأ قدماه بلده الأصلي، علما أن الذين يقبلون بهذا الحل يُجبرون على التنازل عن وثائقهم وبطاقات إقامتهم في إسبانيا، ولا يُسمح لهم بالعودة إلى إسبانيا إلا بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ المغادرة. أغلب المغاربة المقيمين في الجهة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط يرفضون "المغادرة الطوعية" بالطريقة التي اقترحتها الحكومة، إذ أظهر استطلاع للرأي، أنجزته جمعية المغاربة المقيمين بإسبانيا، أن ما يفوق 90 في المائة من المهاجرين المغاربة يرفضون الاقتراح المذكور، مبررين موقفهم بعدم وجود ضمانات لعودتهم إلى إسبانيا بعد انفراج الأزمة. وخلال مائدة مستديرة، نظمتها أخيرا جمعية "البوغاز" للمغاربة المقيمين في سرقسطة، حول موضوع "المغادرة الطوعية، بين الرفض والقبول"، قال محمد تامر، رئيس الجمعية المُنظمة وباحث في شؤون الهجرة، إن الاقتراح الاسباني لم يجد صدى بين المهاجرين لأن الذين وضعوه لم يستشيروا الجمعيات المهتمة بشؤون المهاجرين، ولم يأخذوا بعين الاعتبار اقتراحاتهم البديلة، التي عبروا عنها من خلال وسائل الإعلام بجميع أنواعها. وكشف تامر، في اللقاء المذكور، بمناسبة الأسبوع الثقافي المغربي بسرقسطة، عن الصعوبات المادية، التي يعيشها نحو 20 ألف مغربي مُقيم بمنطقة أراغون، موضحا أن 95 في المائة منهم فقدوا شغلهم، ما يعني صعوبة تجديد وثائق إقامتهم، علما أن التوفر على عقد عمل يعتبر واحدا من الشروط الأساسية المطلوبة لتجديد الإقامة في إسبانيا. من جانبه، قال قنصل المملكة المغربية بمدينة ترّاغونا، عبد القادر مصلح، الذي حضر فعاليات الأسبوع الثقافي المغربي بسرقسطة، إن مصالحه لم تُسجل منذ خروج مبادرة "المُغادرة الطوعية" حيز التنفيذ في شتنبر 2008، قبول أي مغربي بمنطقة أراغون بالمقترح الإسباني، في حين أكد أحد المتدخلين، خلال المائدة المستديرة، أن إسبانيا كانت تهدف من وراء هذه المبادرة ترحيل 100 ألف شخص، لكن الواقع أظهر أنه خلال سنة كاملة لم يقبل بمبادرة العودة سوى 5000 مهاجر، أغلبهم من أمريكا اللاتينية، في ما تقدم مغربيان فقط، من أصل 800 ألف يقيمون في إسبانيا، لملء استمارة المغادرة نحو المغرب بطريقة طوعية.