سيقول قائل أن ما يقومون به هو من صميم عملهم و قد يجتهد أخر فيفصح أنهم يتقاضون رواتب مقابل أعمالهم و أقول أنا أن جائحة كورونا كشفت النقاب عن المعدن الأصيل لرجالات وهبوا أنفسهم مجانا و دون مقابل لنا نحن القابعون وراء شاشات هواتفنا في غرفنا الدافئة ، الى جانب أحبابنا و أعزائنا من فلدات أكباد و أزواج و أقارب. مناسبة هذا الكلام ما شاهته يوم أمس في وقت متأخر من الليل بعد أن قررت الخروج قسرا من حجري الصحي الى أقرب صيدلية حيت كنت أظن أن الشوراع ستكون خالية تماما من أي أحد فالوقت جد متأخر و الظلام حالك وحتى أضواء المنازل طافئة دليل نوم أصحابها ، حتى تفاجئت عند كل مداخل الأحياء و ملتقيات الشوراع بجنود الليل أسود النهار من عناصر الشرطة و السلطة محلية و ممتلي الجماعة لا زالو مرابطين ،صامدين ،بعيون تميل الى الى الزرقة من قلة النوم ، و كيف لا وهم في مداومة تقريبا مستمرة 24/24 بالكاد يغمضون أجفانهم ، لا يلتقون عائلاتهم الا لبضع دقائق حرصا على راحتنا نحن المواطنين . تسائلت مع نفسي من أين لهم بهده المعنويات المرتفعة جدا ،هل مستمدة من الاحساس بالواجب، هل من تمتمات الوالدين و دعائهم أوقت السجود في غسق الليل ، هل تطبيقا للتوجيهات العليا و احتراما لها ،هل دفاعا عن سمعة مدينة لا زلت تسجل صفر حالة حتى في زمن دروة الفيروس القاتل ،صراحة احترت في الاجابة ، تدكرت حينها أن المغاربة جميعا شعبا و ملكا ،عبر التاريخ ، سجلوا ملاحم بطولية في مواجهة كل الأزمات المحدقة بوطنهم آخرها حين تجند أكتر من 350000 منهم سنة 1975 ومشوا على الأقدام تلبية لنداء المرحوم الحسن التاني في مواجهة كورنا الاستعمار ،فالتاريخ يعيد نفسه بأشكال مختلفة و البطولات تتجدد في مواجهة العدو الجديد كوفيد 19.