جعل الله الأرض وجهة سياحية يسيح فيها الإنسان ويقوم برحلات وزيارات ثم يرجع من سياحيه إلى خالقه ليحاسبه على عمله في هذه الأرض ومدى التزامه بما جاء في كتب الله واتباع رسله . وأنزل الله سبحانه التوراة على سيدنا موسى والإنجيل على سيدنا عيسى والقرآن ، خير كتبه ، على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك قول الله (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذْكرِ اللَّهِ ) [1]. وفضل الله الرسل بعضهم على بعض وجعل محمد صلى الله عليه وسلم رسولا للناس كافة ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )[2] ، وخاطب الله سبحانه عباده بقوله ( لقد رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)[3]. كان رسول الله صلى عليه وسلم أحسن من دعا إلى الله ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِل بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) [4]. أثنى الله على رسوله وقال ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )[5]، و (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ )[6]. علم الله سبحانه خاتم الأنبياء وأوحى إليه القرآن والحكمة ليبلغ رسالته للناس أجمعين كما جاء ذلك في قوله سبحانه (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)[7]، وأمر المسلمين بأن يطيعوا رسوله ويجعلوا منه أسوة لهم (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[8]. كان صلى الله عليه وسلم المجاهد الأول لتبليغ الدعوة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ )[9]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم المعلم الأول يعلم أتباعه ويحث أمته على الزيادة من العلم والتعلم كما علمه الله الله عز وجل ( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً )[10]. وقال رسول لله " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له به طريقا إلى الجنة" [11]، وقال صلى الله عليه وسلم " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" [12]. وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس خشية لله ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ . وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)[13]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر وأحسن الذاكرين والعابدين[14] كما أراده الله أن يكون ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا َلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا. إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا. إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا. وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا. رَبُّ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا)[15]. وكان صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس معاملة لأهله وجيرانه ويقول " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي "[16] أي لعياله وذوي رحمه ولأزواجه وأقاربه . وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول" مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوَرِّثُهُ "[17].وفي حديث آخر" لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" [18]. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أشرف خلق الله وأنفعهم لعباده واختاره الله سبحانه ليكون الأسوة الحسنة للمسلم في كل شيء . أسفار ورحلات النبي جاء في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة وهو رضيع إلى ديار بني سعد لترضعه السيدة حليمة السعدية وظل هناك فترة الرضاعة. وجاء فيها أيضا أنه عندما بلغ ست سنين سافر مع أمه إلى المدينة لزيارة أخواله ، وتوفيت وهي راجعت به بمكان يدعى الأبواء بين مكةوالمدينة. وسافر النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب في تجارة إلى الشام، وعند مكان يدعى بصرى من أرض الشام رآه الراهب بحيرى وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء، ثم نصح أبا طالب بالرجوع بابن أخيه سريعا إلى مكة وقال له إنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده ، فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام. وتروي كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سار إلى الشام بعد ذلك وخرج في تجارة للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، ثم سيتزوج بها النبي صلى عليه وسلم بفضل ما وهبه الله من حسن خلق وأمانة وصدق. وكان صلى الله عليه وسلم قبل البعثة يزور غار حراء للتعبد والتحنث والبعد عن الأصنام والتفكر في ملكوت السموات والأرض . بعد فترة من نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم ، أمره ربه الجهر بالدعوة ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) [19] ، وكان عليه الصلاة والسلام يحل إلى القبائل ليدعوهم إلى الإسلام ويخبرهم أنه رسول الله إليهم ( وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)[20]. وتروي كتب السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما يصيب أصحابه المؤمنين من البلاء قال لهم لو خرجتم إلى أرض الحبشة، وهذا يعني أن الهجرة خوفا على الدين شيء مطلوب ، فقد اعتزل سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم قومه لما رأى من كفرهم . رحلة الإسراء والمعراج وكانت أعظم رحلات النبي صلى الله عليه وسلم رحلة الإسراء والمعراج في ليلة واحدة. فقد أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هو السميع الْبَصِيرُ )[21]. ورأى صلى الله عليه وسلم خلال هذه الرحلة من آيات الله الكبرى تثبيتا لفؤاده الشريف بعد ما عانى من قومه شدة التعنت والظلم والتكذيب . وجاء في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام وجيء للنبي بالبراق فحمل عليها بين السماء والأرض، حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فصلى بهم جميعا وأمهم. وكما ورد في كتب السيرة، جيء للنبي بالمعراج فصعد هو وجبريل السماوات الأولى إلى السابعة ، وفي كل سماء كان يرى فيها من آيات الله الكبرى : ملائكة كرام ورسل وأنبياء ، رجال ونساء يعذبون ، والجنة وما فيها من نعيم مقيم ، والنار ما فيها من عذاب أليم ، حتى انتهى به المطاف إلى سدرة المنتهى ( وهي شجرةٌ عظيمةٌ وبها من الحُسْنِ ما لا يستطيعُ أحدٌ من خَلْقِ اللهِ أن يَصِفَهُ ) ، فكان صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه قاب قوسين أو أدنى كما جاء في القرآن (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى .مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى .إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى .ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى .ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى .َولقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى . عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى. عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)[22]. خلال هذه الرحلة الكبرى ، شاءت رحمة الله تعالى أن يكرم عبده بهدية أخرى وهي فريضة الصلاة يستطيع العبد من خلالها أن يتصل بربه خمسة مرات في كل يوم يخاطب الله عز وجل مباشرة ويسمع كلامه (القرآن ) من إمام المسجد أو يتلوه إن كان منفردا. رحلة الهجرة كانت له صلى الله عليه وسلم رحلة مهمة هي الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة بعد سنوات طوال من إيذاء مشركي مكة له ولأصحابه ، فقد أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه بالهجرة إلى المدينةالمنورة، فخرجوا أفراداً، وتأخر هو حتى أذن الله له بالهجرة (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [23]. وحث القرآن المسلمين بمكة على الهجرة ( ومَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى الله ، وكان الله غفورا رحيما)[24] وذلك حتى تكون للمسلمين قوة ومناعة بفضل تجمع المهاجرين من مكة والأنصار من أهل المدينة الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم . كانت أكثر رحلات النبي صلى الله عليه بعد ذلك هي لنشر دعوة الإسلام بين قبائل العرب والخروج في لنصر دين الله وكسر شوكة المشركين بعد أن أذن الله تعالى بقتال المشركين المعتدين على المؤمنين وأخذ أموالهم وتعذيبهم والنيل منهم (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، وإن الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)[25]. رحلة العمرة جاء في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج هو وأصحابه إلى مكة خلال السنة السادسة بعد الهجرة لأداء العمرة ليس معهم إلا سلاح السفر ولا يريدون قتال المشركين، ولبسوا ملابس الإحرام ، ولكن مشركو مكة منعوهم من ذلك وانتهى الأمر بصلح الحديبية ، وكان من شروطه أن يرجع المسلمون إلى المدينة ثم يعودوا إلى مكة معتمرين في العام القادم. وبعد سنة سافر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمرا عمرة القضاء وخرج معه أصحابه الذين رافقوه في السنة الماضية. وجاء في بعض كتب التفاسير أن المسلمين نالهم حزن كبير بعدما منعتهم قريش من أداء مناسك العمرة ومن شروط صلح الحديبية ، ثم كان ما كان بعد ذلك من بيعة الرضوان وطاعة الصحابة لرسولهم ورجوعهم معه إلى المدينة ، وفي طريق العودة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الفتح ، فقال صلى الله عليه وسلم "لقد أنزلت عليّ سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس[26] ، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم(إنا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا .وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا. هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)[27]. رحلة الفتح نقضت قريش شروط صلح الحديبية الذي عقدته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان عليه إلا أن يخرج ، خلال شهر رمضان سنة ثمان للهجرة ، في أزيد من عشرة آلاف مجاهد من أصحابه وأنصاره وتحقق بذلك وعد الله سبحانه ، ودخل الرسول وأصحابه مكة دون مقاومة تذكر ، وتحقق بذلك وعد الله عز وجل ونصره ودخل الناس : العرب ثم الأمم الأخرى من بعدهم في دين الله أفواجا (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا )[28]. رحلة حجة الوداع بعد هذا النصر العظيم كانت آخر رحلة للنبي هي إلى بيت الله الحرام لقضاء فريضة الحج، وخرج مع صلى الله عليه وسلم عشرات الآلاف من المسلمين رجالا ونساءا، ثم لبى الله مع المسلمين قائلاً "لبيكَ اللهم لبيك، لبيك لا شريكَ لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك، والملك، لا شريك لك" وبعد قضاء مناسك الحج وتعليم الناس مناسكهم خطب فيهم يوم عرفة خطبة الوداع. جاء في هذه الخطبة " أيها الناس ! اسمعوا مني ما أبين لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.أيها الناس: إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام… إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفس منه. ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد.فلا ترجعن بعدى يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت.أيها الناس : إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم . وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى.ألا هل بلغت ؟.اتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً، ألا هل بلغت ؟ [29]. قال العلماء ، ولما فرغ صلى عليه وسلم من خطبته هذه نزل عليه قوله سبحانه : (0لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )[30]. وهكذا حظيت البشرية بأحسن كتب الله، وخير رسول ، وأفضل العابدين والمجاهدين والداعين إلى الله ، والأسوة الحسنة للمسلم في كل شيء ، فتمت نعمة الله بذلك على عباده المؤمنين .
[1]سورة الزمر [2]سورة الأنبياء 107 [3]سورة التوبة 128 [4]سورة النحل 125/128 [5]سورة القلم 4 [6]سورة آل عمران 159 [7]سورة النحل 44 [8]سورة الأحزاب 21 [9]سورة التحريم 9 [10]سورة النساء 113 [11]حديث أخرجه مسلم [12] حديث رواه الترمذي http://www.alukah.net/sharia/0/79697/ [13]سورة الزمر 11/13 [14]سورة الزخرف 81/82 [15]سورة المزمل 1/8 [16]حديث أخرجه الترمذي [17]حديث متفق عليه library.islamweb.net/…/display_book.php?flag [18]صحيح البخاري library.islamweb.net/…/display_book.php?. [19]سورة الحجر 94 [20]سورة الشورى 7 [21]سور الإسراء 1 [22]سورة النجم 1/18 [23]سورة التوبة 40 [24]سورة النساء 97/99 [25]سورة الحج 39/40 [26]حديث رواه البخاري http://islamqa.info/ar/217721 [27]سورة الفتح 1/3 [28]سورة النصر [29]الراوي– المحدث: الألباني – المصدر: فقه السيرة. الصفحة 454 http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=322151 om[30]