تعيش الجامعات المغربية في السنوات الأخيرة على صفيح ساخن، بسبب موجات العنف التي أصبحت السمة الغالبة في بعض الجامعات الوطنية، في انتهاك صريح وغير مبرر لحرمة الجامعة المغربية، فبعد أن كانت الجامعة مجالا للحوار والتعايش والتسامح والتبادل المعرفي، وإنتاج النخب، أصبحت مرتعا للنزاعات والتصفيات الجسدية، ولعل أبرزها ما وقع أخيرا في مدينة أكادير ومراكش. وفي هذا السياق، يرى علي الشعباني، أستاذ متخصص في علم الاجتماع، أن العنف ظاهرة خطيرة، تدفع الجامعة إلى أمور بعيدة كل البعد عن الغايات والأهداف والوظائف التي كانت تؤديها الجامعة. واعتبر الشعباني، في تصريح ل pjd.ma، أن التنافس والتعددية والاختلاف شيء مشروع في الحياة السياسية والحياة العامة والحياة الثقافية، ولا يمكن العيش على فكر واحد ولا على نمط واحد، مضيفا أن التعددية مشروعة ومقبولة داخل الجامعة، لكن المناهج التي تسلك إلى ذلك مختلفة، فهناك من يسلك المنهج الديموقراطي الذي ينشر العدل أو على الأقل ينصف الآخر ويحترم الآخر، وينصاع إلى الرأي الغالب، لكن هناك من يسلك العكس، يقول الشعباني. وعن المسؤول عن العنف داخل الجامعة المغربية، يوضح الشعباني، أنه من الصعب تحديد من الذي يقف وراء العنف الجامعي، متسائلا، من ينتهج العنف في الجامعة؟، هل هو مدفوع، وأين هي الدولة؟ ولماذا يتم التساهل مع هذه الأمور؟، كلها تساؤلات يؤكد الشعباني، "لا تسائل الطلبة فقط بل تسائل الجهات الأخرى المسؤولة عن الأمن، ودورها في إرجاع الجامعة لتأدية الوظائف الموكولة إليها". وأضاف المتخصص في علم الاجتماع، أن هناك جهات تقف وراء العنف الجامعي، وأن الطلبة الذين يلتجئون إلى العنف لو لم تكن لديهم ضمانات للانفلات من العقاب من الجهات الموجهة، لما التجأوا إلى العنف. وتابع الشعباني، أن "الجامعة منبر للعلم والمعرفة وللترقي الاجتماعي والمعرفي والعلمي، ولا يمكن نهائيا أن تتحول إلى ساحات للغوغاء والفوضى والتقتيل والعنف بين هذه التيارات، ونسكت عليه، والطالب يذهب إلى الجامعة لكي يتعلم ولا لكي يموت أو يصبح معاقا دائما". وبعد أن أكد المتحدث، أن العنف الجامعي، يُسيء للمغرب ويُسيء للقيم التي عرف بها المجتمع المغربي، من سلم، وأمان، واحتضان للجميع، دعا إلى تفعيل القوانين بشكل صارم والتعامل بصرامة وحزم مع مثل هذه الانحرافات، حتى يستثب الأمن في الحرم الجامعي. من جهته، استنكر صلاح الدين عياش، عضو المكتب الوطني لمنظمة التجديد الطلابي، العنف داخل الجامعة، مشيرا إلى أن العنف يعد من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع أدوار الحركة الطلابية. وقال عياش، إن بعض الأطراف الخارجية تستغل العنف من أجل ضرب الجامعة المغربية حتى لا يبقى مجالا للتثاقف والنقاش وإنتاج المعرفة، وتبقى مجالا لتصفية الحسابات وتناطح المشاريع السياسية. وأكد المتحدث في تصريح ل pjd.ma، أنه لا بديل اليوم للجامعة المغربية عن الحوار، ولا يمكن أن تدبر الخلافات داخل الجامعة إلا بالحوار، مشددا على ضرورة تحمل الدولة لكامل مسؤوليتها في الحفاظ على سلامة أرواح المواطنين، بمنطق الدستور والقوانين. وتابع عياش، أن "الثابت في معادلة العنف داخل الجامعة هو فصيل برنامج النهج القاعدي، الذي يجب أن يعلن عصابة إرهابية لأنه دائما هو الثابت في المواجهات دخل الجامعة"، داعيا جميع الفاعلين ومكونات الجامعة، إلى أن يقفوا وقفة واحدة لمحاصرة هذه الظاهرة من وزارة وأساتذة، وطلبة، وإداريين، وكل من له دخل في الشأن التعليمي.