كثر الحديث هذه الأيام عن المشروع الذي تسعى الحكومة إلى تنزيله بخصوص إصلاح صندوق التقاعد، والذي يمكن تلخيصه في النقط التالية: رفع مساهمات الموظّفين في صندوق التقاعد من 10 % إلى 14 % من قيمة أجورهم. رفع سن التقاعد تدريجيا من 60 سنة حاليا إلى 65 سنة في 2021 تخفيض نسبة احتساب المعاش من 2.5 % إلى 2 % ما يعني انخفاض قيمته. رفع عتبة الحصول على التقاعد المبكّر من 21 سنة إلى 26 سنة احتساب المعاش على أساس متوسّط أجر السنوات الثماني الأخيرة عوض آخر أجر. وبالنظر لهذه الإجراءات التي أحيلت على المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليدلي برأيه فيها نستنتج أن المتضرر الأكبر هو الموظف المغلوب على أمره، حيث كشفت أرقام أولية صادرة عن الجمعية المهنية لمؤسسات التمويل أن الموظفين والأجراء يشكلون أهم زبناء قروض الاستهلاك في المغرب بنسبة تصل 77 بالمائة من عدد الملفات المعروضة على مؤسسات القروض. وأبرزت الإحصائيات أن أزيد من ثلث الموظفين المغاربة انخرطوا في مسلسل قروض الاستهلاك، وأن ثلثهم يعانون من ''التخبط والاختناق'' في حياتهم المعيشية من جراء تلك القروض. كما أن آلاف المقترضين لا يتبقى من أجرهم الشهري بعد خصم استحقاقات الديون سوى أقل من 2000 درهم، وهو ما يضر بالقدرة الشرائية لشريحة الموظفين والأجراء بشكل عام. ضمن هذا الزخم الرقمي الإحصائي نجد الموظف المغربي في أمس الحاجة للترقية الداخلية أو أي زيادة شحيحة من طرف الحكومة يسد بها احتياجاته الأساسية لذا يصعب على حكومة بنكيران اقتطاع تلك المبالغ المعلن عنها من طرف مجموعة من المنابر الإعلامية، لأن الحكومة تعلم تمام العلم أن السلم الاجتماعي مرتبط بأجرة الموظف وأن أي مساس بها هو مساس بالأساس بالسلم الاجتماعي، خصوصا أن سياسة تحميل كلفة الإصلاح لفئات محدودة غالبيتها تنتمي إلى شرائح الدخل المتوسط والضعيف، لن يكون كافياً لتحقيق توازن مالي مستدام لمنظومة التقاعد. على الحكومة والنقابات مسؤولية ابتكار سياسات اجتماعية بديلة تتبنى مقاربة شمولية لمنظومة الحماية الاجتماعية في المغرب، تؤسّس لعقد اجتماعي جديد مبني على إحقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئات المجتمع كلها وعدم الاكتفاء بحلول ترقيعية همها الوحيد الخروج من المشكل بضع سنوات فقط.