في كتابه "الصحافة بشمال المغرب" تحدث النقيب "الحبيب الخراز" عن الحاج "محمد الصفار" باعتباره أول صحافي مغربي على مستوى العالم العربي والإفريقي ضمن رواد الصحافة العربية بتطوان وشمال المغرب، فمن هو الحاج محمد الصفار؟. إنه الفقيه الأديب والعالم "محمد الصفار" تولى الكتابة الإدارية عند القائد "عبد القادر أشعاش"، وكان له خط جميل ورائع أدهش السلطان عبد ارحمن بن هشام العلوي من خلال رسائله التي كانت تصل إليه من القائد أشعاش باسمه، فانتدب مع قائده في سفارة إلى باريز لملاقاة ملكها لويس الثامن عشر، وسجل في رحلته التي كتبها بعد عودته من السفر ما رأى وشاهد من عوالم حضارية جديدة نقلها بأمانة في كتابه الرائع (الرحلة التطوانية إلى الديار الإفرنسية سنة 1845م)، ثم ألحقه السلطان عبد الرحمن بن هشام بديوانه، ثم عمده وزيرا من وزرائه مكلف بتلقي الشكايات، فعاش عهده، وعهد ولده محمد بن عبد الرحمن بن هشام، وعهد حفيده السلطان مولاي الحسن الأول الذي مات بين أحضانه في رحلة إلى دار بن زيدوح عام 1298 ه/1880م)،[1] محمد ابن عبد الله الصفار، وزير محنك، من أهل مدينة تطوان، وبها نشأ وتعلم، قبل أن ينتقل لاستتمام دراسته بجامع القرويين بفاس، حيث أخذ بها عن جماعة من أبرز علماء وقته، كالفقيه سيدي محمد بن عبد الرحمان الحجرتي ومن في طبقته. وقد أسندت للمترجم وظائف مخزنية سامية، لعل من أبرزها ارتقاؤه إلى منصب الصدر الأعظم في السنوات الأخيرة من حكم السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام . توفي في إحدى حركات السلطان المولى الحسن الأول، بقرية دار ولد زيدوح ببلاد تادلا، مابين مدينتي فأس ومراكش، وحمل جثمانه في محفة خاصة إلى مراكش، وأقبر داخل قبة الولي الصالح سيدي يوسف بن علي خارج باب أغمات، وذلك بعد يومين من وفاته التي كانت فجر يوم الأربعاء 10 ذي القعدة الحرام عام 1298ه – شتنبر 1881م.[2] ومن خلال رحلته الفرنسية قام الحاج "محمد الصفار" بوصف الصحافة الفرنسية في تلك الإبان حيث استطاع أن ينقل العمل الصحفي الفرنسي بأسلوبه الرائع البسيط والمفهوم في عرض شيق ممتع، وبهذا العمل اعتبره "الحبيب الخراز" أول صحافي مغربي على مستوى العالم العربي والإفريقي كتب عن صحافة الغرب، حتى أصبحت رحلته عالمية ترجمت إلى الكثير من اللغات الأجنبية، ولم يدانيه في هذا العمل إلا الشيخ "رفاعة الطهطاوي" في كتابه (تلخيص الإبريز في تلخيص باريز) الذي صدر بالقاهرة سنة 1834م. ويضيف النقيب أنه: من حق المغرب أن يفتخر بالصفار كأول أديب صحافي على مستوى الوطن العربي، نقل للمغاربة زمانه أخبار الصحافة الفرنسية منذ مائة وخمسة وستين سنة مضت. يقول الأستاذ سعيد بن رحمون: وقفنا مع الصفار في رحلته إلى فرنسا على العديد من مظاهر الحضارة الفرنسية، عكف على تعداد العديد منها، مظاهر حياتية، عاشها أو سمع عنها من غيره، وقفنا على انبهار الأنا المغربية بالآخر الفرنسي، بل ووقفنا على ذوبانها فيه، وهي الأنا الخارجة للتو من معترك الهزيمة القاسية، نسيت لفترات عديدة أنها أنا إسلامية داخل بيئة كافرة باصطلاح الفقهاء، والذي نقل لنا تلك المشاهد الرائعة واحد منهم، كما وقفنا على الرجة التي أحدثها تواجد المصحف بين أيديها، مما شكل صفعة للأنا أفاقتها من نومها واستكانتها له، لكننا أيضا وقفنا على روح التسامح المتبادلة بين الأنا والأخر، إذ لم يحدثنا الصفار، إلا بإشارات عابرة عن صدفة لقاء الأخر مع الآنا المغربية الغريبة عنه، بل حدثنا عن التقدير الذي أبان عنه الفرنسيون للوفد المغربي، وعن مشاعر الرومنسية التي بعثها تواجد أحفاد "آل السراج" بين الفرنسيين، أما اللغة باعتبارها عائقا تواصليا فقد كان شبه مغيب على الرغم من تأثيره في الرحلة، وتأثيره على الصفار أساسا.[3] ورحلة محمد بن عبد الله الصفار الأندلسي التطواني (1845/1846م)؛ حققها وقدم لها سوزان ميللر؛ وعرّب الدراسة وشارك في التحقيق خالد بن الصغير، ونشرتها دار السويدي للنشر والتوزيع؛ المؤسسة العربية للدراسات والنشر. الهوامش: [1] [تاريخ الصحافة بشمال المغرب، الحبيب محمد الخراز، ص:198]. [2] أنظر ترجمته في: إتحاف المطالع لابن سودة 1 : 273 . معلمة المغرب 16 : 5541 – 5543 . موسوعة أعلام المغرب 7 : 2669 . فواصل الجمان في أنباء وزراء وكتاب الزمان، لغريط 70- 71 رقم 6 . الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 7 : 34 – 35 رقم 861 . تاريخ تطوان، لمحمد داود 7 : 78 . إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، لابن زيدان 5 : 224 و 414 [3][ قراءة في رحلة الصفار إلى فرنسا 1845-1846، سعيد بنرحمون، موقع الحوار المتمدن-العدد: 3710 - 2012 / 4 /27 ].